(تنومة) التاريخ العريق ومنبت الفقهاء والشعراء وموطن الطبيعة الساحرة
تنومة - سعيد معيض :
مدينة تنومة إحدى مدن منطقة عسير التي تتميز باعتدال أجوائها صيفاً وجمال طبيعتها في الصيف والشتاء تبعد عن مدينة أبها بحوالي 115 كلم وتتربع هذه المدينة اليافعة على قمم جبال السروات، ولهذا فإنها تتميز بأجواء تتراوح بين الباردة والمعتدلة طوال العام وتعتبر تنومة من المدن السياحية الجميلة في منطقة عسير، وذلك إضافة لاعتدال المناخ فهي تتميز بكثرة المتنزهات الطبيعية البكر والتي يجد فيها السائح متنفساً لقضاء أجمل الأوقات علاوة على توفر كافة الخدمات الضرورية من كهرباء وماء وخدمات الهاتف والجوال ووجود الشقق المفروشة بأسعار مناسبة كل هذه العوامل أدت إلى زيادة ملحوظة في أعداد السياح والمصطافين والزوار إلى تنومة خاصة في فصل الصيف .
ولتنومة تاريخ طويل ضارب في أعماق التاريخ فقد ورد ذكرها في العصر الجاهلي والعصر الإسلامي. يقول فيها الشاعر الجاهلي حاجز الأزدي :
ويوم صبحنا الحي يوم تنومة
بملمومة يهوى الشجاع وئيدها
ولئن ذكرت تنومة في الجاهلية فان ذكرها في الإسلام أوسع واشمل إذ تتميز بوفرة رجالها السابقين للإسلام والذين أتوا من بعدهم من المحدثين الفقهاء والشعراء ، وهي إلى جانب ذلك من البلاد الشهيرة ذات الهواء المعتدل والبيئة الطبيعية الخضراء يقول فيها المؤرخ الهمداني ( 280 334 ه ) في كتابه صفة جزيرة العرب \" ثم يتلو سراة عنز سراة الحجر بن الهنومن الأزد ، ومدنها الجهوة ومنها تنومة \" وقال: \" وتنومة والأشجان، ونحيان ، ثم الجهوة قرى لبني ربيعة بن حجر \" وقال أيضا: \" تنومة واد فيه ستون قرية أسفله لبني يسار، وأعلاه لبلحارث بن شهر \" وقال عنها أبو الحياش الحجري : في إحدى قصائده المشهورة :
ومن الطود فالزنامات خضر
رويت فالتنومة الزهراء
وإذا أدركنا موقع تنومة ، وما قيل عنها في بعض كتب التراث، فإنها قد اشتهرت منذ القدم بالزراعة شأنها في ذلك مثل شأن بقية بلدان رجال الحجر، يقول الهمداني في معرض حديثه عن هذا الجانب : \" وبسراة الحجر : البر، والشعير، والبلس، والعنز، واللوبيا، واللوز ، والتفاح، والخوخ ، والكمثرى، والأجاص، والعسل غربيها، والبقر أهل الصيد وشرقها من نجد آهل الغنم والإبل وخيل للأصابغة \" ولعل ما يلفت النظر نحو أهمية تنومة أنها عرفت بعدد من مشاهير الرجال الذين اشتهروا في تراثنا بالسبق العلمي ، والمكانة الفكرية من أمثال الشاعر : حاجز بن عوف الأزدي ، والشاعر الشنفري الحجري ، والفقيه احمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (239-321ه) والفرضي سعيد بن علي الحجري والحافظ عبد الغني بن سعيد (332-321ه) وأبو الحياس الحجري وغيرهم .وإذا تبين شيء من حال تنومة في الجاهلية وصدر الإسلام فان حالها في العصر الحديث يزداد وضوحا ومكانة ، فلقد كان لهذه المنطقة شرف الانضواء تحت راية الدولة السعودية الأولى سنة 1216ه - 1801م ، إذ دل على ذلك ما ورد في إحدى الوثائق الخطية المهمة حيث اخذ المخلصون من أبنائها يسهمون بشيء من جهودهم في سبيل نشر مبادئ الاتجاه السلفي الذي أيده ونهض به حين ذاك الأئمة الأمجاد من آل سعود فلقد بدأ الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود (1179-1218ه) رحمه الله يأخذ بأسباب نصرة الدين ويدفع المنكرات وقد وفقه الله تعالى إلى رفع شعار الإسلام ومحاربة البدع والقضاء عليها, وكانت تنومة حين ذاك تحيا حياة جادة مستقرة يشهد بذلك شيوع التعليم فيها ووجود المكتبات الخاصة عند فقهائها وما بذلة مشايخها من الجهاد والدعوة إلى الله.
ثم تواصلت النهضة العلمية والحضارية في هذا العهد الزاهر، حيث عم التعليم بين أبنائها وازدهرت حضارياً لتزدهر وتتوسع في كافة جهاتها. ويوجد في تنومة الكثير من المعالم السياحية والآثار التي تتميز بها، حيث تشتهر بوفرة متنزهاتها وقد قامت البلدية بفتح الطرق المسفلتة والمعبدة على معظم المتنزهات حتى يتسنى للزائر والمصطاف الوصول إليها بكل يسر وسهولة. ومن أبرز هذه المتنزهات ما يلي :
متنزه المحفار الذي يقع إلى الغرب من تنومة ويطل على سهول تهامة ويتميز بكثافة الغطاء النباتي فيه وتغلب أشجار العرعر الكثيفة على هذا المنتزه وقد قام أحد المستثمرين ببناء مجمع سكني كبير يحتوي مختلف الخدمات في هذا المتنزه.
منتزه الشرف: وهو منتزه يقع إلى الغرب من تنومة أيضا ويتميز بوقوعه بين سلسلة من الجبال التي تحيط به ويحتوي على أشجار العرعر والطلح وغيرها حيث توفر للمتنزهين ظلالا وارفة وأماكن مناسبة للجلوس ويقوم الكثير من المتنزهين بالطبخ والشواء في الهواء الطلق , كما يتميز المنتزه بوجود مساحات خالية من الأشجار ومستوية مما يوفر أماكن مناسبة للعب كرة القدم أو الألعاب الأخرى وقد قامت البلدية بإضافة بعض الخدمات للمتنزهين .
منتزه الأربوعة: وهو منتزه يقع إلى الجنوب الغربي من تنومة على الطريق المؤدي إلى تهامة عبر عقبة برمة وبه العديد من المساكن والمزارع الجميلة على شكل مدرجات, وقد بدأ بعض المستثمرين بإنشاء المطاعم الشعبية التي تقدم وجبات متنوعة .
منتزه غدانة والحيفة : ويتميز هذان المتنزهان المتجاوران بإطلالتهما على منحدرات سهول تهامة من أماكن مرتفعة كما تغطيها الأشجار الكثيفة التي تستخدم أماكن للجلوس والاستظلال تحتها ,وقد قامت بلدية تنومة مؤخراً بتطوير منتزه غدانة الطبيعي والذي يقع في الجزء الجنوبي منها ويطل على الإصدار وسهول تهامة من جهة الغرب، حيث قامت البلدية بشق الطرق بين الأشجار خاصة أشجار العرعر وسفلتتها كما قامت بعمل بعض الخدمات الضرورية مثل توفير بعض الألعاب بشكل مجاني للأطفال وكذلك توفير الماء ودورات المياه وعمل بعض السياج حول بعض الأماكن .
يذكر أن هذا الموقع قد تم اختياره في موقع متميز، حيث يتميز منتزه غدانة بجماله الطبيعي نظرا لكثافة أشجاره وشجيراته كما تغطي أرضه مسطحات خضراء من الأعشاب خاصة بعد نزول الأمطار , ويميز أيضا بإطلالته الجميلة على سهول تهامة والمنحدرات الجبلية والوديان , ومن المتوقع أن يشهد إقبالا متميزا خلال فصل الصيف من هذا العام .
منتزه الشلال: وهو متنزه طبيعي يتدفق من سد دهناء ويتساقط من الجبل إلى بحيرة أسفل الجبل يتجمع فيها ثم بتابع جريانه عبر وادي دهناء وهذا الشلال لا يبعد عن الخط العام سوى أقل من 200متر ولهذا فإن هذا المنتزه يقصده الكثير ويزيد من حسن المنظر تلك الأشجار والشجيرات المتدلية التي أبدعها الخالق عز وجل, وما يجدر ذكره أن الشلال توقف في السنوات الأخيرة نظرا لقلة الأمطار وكذلك وجود السد أمامه ولم يعد يجري إلا في مواسم الأمطار الغزيرة.
أما بالنسبة للآثار في تنومة فهي كثيرة ومتعددة ولعل أول ما يلحظه المصطاف عند التجول في تنومة من معالم أثرية كثرة الحصون والقلاع المختلفة الأشكال والذي لازال بعضها بحالة جيدة رغم أن بعضها قد بني قبل ما يزيد على مئة عام مما يدل على أن المنطقة ضاربة في جذور التاريخ, ومن المعالم الأثرية المهمة جبل عكران الذي يوجد عند المدخل الشمالي لمدينة تنومة ويحتوي هذا الجبل على العديد من المعالم الأثرية الهامة ومن أبرزها المسجد الذي يقع على قمته وهو مسجد قديم له محرابان ولا يعرف على وجه التحديد متى تم بناؤه ولم يبق منه إلا جزء بسيط .
كما تحتوي تنومه بحكم موقعها الجبلي على آثار المدرجات الزراعية الموجودة منذ أقدم العصور من أجل استصلاح الأراضي وزراعتها كما يوجد طرق قديمة أثرية تربط بين تهامة والمرتفعات ويوجد في بعض هذه الطرق بعض أثار أقدام على الصخور التي تم نحتها .
أما بالنسبة للمصطافين الذين يقصدون تنومة بشكل رئيسي فهم المصطافون من أبناء تنومة الذين يعيشون في مدن المملكة المختلفة، حيث مقار عملهم أو مصالحهم التجارية وأغلب هؤلاء يصل مع بداية الإجازة الصيفية ويستمر معظمهم لمدة لا تقل عن شهر والكثير من هؤلاء يملك مساكن خاصة وبعضهم يسكنون مع ذويهم المقيمين بصفة دائمة في تنومة وتمثل هذه الفئة من المصطافين نسبة كبيرة. كما أن هناك فئة أخرى تتمثل في أبناء المحافظات والمراكز المجاورة التي تتميز بارتفاع درجة الحرارة صيفاً مثل محافظة محايل عسير ومحافظة المجاردة غرباً ومحافظة بيشة شرقاً وما يتبعهم من مراكز، حيث أصبحت المسافات القصيرة بين تنومه وبين هذه المحافظات والمراكز في تهامة والسراة بفضل الله ثم شبكة الطرق المسفلتة والعقبات المفتوحة عبر الجبال مما يساعد في تيسير الوصول إليها، وذلك عبر الطرق التي شقت في الجبال والمنحدرات والتي اختصرت المسافة بين تهامة والسراة . وهذه الفئة من المصطافين تتردد إلى تنومة كثيرا طوال أيام العطلة الصيفية وبعض هؤلاء يقيم في تنومة بصحبة عائلته حتى لو كان مرتبطا بوظيفته، حيث يستمر في دوامه من تنومه بحكم قربها النسبي من مقار عملهم. وهناك فئة أخرى من المصطافين وهم المصطافون المتجهون عن طريق البر إلى أبها أو مغادرتهم أبها باتجاه الباحة والطائف ومكة المكرمة فبحكم موقع تنومة على الخط العام بين الطائف وأبها فقد ساهم هذا الخط في إنعاش المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا، وهذا ما يجعل بعض المصطافين عند عبورهم تنومة يفضل البقاء فيها بعض الوقت للإطلاع على معالمها السياحية والاستمتاع بمناظرها الخلابة وأجوائها اللطيفة وهذه الفئة من المصطافين لا تمكث طويلا في تنومة أغلب الأحيان ولا يتجاوز بقاء معظمهم أسبوعا ولكنها مستمرة طوال الصيف, وهناك بعض المصطافين الذين يسكنون في أبها معظم العطلة الصيفية حيث يفضل بعضهم التجول في المناطق السياحية القريبة من أبها ومنها تنومة التي تعتبر قريبة نسبيا من أبها ومن ثم العودة مرة أخرى إلى أبها أو مغادرة المنطقة.
وما يجدر ذكره هنا أن مركز تنومه بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والتجار وشيوخ القبائل والشخصيات العامة قد درج على إقامة مهرجان صيفي سنوي يتم من خلاله إقامة الفعاليات الدينية والوطنية والاجتماعية وأمسيات الشعر إضافة إلى المهرجانات التجارية، وذلك رغبة في تنشيط المنطقة سياحيا وإسعاد المصطافين والزائرين. ولتنومة وأهاليها العديد من المطالب من اجل الرقي بالمدينة وتوفير الاحتياجات الضرورية لأبنائها من أجل تنمية مستدامة فيها وقد لخص أهم هذه المطالب الدكتور صالح أبو عراد احد أبناء تنومة والتي يمكن أن نلخصها في أربعة مطالب كما يلي: المطلب الأول إيصال مياه تحلية البحر إلى المدينة لتلافي النقص في المياه أو عدم وجود مياه عذبة، أما المطلب الثاني فهو تنفيذ مركز تنومة الحضاري الذي يخدم الشباب في المنطقة على وجه الخصوص والمواطنين بشكل عام، أما المطلب الثالث فهو تعزيز مرافق القطاع الأمني برفع المخفر إلى مركز للشرطة وزيادة عدد الأفراد، أما المطلب الرابع فهو فتح كلية جامعية تتبع جامعة الملك خالد في تنومة.
المصدر / جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2009/07/21/article446437.html
أجواؤها المعتدلة وطبيعتها الخلابة تجذب المصطافين
(تنومة) التاريخ العريق ومنبت الفقهاء والشعراء وموطن الطبيعة الساحرة
(تنومة) التاريخ العريق ومنبت الفقهاء والشعراء وموطن الطبيعة الساحرة
مدينة تنومة إحدى مدن منطقة عسير التي تتميز باعتدال أجوائها صيفاً وجمال طبيعتها في الصيف والشتاء تبعد عن مدينة أبها بحوالي 115 كلم وتتربع هذه المدينة اليافعة على قمم جبال السروات، ولهذا فإنها تتميز بأجواء تتراوح بين الباردة والمعتدلة طوال العام وتعتبر تنومة من المدن السياحية الجميلة في منطقة عسير، وذلك إضافة لاعتدال المناخ فهي تتميز بكثرة المتنزهات الطبيعية البكر والتي يجد فيها السائح متنفساً لقضاء أجمل الأوقات علاوة على توفر كافة الخدمات الضرورية من كهرباء وماء وخدمات الهاتف والجوال ووجود الشقق المفروشة بأسعار مناسبة كل هذه العوامل أدت إلى زيادة ملحوظة في أعداد السياح والمصطافين والزوار إلى تنومة خاصة في فصل الصيف .
ولتنومة تاريخ طويل ضارب في أعماق التاريخ فقد ورد ذكرها في العصر الجاهلي والعصر الإسلامي. يقول فيها الشاعر الجاهلي حاجز الأزدي :
ويوم صبحنا الحي يوم تنومة
بملمومة يهوى الشجاع وئيدها
ولئن ذكرت تنومة في الجاهلية فان ذكرها في الإسلام أوسع واشمل إذ تتميز بوفرة رجالها السابقين للإسلام والذين أتوا من بعدهم من المحدثين الفقهاء والشعراء ، وهي إلى جانب ذلك من البلاد الشهيرة ذات الهواء المعتدل والبيئة الطبيعية الخضراء يقول فيها المؤرخ الهمداني ( 280 334 ه ) في كتابه صفة جزيرة العرب \" ثم يتلو سراة عنز سراة الحجر بن الهنومن الأزد ، ومدنها الجهوة ومنها تنومة \" وقال: \" وتنومة والأشجان، ونحيان ، ثم الجهوة قرى لبني ربيعة بن حجر \" وقال أيضا: \" تنومة واد فيه ستون قرية أسفله لبني يسار، وأعلاه لبلحارث بن شهر \" وقال عنها أبو الحياش الحجري : في إحدى قصائده المشهورة :
ومن الطود فالزنامات خضر
رويت فالتنومة الزهراء
وإذا أدركنا موقع تنومة ، وما قيل عنها في بعض كتب التراث، فإنها قد اشتهرت منذ القدم بالزراعة شأنها في ذلك مثل شأن بقية بلدان رجال الحجر، يقول الهمداني في معرض حديثه عن هذا الجانب : \" وبسراة الحجر : البر، والشعير، والبلس، والعنز، واللوبيا، واللوز ، والتفاح، والخوخ ، والكمثرى، والأجاص، والعسل غربيها، والبقر أهل الصيد وشرقها من نجد آهل الغنم والإبل وخيل للأصابغة \" ولعل ما يلفت النظر نحو أهمية تنومة أنها عرفت بعدد من مشاهير الرجال الذين اشتهروا في تراثنا بالسبق العلمي ، والمكانة الفكرية من أمثال الشاعر : حاجز بن عوف الأزدي ، والشاعر الشنفري الحجري ، والفقيه احمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (239-321ه) والفرضي سعيد بن علي الحجري والحافظ عبد الغني بن سعيد (332-321ه) وأبو الحياس الحجري وغيرهم .وإذا تبين شيء من حال تنومة في الجاهلية وصدر الإسلام فان حالها في العصر الحديث يزداد وضوحا ومكانة ، فلقد كان لهذه المنطقة شرف الانضواء تحت راية الدولة السعودية الأولى سنة 1216ه - 1801م ، إذ دل على ذلك ما ورد في إحدى الوثائق الخطية المهمة حيث اخذ المخلصون من أبنائها يسهمون بشيء من جهودهم في سبيل نشر مبادئ الاتجاه السلفي الذي أيده ونهض به حين ذاك الأئمة الأمجاد من آل سعود فلقد بدأ الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود (1179-1218ه) رحمه الله يأخذ بأسباب نصرة الدين ويدفع المنكرات وقد وفقه الله تعالى إلى رفع شعار الإسلام ومحاربة البدع والقضاء عليها, وكانت تنومة حين ذاك تحيا حياة جادة مستقرة يشهد بذلك شيوع التعليم فيها ووجود المكتبات الخاصة عند فقهائها وما بذلة مشايخها من الجهاد والدعوة إلى الله.
ثم تواصلت النهضة العلمية والحضارية في هذا العهد الزاهر، حيث عم التعليم بين أبنائها وازدهرت حضارياً لتزدهر وتتوسع في كافة جهاتها. ويوجد في تنومة الكثير من المعالم السياحية والآثار التي تتميز بها، حيث تشتهر بوفرة متنزهاتها وقد قامت البلدية بفتح الطرق المسفلتة والمعبدة على معظم المتنزهات حتى يتسنى للزائر والمصطاف الوصول إليها بكل يسر وسهولة. ومن أبرز هذه المتنزهات ما يلي :
متنزه المحفار الذي يقع إلى الغرب من تنومة ويطل على سهول تهامة ويتميز بكثافة الغطاء النباتي فيه وتغلب أشجار العرعر الكثيفة على هذا المنتزه وقد قام أحد المستثمرين ببناء مجمع سكني كبير يحتوي مختلف الخدمات في هذا المتنزه.
منتزه الشرف: وهو منتزه يقع إلى الغرب من تنومة أيضا ويتميز بوقوعه بين سلسلة من الجبال التي تحيط به ويحتوي على أشجار العرعر والطلح وغيرها حيث توفر للمتنزهين ظلالا وارفة وأماكن مناسبة للجلوس ويقوم الكثير من المتنزهين بالطبخ والشواء في الهواء الطلق , كما يتميز المنتزه بوجود مساحات خالية من الأشجار ومستوية مما يوفر أماكن مناسبة للعب كرة القدم أو الألعاب الأخرى وقد قامت البلدية بإضافة بعض الخدمات للمتنزهين .
منتزه الأربوعة: وهو منتزه يقع إلى الجنوب الغربي من تنومة على الطريق المؤدي إلى تهامة عبر عقبة برمة وبه العديد من المساكن والمزارع الجميلة على شكل مدرجات, وقد بدأ بعض المستثمرين بإنشاء المطاعم الشعبية التي تقدم وجبات متنوعة .
منتزه غدانة والحيفة : ويتميز هذان المتنزهان المتجاوران بإطلالتهما على منحدرات سهول تهامة من أماكن مرتفعة كما تغطيها الأشجار الكثيفة التي تستخدم أماكن للجلوس والاستظلال تحتها ,وقد قامت بلدية تنومة مؤخراً بتطوير منتزه غدانة الطبيعي والذي يقع في الجزء الجنوبي منها ويطل على الإصدار وسهول تهامة من جهة الغرب، حيث قامت البلدية بشق الطرق بين الأشجار خاصة أشجار العرعر وسفلتتها كما قامت بعمل بعض الخدمات الضرورية مثل توفير بعض الألعاب بشكل مجاني للأطفال وكذلك توفير الماء ودورات المياه وعمل بعض السياج حول بعض الأماكن .
يذكر أن هذا الموقع قد تم اختياره في موقع متميز، حيث يتميز منتزه غدانة بجماله الطبيعي نظرا لكثافة أشجاره وشجيراته كما تغطي أرضه مسطحات خضراء من الأعشاب خاصة بعد نزول الأمطار , ويميز أيضا بإطلالته الجميلة على سهول تهامة والمنحدرات الجبلية والوديان , ومن المتوقع أن يشهد إقبالا متميزا خلال فصل الصيف من هذا العام .
منتزه الشلال: وهو متنزه طبيعي يتدفق من سد دهناء ويتساقط من الجبل إلى بحيرة أسفل الجبل يتجمع فيها ثم بتابع جريانه عبر وادي دهناء وهذا الشلال لا يبعد عن الخط العام سوى أقل من 200متر ولهذا فإن هذا المنتزه يقصده الكثير ويزيد من حسن المنظر تلك الأشجار والشجيرات المتدلية التي أبدعها الخالق عز وجل, وما يجدر ذكره أن الشلال توقف في السنوات الأخيرة نظرا لقلة الأمطار وكذلك وجود السد أمامه ولم يعد يجري إلا في مواسم الأمطار الغزيرة.
أما بالنسبة للآثار في تنومة فهي كثيرة ومتعددة ولعل أول ما يلحظه المصطاف عند التجول في تنومة من معالم أثرية كثرة الحصون والقلاع المختلفة الأشكال والذي لازال بعضها بحالة جيدة رغم أن بعضها قد بني قبل ما يزيد على مئة عام مما يدل على أن المنطقة ضاربة في جذور التاريخ, ومن المعالم الأثرية المهمة جبل عكران الذي يوجد عند المدخل الشمالي لمدينة تنومة ويحتوي هذا الجبل على العديد من المعالم الأثرية الهامة ومن أبرزها المسجد الذي يقع على قمته وهو مسجد قديم له محرابان ولا يعرف على وجه التحديد متى تم بناؤه ولم يبق منه إلا جزء بسيط .
كما تحتوي تنومه بحكم موقعها الجبلي على آثار المدرجات الزراعية الموجودة منذ أقدم العصور من أجل استصلاح الأراضي وزراعتها كما يوجد طرق قديمة أثرية تربط بين تهامة والمرتفعات ويوجد في بعض هذه الطرق بعض أثار أقدام على الصخور التي تم نحتها .
أما بالنسبة للمصطافين الذين يقصدون تنومة بشكل رئيسي فهم المصطافون من أبناء تنومة الذين يعيشون في مدن المملكة المختلفة، حيث مقار عملهم أو مصالحهم التجارية وأغلب هؤلاء يصل مع بداية الإجازة الصيفية ويستمر معظمهم لمدة لا تقل عن شهر والكثير من هؤلاء يملك مساكن خاصة وبعضهم يسكنون مع ذويهم المقيمين بصفة دائمة في تنومة وتمثل هذه الفئة من المصطافين نسبة كبيرة. كما أن هناك فئة أخرى تتمثل في أبناء المحافظات والمراكز المجاورة التي تتميز بارتفاع درجة الحرارة صيفاً مثل محافظة محايل عسير ومحافظة المجاردة غرباً ومحافظة بيشة شرقاً وما يتبعهم من مراكز، حيث أصبحت المسافات القصيرة بين تنومه وبين هذه المحافظات والمراكز في تهامة والسراة بفضل الله ثم شبكة الطرق المسفلتة والعقبات المفتوحة عبر الجبال مما يساعد في تيسير الوصول إليها، وذلك عبر الطرق التي شقت في الجبال والمنحدرات والتي اختصرت المسافة بين تهامة والسراة . وهذه الفئة من المصطافين تتردد إلى تنومة كثيرا طوال أيام العطلة الصيفية وبعض هؤلاء يقيم في تنومة بصحبة عائلته حتى لو كان مرتبطا بوظيفته، حيث يستمر في دوامه من تنومه بحكم قربها النسبي من مقار عملهم. وهناك فئة أخرى من المصطافين وهم المصطافون المتجهون عن طريق البر إلى أبها أو مغادرتهم أبها باتجاه الباحة والطائف ومكة المكرمة فبحكم موقع تنومة على الخط العام بين الطائف وأبها فقد ساهم هذا الخط في إنعاش المنطقة اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا، وهذا ما يجعل بعض المصطافين عند عبورهم تنومة يفضل البقاء فيها بعض الوقت للإطلاع على معالمها السياحية والاستمتاع بمناظرها الخلابة وأجوائها اللطيفة وهذه الفئة من المصطافين لا تمكث طويلا في تنومة أغلب الأحيان ولا يتجاوز بقاء معظمهم أسبوعا ولكنها مستمرة طوال الصيف, وهناك بعض المصطافين الذين يسكنون في أبها معظم العطلة الصيفية حيث يفضل بعضهم التجول في المناطق السياحية القريبة من أبها ومنها تنومة التي تعتبر قريبة نسبيا من أبها ومن ثم العودة مرة أخرى إلى أبها أو مغادرة المنطقة.
وما يجدر ذكره هنا أن مركز تنومه بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والتجار وشيوخ القبائل والشخصيات العامة قد درج على إقامة مهرجان صيفي سنوي يتم من خلاله إقامة الفعاليات الدينية والوطنية والاجتماعية وأمسيات الشعر إضافة إلى المهرجانات التجارية، وذلك رغبة في تنشيط المنطقة سياحيا وإسعاد المصطافين والزائرين. ولتنومة وأهاليها العديد من المطالب من اجل الرقي بالمدينة وتوفير الاحتياجات الضرورية لأبنائها من أجل تنمية مستدامة فيها وقد لخص أهم هذه المطالب الدكتور صالح أبو عراد احد أبناء تنومة والتي يمكن أن نلخصها في أربعة مطالب كما يلي: المطلب الأول إيصال مياه تحلية البحر إلى المدينة لتلافي النقص في المياه أو عدم وجود مياه عذبة، أما المطلب الثاني فهو تنفيذ مركز تنومة الحضاري الذي يخدم الشباب في المنطقة على وجه الخصوص والمواطنين بشكل عام، أما المطلب الثالث فهو تعزيز مرافق القطاع الأمني برفع المخفر إلى مركز للشرطة وزيادة عدد الأفراد، أما المطلب الرابع فهو فتح كلية جامعية تتبع جامعة الملك خالد في تنومة.
المصدر / جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2009/07/21/article446437.html
وفقك الله يا صاحب الموضوع
من دموع الذي فارق حبيبه وقت عصراً