سعيد الطنيني : نجم من صحافة الأمس وشاعر يتغنى بالفصحى!!
موقع تنومة - عبدالله محمد الشهري كاد الزمن أن يطمس معالم هذه الشخصية المثقفة , وأصبح نجم شاعر الفصحى قريباً من الأفول ولم يعد للدواة ريشة تغوص في أعماقها بحثاً عن مداد ينثر الألقا.
في صحيفة البلاد مارس التثقيف الصحي للقراء بمهنية ,وعن جبال السروات كتب أجمل العبارات وسلط الضوء على قراها بحسه المرهف ونظم القصيد في أبهى حلله , شق طريق النجومية عبر هذه الصحيفة الرائدة في تاريخ الصحافة السعودية , نديمه الحرف وعنوانه الإبداع والتألق .
من زملاء عصره أسماء لامعة في الصحافة المحلية يشار لها اليوم بالبنان مثل الأساتذة (يحي باجنيد وعلوي طه الصافي وهاشم عبده هاشم ومحمد عبد الواحد )وهم لا يزالون حتى هذه اللحظة رموزاً شامخة في ساحة الصحافة , أما ضيفنا فقد توقف عن الركض الصحفي في منتصف التسعينات الهجرية بعد ثمانية أعوام قضاها في بلاط صاحبة الجلالة ليخبو الوهج ويتوقف نبض القلم ويتحول الاهتمام من الصحافة والثقافة إلى تكريس الوقت كاملاً للمهنة التي أحبها وأمضى فيها أعواماً طويلة من العمل الدؤوب في أروقة الصحة متنقلاً مابين جدة والرياض وأبها ليستقر به المقام مسؤولاً عن القطاع الصحي شمال أبها من باللحمر حتى ربوع السرو شمال بني شهر لمدة خمسة وعشرون عاماً حتى أحيل على التقاعد , ولأن الحنين للماضي الجميل بعبقه الساكن في خلجات القلب قد عاوده بعد أن أصبح صفحة جميلة من صفحات ماضيه تقلبها رياح الذكريات حينما بعث إلينا في الموقع بمشاركة رائعة أعادت اكتشافه ليطل من جديد في لحظة لم تكن متوقعة لتدور عجلة الزمن مرة أخرى في حلة زاهية من التألق والإبداع.
ضيفنا في هذا اللقاء هو الأستاذ الشاعر والكاتب المتميز/ سعيد علي محمد ال عباس الشهري ( أبو نصار) من أبناء تنومة استضفناه في هذا اللقاء العابرلنعيش وإياكم بعض اللحظات الماتعة معه متمنين منكم أن تتحفونا في نهايته بتعليقاتكم وآرائكم عن ضيفنا العزيز وإليكم نص الحوار.
المحرر على اليمين يتحدث مع الاستاذ سعيد
*: سؤال تقليدي يكاد يكون أبو الأسئلة والمدخل الرئيس لكل اللقاءات نود من خلاله أن نبحر معك في أجواء هذا اللقاء حينما نتعرف أولاً على بطاقتك الشخصية كضيف على موقع تنومة الإلكتروني ؟
الاسم / سعيد علي محمد ال عباس الشهري
ولقب الاسرة (الطنيني)
من مواليد 1365هـ ولي من الابناء والحمد لله بنت واحدة وخمسة اولاد
متقاعد بعد اكمال المدة النظامية.
*:تعتبر الحياة مدرسة كما يشاع ولكن تبقى العملية التعليمية هي الأساس في بناء الإنسان ونقله من دائرة الجهل إلى فضاء المعرفة فماذا عن مسيرتكم التعليمية ومتى بدأت ومن أين وكيف كانت ؟
أول تعليمي الابتدائي بمدرسة سبت تنومة 1382هـ ثم اكملت الدراسة المتوسطة والمعهد الصحي بالرياض وتم تدريبي بمستشفى الطلبة بوزارة المعارف عام 1385هـ والتحقت أيضاً بمدرسة البريد قبل أن ينشأ معهد البريد وحصلت على شهادتها
عينت بالحرس الوطني "الخدمات الطبية" آواخر عام 1386هـ وكنت أول سعودي يعين على وظيفة صحية بالحرس الوطني بالمنطقة الغربية حيث كنا نمارس عمل صرف الادوية والتمريض والادارة مجتمعة دون تخصص وكان يسمى عملنا مأمور صحي مساعد فني- وهكذا
وأسهمت في تأسيس الخدمات الطبية بالحرس الوطني بجدة وافتتاح مستوصفات في بعض المناطق
وابتعثت داخلياً لإكمال معادلة الدبلوم الصحي بمعهد جدة وانا على رأس العمل وحصلت على شهادات متنوعة في اللغة الانجليزية وفنون الادوية عن طريق المراسلة بالجامعة الامريكية ببيروت
ومارست اعمال متعددة منها سكرتير او مديرإدارة ثم مسؤول علاقات عامة ومعظم الوقت الذي امضيته بجدة كنت امارس العمل الصحفي بمسى محرر غير متفرغ أي منذ عام 1387هـ حتى 94أو 95 هـ وفي عام 1400هـ تم نقلي حسب طلبي من الخدمات الطبية بالحرس الوطني الى وزارة الصحة وبقيت حتى عام 1425هـ حيث أحلت نظاماً للتقاعد.
*: هناك محطات في حياة الإنسان سواءً أثناء الدراسة أو بعدها وربما تعتبر نقطة تحول في مسيرة أي إنسان فهل كان هناك نقطة تحول في حياتك بسبب حدث معين ؟
كانت نقطة التحول بالنسبة لي أن بلدتنا ءآنذاك تنومة لم يكن بها تعليم متوسط ولايوجد الا بالنماص ولوجود شقيقي محمد بالرياض ولأن الهجرة الداخلية كانت هدف بذاته فضلت السفر الى الرياض رغم صغر السن وقلة الامكانات التي لا تسمح بمواصلة الدراسة أكثر مما حصلت عليه وكان المهم أن احصل ومن قبلي على فرصة عمل لتحسين الوضع الشخصي والاسري وكنا نعتبر أنفسنا مغتربين لبعد المسافة والاسرة والبيئة الاولى في حياتنا .
*: لم يكن لدى الجيل السابق تخطيط ورسم معالم طريق للمستقبل كما هو الآن ولكن يلاحظ أن ذلك الجيل كان يبدع ويتألق في المهام الموكلة إليه بعكس جيل اليوم الذي انهمك في أمور جانبية حدت من تألقه وإبداعه رغم تحديد الإتجاه من وقت مبكر فهل تؤمن بهذه النظرية وبماذا تنصح جيل اليوم ؟
بالطبع لم يكن لدينا أي تخطيط أو رسم معالم مستقبلية ،لكن كان يحفزنا التواجد في حياة مدنية تختلف عن حياتنا القروية وهذا في حد ذاته هدفاً مباشراً أو غير مباشر
وكان من مميزات تلك الحقبة وجود وتوفر الوظائف حتى باقل المؤهلات
وكانت سمة المجتمع كلّه المحافظة على العادات والتقاليد الاصيلة التي تحث على القيم والمبادئ والموروث الاجتماعي والثقافي السائد الى جانب تحسين الوضع الشخصي والاسري والزواج وهي اهم الاهداف التي يفكر فيها جيلنا آنذاك .
اما شبابنا حالياً فقد هيئت له وسائل كثيرة منها التعليم والمدنية والمواصلات والتقنيات الهائلة في وسائل الاتصالات مما أثر على عطاء أو طموح متفاوت فمنهم من ساير الركب إيجابا او العكس لكن الامال كبيرة في ان تكون القاعدة العريضة من شبابنا هي التي تعمل وتطمح ايجابا لا سلباً.
نسال الله ان ياخذ بايديهم لبناء مجتمعهم ووطنهم وخدمة دينهم والقيم السامية التي يحث عليها وقد أنشات مؤخرا قصيدة شعرية تعبر عن الامال في شبابنا وستنشر قريبا ومنها
ياشباب الامة المثلى أما آن أن نعمل من دون مرا
شيدوا بالعلم في أوطانكم نهضة كبرى وريف أخضرا
وارفعو نحو العلا هاماتكم وازرعوا الخير نقيا مثمرا
همم تسمو على شمّ الذرا تعشق المجد وتأبى القهقرا
*: بودنا أن تحدثنا عن مسيرتك العملية في وزارة الصحة خاصة وأنك مارست العمل الصيدلي كما علمت وما هي أبرز معوقات العمل في هذا المجال ؟
انتقلت الى الصحة مديرية عسير عام 1400هـ ومارست مسمى عملي فني صيدلة لمدة عامين ثم حدث تصنيف تم من خلاله تكليفي مديراً لمركز الرعاية الصحية بسبت تنومة وهو من المراكز ذات الفئة الكبيرة المسجلة بوزارة الصحة وبعد انتقاله الى مبناه الحكومي الجديد الحالي ، قمت بعمل المستطاع لطوير خدماته الصحية وتوفير أشياء لم تكن متوفرة من قبل كالأسنان والاشعة والمختبر وزيادة الطاقم الفني والاداري والسجلات الصحية الاسرية حيث تم تطبيق مفهوم الرعاية الصحية الاولية الذي اوصت به منظمة الصحة العالمية وتم تطبيقه في المملكة وقمت بتأسيس مركز لمكافحة الامراض الطفيلية (البلهارسيا واللشمانيا) ثم تأسيس إدارة قطاع لمراكز الرعاية الصحية مقره تنومة تتبعه المراكز الصحية من (صبح ببللحمر جنوباً حتى ربوع السرو شمال بني شهر) وتضم خمسة وعشرون مركزاً صحياً بما فيها مركز مكافحة الطفيليات ونواقل المرض الذي لازال يعمل حتى الان ويخدم مساحة واسعة حتى تم تقليص والقضاء على الاصابات البشرية بالبلهارسيا من 25% الى أقل من 2% على مدى عشرة اعوام.
*: بودنا أن تحدثنا عن البدايات الحقيقية لإفتتاح المراكز الصحية في تنومة وهل تتذكر أول طاقم طبي قدم للعمل في تنومة ومتى كان ذلك؟
اذكر ان البدايات للخدمات الصحية بدأت بتنومة بمأمور صحي متعاقد عام 1385هـ تقريباً وكان يقوم بعمل طبيب وممرض وصيدلي ثم فُتح بعده بسنوات مثله بقرى ال دحمان الذي سمي فيما بعد بسهل تنومة وبعده أيضاً بعدة سنوات افتتح آخر بفرعة قريش وكانت الخدمات بدائية جداً لا يتسع المجال لذكرها ولا انس هنا أن انوّه بأن الفضل بعد الله في المطالبه والاجتهاد في تطوير الخدمة الصحية بمستوصف سبت تنومة وهو الاسم السائد قبل تطبيق مسمى الرعاية الصحية الى الشيخ عز الدين بن شار الذي حسب علمي انه ساهم في احضار اول طبيب يتم تعيينه بسيارته الخاصة لصعوبة الطرق في حينه واحضار الادوية ايضا وبعض المعدات البدائية وهذا يعود الى التعجيل من جانبه في تقديم الخدمات الصحية لأبناء مجتمعه وله أياد اخرى امد الله في عمره بالصحة والعافية
ثم بدأت انطلاقة الخدمات الصحية كافضل مما قبل وافتتح مركز صحي بترج شمال تنومة وتدعيم المراكز بسيارات اسعاف مهيأة وزيادة في الكوادر الفنية .
*: هل حظيت تنومة بحقها من الرعاية الصحية من وجهة نظرك خاصة وأنها تعتبر من المدن الكبيرة وهل تأخر إنشاء مستشفى تنومة الذي يترقب الناس فيها حلم إفتتاحه قريباً بسعة (50) سريراً خاصة وأن المطالبة بإنشائه قد إستمرت أكثر من ثلاثين عاماً وفق بعض المصادر حتى تحقق الحلم وهل هذه الأسرة كافية لمدينة مترامية الأطراف وما يتبعها من قرى كثيرة ؟
حظيت مدينة تنومة بقسط لا بأس به من الخدمات الصحية إذ يوجد بها اربعة مراكز صحية منها اثنان هما السبت والسهل مبنيان حكوميان والاخرى مستأجرة وفتح مؤخراً مركز صحي بمنصبة بادية بني شهر قرب بيشة وهي تتبع تنومة ادارياً وانتماء وخدمياً لكن الحاجة الملحة هي سرعة افتتاح مستشفى تنومة الذي اصبح جاهزاً لأن وجود الخدمة السريرية لمدينة كتنومة أصبحت ضرورة ومطلبا تحتمه الحاجة القائمة للتخفيف من معاناة السكان بالذهاب الى مستشفيي النماص وبللسمر ونسبة لأجواء المنطقة المناخية والبعد أكثر من أربع وعشرين كيلومتراً الى احد المستشفيين المذكورين، ثم قياساً لأزدياد عدد السكان وتضاعفه في مواسم الاصطياف والاعياد وتعدد الحوادث لوقوع تنومة في تقاطع طرق ابها الطائف بيشة تهامة
مع العلم بأنني كمسؤول صحي سابقاً الى جانب بعض اخواني المهتمين بتطوير الخدمات الصحية نعتبر من أوائل من طالب بالمستشفى منذ ثلاثون عاماً مضت مثلما ذكرت في سؤالك .
*: تخصص العديد من أبناء تنومة في مجالات طبية مختلفة وعملوا في مختلف مناطق المملكة فهل حان الوقت لأن يكون لهم دور في تدعيم الجانب الصحي من خلال إفتتاح مراكز طبية أهلية إستثمارية تخدم المنطقة كما هو الحال في مناطق المملكة الأخرى ؟
نتطلع الى ان يقوم المقتدرين من ابناء تنومة العاملين كأطباء بشريين لأقامة مشروع طبي متكامل يسهم في تقديم الخدمة الطبية المتخصصة للأهالي يساند الخدمات الحكومية الحالية والمستقبلية حيث ان الحاجة الى توفير الخدمات الطبية الحديثة اصبحت ملحة جداً .
*: للحديث عن المجال الصحي شجون متعددة وقد لا نستطيع طرق كافة الجوانب المتعلقة به ولكن بوجه عام نود ان نختم بسؤال في هذا المجال حول تجربتك العملية وهل أنت راض عما قدمته قبل أن ننتقل إلى الجانب الآخر من تجربتك مع الثقافة والصحافة والشعر؟
تجربتي العملية برغم اننا عملنا في ظروف تختلف كثيراً عن الوقت الحاضر خاصة في بداياتها من ناحية الطرق ووسائل النقل والاتصال والامكانات وما تيسر منها فيما بعد ساعد على تكثيف العمل وتطويره فان قناعتي بما قدمته حسب امكاناتي الشخصية او العلمية ما وسعني بمعاونة اخوة وزملاء مخلصين كثر لا يتسع المجال لذكرهم والقيام بأعمال متعددة منها افتتاح مراكز وايجاد مختبرات وتوفير وسائل نقل ووجود الروح الايجابية مع زملائي قد خفف المعاناة حيث كنا نعمل كفريق واحد بعيداً عن المركزية وإذا كان لي من ذكريات او اعتزاز فهو ما بنيته من علاقات اخوية طيلة عملي وما استطعت تقديمه كواجب انساني ووظيفي لمجتمعي سواء في سابق العمل أو أواخره وأسال الله العفو عن التقصير وقناعتي هي بما ذكرت آنفاً.
*: من المعلوم أن الثقافة والشعر وحتى الصحافة لا تعتبر مصدر رزق ولكنها هواية محببة للنفس وتضع الأديب في منزلة عالية تختلف عن عامة الناس فماذا عن تجربتك مع الثقافة بوجه عام والشعر الذي أبدعت فيه وما هي علاقتك بصحيفة البلاد؟
أما تجربتي مع الصحافة فقد بدات مبكراً في عام 1387هـ إذ كنت في مدينة جدة بحكم عملي ولقرب دار الاصفهاني من سكني حيث كانت دار الاصفهاني مجمع لطباعة معظم الصحف الرائدة بالمملكة لتلك الفترة ولازالت كصحيفة البلاد والمدينة وعكاظ والندوة وكان لدي طموح الشباب فعملت ناقلاً للأخبار وبالاخص الطبية وما يتعلق بشؤونها فنياً وإدارياً الى جانب التحقيقات المصورة لبعض المرافق ومقابلة مسؤوليها صحفياً حتى بدأ تكليفي محرراً غير متفرغ بصحيفة البلاد فأشرفت على الزاوية الطبية الاسبوعية وبدات في نشر كتاباتي الجغرافية والتاريخية والاجتماعية لمناطق السروات تحت عنوان ( مشاهدات في ربوع السروات) حيث كانت تحتل نصف صفحة داخلية اسبوعياً وكانت تشمل التعريف بمناطق بلادنا من بني مالك وبالحارث الى النماص وتنومة وتهامة وغيرها وكنت احضر كثيرا من المؤتمرات مندوباً عن صحفة البلاد الى جانب زملاء لي من الصحف الاخرى قبل إنشاء وكالة الانباء السعودية وكنت أحمل ميولا أدبية فكتبت بعض المقطعات الشعرية كبدايات وكتبت حتى عن الفنانين بالجزيرة العربية كأبراهيم محمد الماس واحمد القعطبي ومحمد عبده في بداياته والذي انطلق بقوة
وباندماجي مع مجالس الادب واطلاعي على المجلات والصحف التي كانت تهتم بالادب والادباء والانتاج الشعري كمجلة المنهل وقافلة الزيت ومجلة العربي شحذ لدي الرغبة الجامحة لمتابعة ما يكتب في تلك المصادر والندوات والتي كان روادها (عبدالقدوس الانصاري ومحمد حسن عوّاد وعبد السلام الساسي
ومحمود عارف ومحمد علي مغربي ومحمد ابراهيم جدع وأحمد قنديل وحمزة شحاتة ) واعلام جنوب المملكة (كمحمد احمد عيسى العقيلي ومحمد علي السنوسي ومحمد زارع عقيل ) مما كوّن لدي ثقافة ومرجعية أدبية بما فيها الشعر الفصيح وقد كنت اعرض معضم نتاجي الشعري على الاستاذ محمد حسن عوّاد وابو تراب الظاهري
وكنت عضوا نشطاً في نادي جدة الادبي و الاسهام في النشرات الادبية التي كانت تخرجها دار الاصفهاني باسم النتاج الادبي للشباب وكانت تلك النشرات اسبوعية ومن زملائي صحافة وادباً الاستاذ (يحيى باجنيد وعلوي طه الصافي) الذي اصبح مديراً لتحرير مجلة الفيصل لاحقا وكذلك (عبدالله سعيد الغامدي وهاشم عبده هاشم ومحمد عبد الواحد) ووو.. الخ .
*: شقيقك الأكبر كاتب رياضي متمرس في صحيفة الجزيرة وأنت صحفي سابق في صحيفة البلاد وشقيقك الأصغر شاعر شعبي موهوب وله مؤلفات شعرية فبماذا نفسر هذه الظاهرة داخل الأسرة؟
تفسيري لهذه الظاهرة ان اسرتنا اسهمت في نشر الثقافة صحافة وشعراً وفناً فهي اذا اسرة متعددة المواهب ومحبة للثقافة وليس هذا للدعاية فشقيقي محمد وهو أكبرنا سناً بدأ في الصحافة متأخراً وخاض تجربة جريئة في الصحافة الرياضية ولازال لكن له السبق اعلامياً حيث كان يقدم فقرات فنية بما فيها الشعر الغنائي وسبق أخي عبدالله في الشعر الشعبي والموروث الفني كما ان له اسهامات في مواضيع متعددة صحفياً الى جانب تخصصه ككاتب رياضي مشاكس وشقيقي عبدالله وهو المدرس والمربي اولاً وله لمسات فنية في الرسم والخط ومارس الشعر الشعبي ولازال خاصة شعر العرضة والالوان المحلية الاخرى والانتاج الشعري العامي حيث انه من فرسانه حالياً لكنه يعجبني شعره في العرضة أكثر كما لا يفوتني ان لشقيقنا الاستاذ يوسف اسهامات شعرية وادبية منها ما نشر ومنها ما زال مطموراً وهناك شقيقي سعد المعلم والذي لازال على رأس العمل هو أشهر وأول من حمل كاميرا الفديو بتنومة لتصوير وتوثيق معظم الانشطة التعليمية والعلمية والشعبية والمناسبات الخاصة والعامة الى جانب موهبته في الرسم والخط العربي وله السبق اعلاميا داخليا بما قام به من توثيق ما ذكر عنه من أكثر من ثلاثين عاماً وبودي أن يكون أخي عبدالله محمد فائز الشهري وهو الكاتب والقاص والصحفي اللامع قد سألني عن رأيي في الشعر الشعبي لكنت أجبت انني أقرأ وأسمع قليله وجيده والمبتعد منه عن التقليد والتكلف والابتذال والتسويق أما كثيره فغالباً ما يكون غثاً سامجاً معناً واسلوباً وفائدة .
*: تشكلت المجالس الثقافية وما يسمى بالإثنينيات والثلوثيات والضحويات وغيرها من المنتديات الثقافية التي يتبناها بعض المثقفين ومنها إثنينية تنومة التي تهتم بالجانب الثقافي فهل ترى من وجهة نظرك أنها قامت بدورها كما ينبغي وهل ساهمت في بروز جيل مثقف من الجيل الحالي ؟
نعم إن وجود وتنميه هذه المنتديات يعتبر رافداً من الروافد المهمة لأحتضان المواهب وتحفيز المبدعين في المجال الادبي والبحثي والشعر الفصيح وانوّه هنا بأثنينية تنومة الثقافية والتي اسسها واشرف وأدار انشطتها الدكتور صالح ابو عراد فقد أثرت الحياة الادبية وجمعت معظم مثقفي تنومة وما جاورها واستضافت فعاليات بحثية وحوارية ولهذا الرجل قصب السبق في العمل المؤسسي الادبي والاعلامي يساعده في ذلك الايدي الخيرة من ابناء هذه المنطقة وتعتبر هذه الاثنينية في عامها التاسع نواة ولبنة لمركز اعلامي ثقافي شامل أو نادٍ ادبي مصغر فالشكر له لما قام به من جهود لتفعيل الانشطة الثقافية المتنوعة وإدارته البارزة والموفقة بإذن الله مع ذكر الثناء والشكر الجزيل لبلدية تنومة رئيساً وفريق عمل لأقامة وتجهيز المرفق السياحي وصالاته ومرافقه التي خدمت وتخدم مدينة تنومة ومثقفيها وزوارها وانشطتها في مجالات متعددة .
*: قبل أن نختم معكم هذا اللقاء بودنا أن تتحدث عن بعض الجوانب المتعلقة بالشأن الثقافي وأسباب توقفكم عن العمل الصحفي وعن العلاقة التي تربط بينكم في المجال الصحفي مع الأستاذ/ ناصر الشهري مدير تحرير صحيفة البلاد ؟
توقفي عن العمل الصحفي كان بقناعة وإن كنت اكتب بين حين واخر في بعض الصحف ولأن الساحة تزخر بقدرات شابة هائلة ثم اتجاهي الى هموم العمل والاسرة وبعدي عن دور النشر بعد انتقالي الى تنومة منذ عام 1400هـ وبالرغم من ذلك اسهمت باسهامات متقطعة شعراً وكتابة في صحيفة الندوة وأجنحة المسافر واقامة امسيات في النادي الادبي والتنشيط السياحي والمنتديات الثقافية الاخرى كالامسيات الشعرية
وأما ما يجمعني باخي الفاضل والكاتب والاعلامي البارز ناصر بن عبد الرحمن الشهري هو التقدير والاحترام المتبادل بصفة شخصية وقرابة وما يخص العمل الصحفي فقد بدأ أخي أبو نواف الصحافة من حيث انتهيت وخاض غمار الصحافة حتى وصل الى إدارة صحيفة البلاد العتيدة وهو أهل لما كلف به الى جانب ذلك فأننا نفخر به كأعلامي
اما علاقتي به صحفيا فأنني منذ توقفي عام 1395هـ لم أعد اكتب في صحيفة البلاد وتقلص انتاجي صحفياً لأنه حمل اللواء من هو أكفأ وأجدر وأقدر مني كأبي نواف
وختاماً أقدم شكري لموقع تنومة الإلكتروني على استضافتي في هذا اللقاء وربما كان يصبو القائمون عليه إلى أن يجد المطّلع في ثنايا هذا الحوار مادة دسمة فإنني ارجو ان يحقق ولو جانبا مما يصبو اليه مع اعتذاري لعدم السرد لأن الذاكرة اصبحت تخونني وأخشى ان تكون الاطالة مملة .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
أجرى الحوار وكتب مقدمته من إدارة موقع تنومة الإلكتروني
عبد الله محمد فايز الشهري
تصوير
بدر بن سعيد الطنيني
في صحيفة البلاد مارس التثقيف الصحي للقراء بمهنية ,وعن جبال السروات كتب أجمل العبارات وسلط الضوء على قراها بحسه المرهف ونظم القصيد في أبهى حلله , شق طريق النجومية عبر هذه الصحيفة الرائدة في تاريخ الصحافة السعودية , نديمه الحرف وعنوانه الإبداع والتألق .
من زملاء عصره أسماء لامعة في الصحافة المحلية يشار لها اليوم بالبنان مثل الأساتذة (يحي باجنيد وعلوي طه الصافي وهاشم عبده هاشم ومحمد عبد الواحد )وهم لا يزالون حتى هذه اللحظة رموزاً شامخة في ساحة الصحافة , أما ضيفنا فقد توقف عن الركض الصحفي في منتصف التسعينات الهجرية بعد ثمانية أعوام قضاها في بلاط صاحبة الجلالة ليخبو الوهج ويتوقف نبض القلم ويتحول الاهتمام من الصحافة والثقافة إلى تكريس الوقت كاملاً للمهنة التي أحبها وأمضى فيها أعواماً طويلة من العمل الدؤوب في أروقة الصحة متنقلاً مابين جدة والرياض وأبها ليستقر به المقام مسؤولاً عن القطاع الصحي شمال أبها من باللحمر حتى ربوع السرو شمال بني شهر لمدة خمسة وعشرون عاماً حتى أحيل على التقاعد , ولأن الحنين للماضي الجميل بعبقه الساكن في خلجات القلب قد عاوده بعد أن أصبح صفحة جميلة من صفحات ماضيه تقلبها رياح الذكريات حينما بعث إلينا في الموقع بمشاركة رائعة أعادت اكتشافه ليطل من جديد في لحظة لم تكن متوقعة لتدور عجلة الزمن مرة أخرى في حلة زاهية من التألق والإبداع.
ضيفنا في هذا اللقاء هو الأستاذ الشاعر والكاتب المتميز/ سعيد علي محمد ال عباس الشهري ( أبو نصار) من أبناء تنومة استضفناه في هذا اللقاء العابرلنعيش وإياكم بعض اللحظات الماتعة معه متمنين منكم أن تتحفونا في نهايته بتعليقاتكم وآرائكم عن ضيفنا العزيز وإليكم نص الحوار.
المحرر على اليمين يتحدث مع الاستاذ سعيد
*: سؤال تقليدي يكاد يكون أبو الأسئلة والمدخل الرئيس لكل اللقاءات نود من خلاله أن نبحر معك في أجواء هذا اللقاء حينما نتعرف أولاً على بطاقتك الشخصية كضيف على موقع تنومة الإلكتروني ؟
الاسم / سعيد علي محمد ال عباس الشهري
ولقب الاسرة (الطنيني)
من مواليد 1365هـ ولي من الابناء والحمد لله بنت واحدة وخمسة اولاد
متقاعد بعد اكمال المدة النظامية.
*:تعتبر الحياة مدرسة كما يشاع ولكن تبقى العملية التعليمية هي الأساس في بناء الإنسان ونقله من دائرة الجهل إلى فضاء المعرفة فماذا عن مسيرتكم التعليمية ومتى بدأت ومن أين وكيف كانت ؟
أول تعليمي الابتدائي بمدرسة سبت تنومة 1382هـ ثم اكملت الدراسة المتوسطة والمعهد الصحي بالرياض وتم تدريبي بمستشفى الطلبة بوزارة المعارف عام 1385هـ والتحقت أيضاً بمدرسة البريد قبل أن ينشأ معهد البريد وحصلت على شهادتها
عينت بالحرس الوطني "الخدمات الطبية" آواخر عام 1386هـ وكنت أول سعودي يعين على وظيفة صحية بالحرس الوطني بالمنطقة الغربية حيث كنا نمارس عمل صرف الادوية والتمريض والادارة مجتمعة دون تخصص وكان يسمى عملنا مأمور صحي مساعد فني- وهكذا
وأسهمت في تأسيس الخدمات الطبية بالحرس الوطني بجدة وافتتاح مستوصفات في بعض المناطق
وابتعثت داخلياً لإكمال معادلة الدبلوم الصحي بمعهد جدة وانا على رأس العمل وحصلت على شهادات متنوعة في اللغة الانجليزية وفنون الادوية عن طريق المراسلة بالجامعة الامريكية ببيروت
ومارست اعمال متعددة منها سكرتير او مديرإدارة ثم مسؤول علاقات عامة ومعظم الوقت الذي امضيته بجدة كنت امارس العمل الصحفي بمسى محرر غير متفرغ أي منذ عام 1387هـ حتى 94أو 95 هـ وفي عام 1400هـ تم نقلي حسب طلبي من الخدمات الطبية بالحرس الوطني الى وزارة الصحة وبقيت حتى عام 1425هـ حيث أحلت نظاماً للتقاعد.
*: هناك محطات في حياة الإنسان سواءً أثناء الدراسة أو بعدها وربما تعتبر نقطة تحول في مسيرة أي إنسان فهل كان هناك نقطة تحول في حياتك بسبب حدث معين ؟
كانت نقطة التحول بالنسبة لي أن بلدتنا ءآنذاك تنومة لم يكن بها تعليم متوسط ولايوجد الا بالنماص ولوجود شقيقي محمد بالرياض ولأن الهجرة الداخلية كانت هدف بذاته فضلت السفر الى الرياض رغم صغر السن وقلة الامكانات التي لا تسمح بمواصلة الدراسة أكثر مما حصلت عليه وكان المهم أن احصل ومن قبلي على فرصة عمل لتحسين الوضع الشخصي والاسري وكنا نعتبر أنفسنا مغتربين لبعد المسافة والاسرة والبيئة الاولى في حياتنا .
*: لم يكن لدى الجيل السابق تخطيط ورسم معالم طريق للمستقبل كما هو الآن ولكن يلاحظ أن ذلك الجيل كان يبدع ويتألق في المهام الموكلة إليه بعكس جيل اليوم الذي انهمك في أمور جانبية حدت من تألقه وإبداعه رغم تحديد الإتجاه من وقت مبكر فهل تؤمن بهذه النظرية وبماذا تنصح جيل اليوم ؟
بالطبع لم يكن لدينا أي تخطيط أو رسم معالم مستقبلية ،لكن كان يحفزنا التواجد في حياة مدنية تختلف عن حياتنا القروية وهذا في حد ذاته هدفاً مباشراً أو غير مباشر
وكان من مميزات تلك الحقبة وجود وتوفر الوظائف حتى باقل المؤهلات
وكانت سمة المجتمع كلّه المحافظة على العادات والتقاليد الاصيلة التي تحث على القيم والمبادئ والموروث الاجتماعي والثقافي السائد الى جانب تحسين الوضع الشخصي والاسري والزواج وهي اهم الاهداف التي يفكر فيها جيلنا آنذاك .
اما شبابنا حالياً فقد هيئت له وسائل كثيرة منها التعليم والمدنية والمواصلات والتقنيات الهائلة في وسائل الاتصالات مما أثر على عطاء أو طموح متفاوت فمنهم من ساير الركب إيجابا او العكس لكن الامال كبيرة في ان تكون القاعدة العريضة من شبابنا هي التي تعمل وتطمح ايجابا لا سلباً.
نسال الله ان ياخذ بايديهم لبناء مجتمعهم ووطنهم وخدمة دينهم والقيم السامية التي يحث عليها وقد أنشات مؤخرا قصيدة شعرية تعبر عن الامال في شبابنا وستنشر قريبا ومنها
ياشباب الامة المثلى أما آن أن نعمل من دون مرا
شيدوا بالعلم في أوطانكم نهضة كبرى وريف أخضرا
وارفعو نحو العلا هاماتكم وازرعوا الخير نقيا مثمرا
همم تسمو على شمّ الذرا تعشق المجد وتأبى القهقرا
*: بودنا أن تحدثنا عن مسيرتك العملية في وزارة الصحة خاصة وأنك مارست العمل الصيدلي كما علمت وما هي أبرز معوقات العمل في هذا المجال ؟
انتقلت الى الصحة مديرية عسير عام 1400هـ ومارست مسمى عملي فني صيدلة لمدة عامين ثم حدث تصنيف تم من خلاله تكليفي مديراً لمركز الرعاية الصحية بسبت تنومة وهو من المراكز ذات الفئة الكبيرة المسجلة بوزارة الصحة وبعد انتقاله الى مبناه الحكومي الجديد الحالي ، قمت بعمل المستطاع لطوير خدماته الصحية وتوفير أشياء لم تكن متوفرة من قبل كالأسنان والاشعة والمختبر وزيادة الطاقم الفني والاداري والسجلات الصحية الاسرية حيث تم تطبيق مفهوم الرعاية الصحية الاولية الذي اوصت به منظمة الصحة العالمية وتم تطبيقه في المملكة وقمت بتأسيس مركز لمكافحة الامراض الطفيلية (البلهارسيا واللشمانيا) ثم تأسيس إدارة قطاع لمراكز الرعاية الصحية مقره تنومة تتبعه المراكز الصحية من (صبح ببللحمر جنوباً حتى ربوع السرو شمال بني شهر) وتضم خمسة وعشرون مركزاً صحياً بما فيها مركز مكافحة الطفيليات ونواقل المرض الذي لازال يعمل حتى الان ويخدم مساحة واسعة حتى تم تقليص والقضاء على الاصابات البشرية بالبلهارسيا من 25% الى أقل من 2% على مدى عشرة اعوام.
*: بودنا أن تحدثنا عن البدايات الحقيقية لإفتتاح المراكز الصحية في تنومة وهل تتذكر أول طاقم طبي قدم للعمل في تنومة ومتى كان ذلك؟
اذكر ان البدايات للخدمات الصحية بدأت بتنومة بمأمور صحي متعاقد عام 1385هـ تقريباً وكان يقوم بعمل طبيب وممرض وصيدلي ثم فُتح بعده بسنوات مثله بقرى ال دحمان الذي سمي فيما بعد بسهل تنومة وبعده أيضاً بعدة سنوات افتتح آخر بفرعة قريش وكانت الخدمات بدائية جداً لا يتسع المجال لذكرها ولا انس هنا أن انوّه بأن الفضل بعد الله في المطالبه والاجتهاد في تطوير الخدمة الصحية بمستوصف سبت تنومة وهو الاسم السائد قبل تطبيق مسمى الرعاية الصحية الى الشيخ عز الدين بن شار الذي حسب علمي انه ساهم في احضار اول طبيب يتم تعيينه بسيارته الخاصة لصعوبة الطرق في حينه واحضار الادوية ايضا وبعض المعدات البدائية وهذا يعود الى التعجيل من جانبه في تقديم الخدمات الصحية لأبناء مجتمعه وله أياد اخرى امد الله في عمره بالصحة والعافية
ثم بدأت انطلاقة الخدمات الصحية كافضل مما قبل وافتتح مركز صحي بترج شمال تنومة وتدعيم المراكز بسيارات اسعاف مهيأة وزيادة في الكوادر الفنية .
*: هل حظيت تنومة بحقها من الرعاية الصحية من وجهة نظرك خاصة وأنها تعتبر من المدن الكبيرة وهل تأخر إنشاء مستشفى تنومة الذي يترقب الناس فيها حلم إفتتاحه قريباً بسعة (50) سريراً خاصة وأن المطالبة بإنشائه قد إستمرت أكثر من ثلاثين عاماً وفق بعض المصادر حتى تحقق الحلم وهل هذه الأسرة كافية لمدينة مترامية الأطراف وما يتبعها من قرى كثيرة ؟
حظيت مدينة تنومة بقسط لا بأس به من الخدمات الصحية إذ يوجد بها اربعة مراكز صحية منها اثنان هما السبت والسهل مبنيان حكوميان والاخرى مستأجرة وفتح مؤخراً مركز صحي بمنصبة بادية بني شهر قرب بيشة وهي تتبع تنومة ادارياً وانتماء وخدمياً لكن الحاجة الملحة هي سرعة افتتاح مستشفى تنومة الذي اصبح جاهزاً لأن وجود الخدمة السريرية لمدينة كتنومة أصبحت ضرورة ومطلبا تحتمه الحاجة القائمة للتخفيف من معاناة السكان بالذهاب الى مستشفيي النماص وبللسمر ونسبة لأجواء المنطقة المناخية والبعد أكثر من أربع وعشرين كيلومتراً الى احد المستشفيين المذكورين، ثم قياساً لأزدياد عدد السكان وتضاعفه في مواسم الاصطياف والاعياد وتعدد الحوادث لوقوع تنومة في تقاطع طرق ابها الطائف بيشة تهامة
مع العلم بأنني كمسؤول صحي سابقاً الى جانب بعض اخواني المهتمين بتطوير الخدمات الصحية نعتبر من أوائل من طالب بالمستشفى منذ ثلاثون عاماً مضت مثلما ذكرت في سؤالك .
*: تخصص العديد من أبناء تنومة في مجالات طبية مختلفة وعملوا في مختلف مناطق المملكة فهل حان الوقت لأن يكون لهم دور في تدعيم الجانب الصحي من خلال إفتتاح مراكز طبية أهلية إستثمارية تخدم المنطقة كما هو الحال في مناطق المملكة الأخرى ؟
نتطلع الى ان يقوم المقتدرين من ابناء تنومة العاملين كأطباء بشريين لأقامة مشروع طبي متكامل يسهم في تقديم الخدمة الطبية المتخصصة للأهالي يساند الخدمات الحكومية الحالية والمستقبلية حيث ان الحاجة الى توفير الخدمات الطبية الحديثة اصبحت ملحة جداً .
*: للحديث عن المجال الصحي شجون متعددة وقد لا نستطيع طرق كافة الجوانب المتعلقة به ولكن بوجه عام نود ان نختم بسؤال في هذا المجال حول تجربتك العملية وهل أنت راض عما قدمته قبل أن ننتقل إلى الجانب الآخر من تجربتك مع الثقافة والصحافة والشعر؟
تجربتي العملية برغم اننا عملنا في ظروف تختلف كثيراً عن الوقت الحاضر خاصة في بداياتها من ناحية الطرق ووسائل النقل والاتصال والامكانات وما تيسر منها فيما بعد ساعد على تكثيف العمل وتطويره فان قناعتي بما قدمته حسب امكاناتي الشخصية او العلمية ما وسعني بمعاونة اخوة وزملاء مخلصين كثر لا يتسع المجال لذكرهم والقيام بأعمال متعددة منها افتتاح مراكز وايجاد مختبرات وتوفير وسائل نقل ووجود الروح الايجابية مع زملائي قد خفف المعاناة حيث كنا نعمل كفريق واحد بعيداً عن المركزية وإذا كان لي من ذكريات او اعتزاز فهو ما بنيته من علاقات اخوية طيلة عملي وما استطعت تقديمه كواجب انساني ووظيفي لمجتمعي سواء في سابق العمل أو أواخره وأسال الله العفو عن التقصير وقناعتي هي بما ذكرت آنفاً.
*: من المعلوم أن الثقافة والشعر وحتى الصحافة لا تعتبر مصدر رزق ولكنها هواية محببة للنفس وتضع الأديب في منزلة عالية تختلف عن عامة الناس فماذا عن تجربتك مع الثقافة بوجه عام والشعر الذي أبدعت فيه وما هي علاقتك بصحيفة البلاد؟
أما تجربتي مع الصحافة فقد بدات مبكراً في عام 1387هـ إذ كنت في مدينة جدة بحكم عملي ولقرب دار الاصفهاني من سكني حيث كانت دار الاصفهاني مجمع لطباعة معظم الصحف الرائدة بالمملكة لتلك الفترة ولازالت كصحيفة البلاد والمدينة وعكاظ والندوة وكان لدي طموح الشباب فعملت ناقلاً للأخبار وبالاخص الطبية وما يتعلق بشؤونها فنياً وإدارياً الى جانب التحقيقات المصورة لبعض المرافق ومقابلة مسؤوليها صحفياً حتى بدأ تكليفي محرراً غير متفرغ بصحيفة البلاد فأشرفت على الزاوية الطبية الاسبوعية وبدات في نشر كتاباتي الجغرافية والتاريخية والاجتماعية لمناطق السروات تحت عنوان ( مشاهدات في ربوع السروات) حيث كانت تحتل نصف صفحة داخلية اسبوعياً وكانت تشمل التعريف بمناطق بلادنا من بني مالك وبالحارث الى النماص وتنومة وتهامة وغيرها وكنت احضر كثيرا من المؤتمرات مندوباً عن صحفة البلاد الى جانب زملاء لي من الصحف الاخرى قبل إنشاء وكالة الانباء السعودية وكنت أحمل ميولا أدبية فكتبت بعض المقطعات الشعرية كبدايات وكتبت حتى عن الفنانين بالجزيرة العربية كأبراهيم محمد الماس واحمد القعطبي ومحمد عبده في بداياته والذي انطلق بقوة
وباندماجي مع مجالس الادب واطلاعي على المجلات والصحف التي كانت تهتم بالادب والادباء والانتاج الشعري كمجلة المنهل وقافلة الزيت ومجلة العربي شحذ لدي الرغبة الجامحة لمتابعة ما يكتب في تلك المصادر والندوات والتي كان روادها (عبدالقدوس الانصاري ومحمد حسن عوّاد وعبد السلام الساسي
ومحمود عارف ومحمد علي مغربي ومحمد ابراهيم جدع وأحمد قنديل وحمزة شحاتة ) واعلام جنوب المملكة (كمحمد احمد عيسى العقيلي ومحمد علي السنوسي ومحمد زارع عقيل ) مما كوّن لدي ثقافة ومرجعية أدبية بما فيها الشعر الفصيح وقد كنت اعرض معضم نتاجي الشعري على الاستاذ محمد حسن عوّاد وابو تراب الظاهري
وكنت عضوا نشطاً في نادي جدة الادبي و الاسهام في النشرات الادبية التي كانت تخرجها دار الاصفهاني باسم النتاج الادبي للشباب وكانت تلك النشرات اسبوعية ومن زملائي صحافة وادباً الاستاذ (يحيى باجنيد وعلوي طه الصافي) الذي اصبح مديراً لتحرير مجلة الفيصل لاحقا وكذلك (عبدالله سعيد الغامدي وهاشم عبده هاشم ومحمد عبد الواحد) ووو.. الخ .
*: شقيقك الأكبر كاتب رياضي متمرس في صحيفة الجزيرة وأنت صحفي سابق في صحيفة البلاد وشقيقك الأصغر شاعر شعبي موهوب وله مؤلفات شعرية فبماذا نفسر هذه الظاهرة داخل الأسرة؟
تفسيري لهذه الظاهرة ان اسرتنا اسهمت في نشر الثقافة صحافة وشعراً وفناً فهي اذا اسرة متعددة المواهب ومحبة للثقافة وليس هذا للدعاية فشقيقي محمد وهو أكبرنا سناً بدأ في الصحافة متأخراً وخاض تجربة جريئة في الصحافة الرياضية ولازال لكن له السبق اعلامياً حيث كان يقدم فقرات فنية بما فيها الشعر الغنائي وسبق أخي عبدالله في الشعر الشعبي والموروث الفني كما ان له اسهامات في مواضيع متعددة صحفياً الى جانب تخصصه ككاتب رياضي مشاكس وشقيقي عبدالله وهو المدرس والمربي اولاً وله لمسات فنية في الرسم والخط ومارس الشعر الشعبي ولازال خاصة شعر العرضة والالوان المحلية الاخرى والانتاج الشعري العامي حيث انه من فرسانه حالياً لكنه يعجبني شعره في العرضة أكثر كما لا يفوتني ان لشقيقنا الاستاذ يوسف اسهامات شعرية وادبية منها ما نشر ومنها ما زال مطموراً وهناك شقيقي سعد المعلم والذي لازال على رأس العمل هو أشهر وأول من حمل كاميرا الفديو بتنومة لتصوير وتوثيق معظم الانشطة التعليمية والعلمية والشعبية والمناسبات الخاصة والعامة الى جانب موهبته في الرسم والخط العربي وله السبق اعلاميا داخليا بما قام به من توثيق ما ذكر عنه من أكثر من ثلاثين عاماً وبودي أن يكون أخي عبدالله محمد فائز الشهري وهو الكاتب والقاص والصحفي اللامع قد سألني عن رأيي في الشعر الشعبي لكنت أجبت انني أقرأ وأسمع قليله وجيده والمبتعد منه عن التقليد والتكلف والابتذال والتسويق أما كثيره فغالباً ما يكون غثاً سامجاً معناً واسلوباً وفائدة .
*: تشكلت المجالس الثقافية وما يسمى بالإثنينيات والثلوثيات والضحويات وغيرها من المنتديات الثقافية التي يتبناها بعض المثقفين ومنها إثنينية تنومة التي تهتم بالجانب الثقافي فهل ترى من وجهة نظرك أنها قامت بدورها كما ينبغي وهل ساهمت في بروز جيل مثقف من الجيل الحالي ؟
نعم إن وجود وتنميه هذه المنتديات يعتبر رافداً من الروافد المهمة لأحتضان المواهب وتحفيز المبدعين في المجال الادبي والبحثي والشعر الفصيح وانوّه هنا بأثنينية تنومة الثقافية والتي اسسها واشرف وأدار انشطتها الدكتور صالح ابو عراد فقد أثرت الحياة الادبية وجمعت معظم مثقفي تنومة وما جاورها واستضافت فعاليات بحثية وحوارية ولهذا الرجل قصب السبق في العمل المؤسسي الادبي والاعلامي يساعده في ذلك الايدي الخيرة من ابناء هذه المنطقة وتعتبر هذه الاثنينية في عامها التاسع نواة ولبنة لمركز اعلامي ثقافي شامل أو نادٍ ادبي مصغر فالشكر له لما قام به من جهود لتفعيل الانشطة الثقافية المتنوعة وإدارته البارزة والموفقة بإذن الله مع ذكر الثناء والشكر الجزيل لبلدية تنومة رئيساً وفريق عمل لأقامة وتجهيز المرفق السياحي وصالاته ومرافقه التي خدمت وتخدم مدينة تنومة ومثقفيها وزوارها وانشطتها في مجالات متعددة .
*: قبل أن نختم معكم هذا اللقاء بودنا أن تتحدث عن بعض الجوانب المتعلقة بالشأن الثقافي وأسباب توقفكم عن العمل الصحفي وعن العلاقة التي تربط بينكم في المجال الصحفي مع الأستاذ/ ناصر الشهري مدير تحرير صحيفة البلاد ؟
توقفي عن العمل الصحفي كان بقناعة وإن كنت اكتب بين حين واخر في بعض الصحف ولأن الساحة تزخر بقدرات شابة هائلة ثم اتجاهي الى هموم العمل والاسرة وبعدي عن دور النشر بعد انتقالي الى تنومة منذ عام 1400هـ وبالرغم من ذلك اسهمت باسهامات متقطعة شعراً وكتابة في صحيفة الندوة وأجنحة المسافر واقامة امسيات في النادي الادبي والتنشيط السياحي والمنتديات الثقافية الاخرى كالامسيات الشعرية
وأما ما يجمعني باخي الفاضل والكاتب والاعلامي البارز ناصر بن عبد الرحمن الشهري هو التقدير والاحترام المتبادل بصفة شخصية وقرابة وما يخص العمل الصحفي فقد بدأ أخي أبو نواف الصحافة من حيث انتهيت وخاض غمار الصحافة حتى وصل الى إدارة صحيفة البلاد العتيدة وهو أهل لما كلف به الى جانب ذلك فأننا نفخر به كأعلامي
اما علاقتي به صحفيا فأنني منذ توقفي عام 1395هـ لم أعد اكتب في صحيفة البلاد وتقلص انتاجي صحفياً لأنه حمل اللواء من هو أكفأ وأجدر وأقدر مني كأبي نواف
وختاماً أقدم شكري لموقع تنومة الإلكتروني على استضافتي في هذا اللقاء وربما كان يصبو القائمون عليه إلى أن يجد المطّلع في ثنايا هذا الحوار مادة دسمة فإنني ارجو ان يحقق ولو جانبا مما يصبو اليه مع اعتذاري لعدم السرد لأن الذاكرة اصبحت تخونني وأخشى ان تكون الاطالة مملة .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
أجرى الحوار وكتب مقدمته من إدارة موقع تنومة الإلكتروني
عبد الله محمد فايز الشهري
تصوير
بدر بن سعيد الطنيني
أضوء الشمس صافح في المساء = وجوهاظل يطربها الأديب ؟
أعادت كي تسامرنا بليل = وقد أفلت ووارها المغيب ؟!
ستبقى ليلة تحيي فؤادي = كما يحيي محبيه النسيب
يظل لها بذاكرتي حنين = كما يهفو لمربعه الغريب
سعيدأي لحن فيك أهوى ؟ = قد احتار الفتى فيك اللبيب
أشعرك إذ يفوح له أريج = يعتق فجرنا وبه يذوب
أنثرك إذتسامى فوق روض = له من كل نرجسة نصيب
سعيد , قد أجاب الدهر دوما = إذا سئل الزمان من الأريب ؟
سعيد منتهى سحر القوافي = إذا سئل الزمان بهايجيب .
شكرا عزيزي مجري هذا اللقاء الصحفي الماتع ومزيدا من الإبداع والتحليق في فضاءات أوسع من النجومية .
الشاعر / عبدالله بن سفر الشهري binsfar@gmail.com
لمشاهدة ديواني فضلا افتح هذا الرابط :
http://www.tanomah.net/vb/forumdisplay.php?f=91
كما اشكر الزميل الاستاذ عبدالله على هذ اللقاء
ونسال الله التوفيق لكم جميعاً يارب