تنومة ... كالحسناء المتلحفة برداء أخضر
في تقرير خاص على صفحات "المدينة"
صحيفة تنومة - عبدالله غرمان «سبت تنومة».. أسطورية الملامح تحيطها جبال مَنْعاء وقريش والمحفار، فتبدو وكأنها قلعة خرافية. وهي إذ تمدد أحياءها السكنية في شعاب الجبال بشكل يتسع قليلًا في بادئ الأمر ثم يضيق رويدًا رويدًا في الأغوار وفي مساحة شبه منبسطة تبدو كنجمة البحر حين تشاهدها من علٍ.. إنها مدينة منحدرة في عروق الجبال لا تكاد تطل إليها من فوق جبل مَنْعاء حتى تجدها كالحسناء المتلحفة برداء أخضر.. وكذلك تفعل حين تأتيها من قبالة جبال قريش أو مطلات تهامة.
سبت تنومة تبدو متشبثة بالحياة وكأنها تخشى أن يطمر تاريخها القديم عوادي العصور أو يطمس جمالها تراكم الأزمنة فلاذت بالجبال.. لقد حبا الله هذه المنطقة بمزايا دون سواها، فالجبال تبدو على شكل حدائق غناء مكسوة بالأشجار والأعشاب تزينها أشجار الزيتون والعرعر والشث والطلح والزهور البرية بأنواعها وهي تأخذ في الانحدار نحو الساحل الغربي.. لتجاوز سهول فسيحة تسمى سهول تهامة لتعانق هذه السهول المنبسطة شواطئ البحر الأحمر الذي يتراءى للعين من فوق هذه الجبال في دنو الشمس وفي صفاء الجو.. وتزدان هذه المناطق الجبلية بالخضرة اليانعة والبساتين الغناء، وتزداد بهجة وجمالًا أثناء هطول الأمطار الصيفية الموسمية والتي تلبس الجبال حلة خضراء وتزدهر الأعشاب في السهول والوديان لتنادي وترحب بكل زائر ومصطاف لتمتعه في إقامته وفي وداعه وتهيء له الهدوء والراحة.
جبل مَنْعاء والأسطورة
عندما وصلنا إلى جبل منعاء العملاق، قررنا الصعود إلى قمته من أجل إبراز إحدى أهم المناطق الجميلة في بلادنا لمشاهدتها ووصفها، كذلك وصف هذا الجبل من قمته وزيارته واستكشاف آثاره التي كثرت الاقاويل والإشاعات عنها، وقد حققنا الهدف، وسجلنا العديد من المشاهدات والانطباعات حول هذا الجبل.. إنه جبل مَنْعاء الذي يقف شامخًا في منطقة عسير، وقد اشرفنا من أعلى قمته الجبلية الشاهقة التي ناطحت السحاب والتقت مع الضباب، حيث وقفنا على صخوره الضخمة رغم وعورة الطريق وقضاء الساعات في تسلقه.
وفي الطريق من النماص باتجاه أبها، تهبط بسلام من جبال «الظهارة» لتصل عبر طريق متعرجة الى أرض سبت تنومة المنبسطة. وهي ذات تكوين صخري ترتفع نحو الـ2200 متر تقريبًا فوق سطح البحر معتدلة المناخ صيفًا وباردة في الشتاء غنية بأراضيها وسفوحها الخصبة التي تشكل حقولًا للقمح وأشجار الفاكهة خاصة التفاح والخوخ والتين.. فأوديتها وغاباتها الكثيفة والملتفة بأشجار العرعر أعطت سبت تنومة طابعًا سياحيًا بديعًا فهي تبعد عن أبها 120 كيلو شمالًا.
وأول ما يلفت النظر جبل عملاق يسمى بجبل عكران، وقد تسلقناه حتى وصلنا إليه فوجدنا على قمته مسجدًا أثريًا قديمًا صغيرًا يرجع لعصر قديم، له فتحة واحدة صغيرة لا تسمح إلا بدخول شخص واحد من خلالها إلى داخل المسجد وله سقف غير مرتفع، كما أن لهذا المسجد محرابان، وبه بعض الكتابات والنقوش الصخرية القديمة التي لم يتمكن أحد من فك رموزها إلى الآن، كما أن بهذا الجبل نحت صخري ضخم «لثعبان» أسود «وحيّة» بنية اللون يمكن مشاهدتهما من أسفل الجبل بوضوح.. أما سبب أو كيفية وجودهما فلا يعرف أحد عنه شيئا، اللهم إلا بعض الأساطير والخرافات القديمة التي يرويها لنا أهالي سبت تنومة، والذين توارثوها عن الأجداد.
حصون وقلاع
كما يوجد عدد من الحصون والقلاع القديمة البنيان التي تتميز بمناعتها وارتفاع بنيانها واختلاف أشكالها، ودقة تصميمها، وروعة تنفيذها وغالبًا ما تكون نوافذها صغيرة.. وهذه الحصون كثيرة جدًا في تنومة، وكانت تستعمل قديمًا في الحروب وحفظ الحبوب التي كانت تشكل الغذاء الرئيس للأهالي، ولكن المؤسف أن الكثير منها الآن مهمل تمامًا، ويحتاج إلى الترميم والصيانة المستمرة.. ويوجد طريق القدم الأثرية القديمة الذي يصل بين أغوار تهامة ويمكن مشاهدته بوضوح من متنزه «المحفار» وتظهر آثار بعض الحوافر الواضحة على الصخور كما أن هناك طريقًا قديمًا على شكل درج مبني ومرصوف ممتد على طول «عقبة ساقين» ويصل بين تنومة وتهامة بُني منذ عهد العثمانيين. وتوجد أيضًا أطلال المباني القديمة، المبنية من الحجر والطين والتي لا تزال بعضها محتفظة بمتانتها وصلابتها رغم مضي أكثر من أربعة قرون على بنيانها، وسقوفها مبنية بالأخشاب والتراب، ويتميز بعضها بتعدد الأدوار وسماكة البناء، وأكثر ما يلفت النظر في حجارة هذه المباني القطع الصخرية الضخمة الحجم التي نحتت بعناية تامة ودقة بالغة، ورفعت إلى الأدوار العليا بشكل لا يصدق. وهناك مقابر ممتدة على مساحات واسعة من الأرض فوق جبل مَنْعاء التي يتجه بعضها جهة الشمس، مما يدل على أنها مخلفات لبعض الحروب القديمة، كما أن بأعلى الجبل عددًا كبيرًا من القرى والمزارع التي تتوفر فيها المياه العذبة والأشجار والغابات ويقطنها عدد كبير من السكان.. هذا بالإضافة إلى العديد من الكهوف الحجرية والآبار المطمورة، والقبور القديمة الواسعة المساحة والمبنية بعناية تامة ودقة بالغة وأحجار مستطيلة ضخمة.
ووادي «العوصا» الذي يحتوي على العديد من الآثار التي من أهمها الأماكن الخاصة باستخراج مادة الجَصْ وهي مادة إسمنتية بيضاء اللون مائلة للصفرة تستعمل في البناء سابقًا ولكنها تتميز بأنها أشد صلابة من الأسمنت وكانت هذه المادة تستخرج وتصنع محليًا.. ولا تزال المداخل الخاصة باستخراج هذه المادة موجودة منذ سنوات عديدة.. بالإضافة إلى العديد من النقوش والمباني القديمة التي شارفت على الانتهاء والاندثار ومن تلك النقوش ما يوجد في جبل مَنْعاء ويمثل نعامتين وبعض الكتابات بالإضافة إلى أن هناك صخرة عليها رسومات تمثل خيولًا وفرسانًا مما يدل على أن أهالي هذه المنطقة اشتبكوا في حروب كبيرة وقديمة.. كما أن هناك العديد من القبور الضخمة التي ليس لها أضرحة إنما هي مغطاة بصخور كبيرة وتدور حول هذه القبور القصص والروايات المختلفة.
قيمة تاريخية ثرية
لا شك أن منطقة عسير من المناطق المهمة في المملكة، ولا يزال الكثيرون يجهلون الكثير من جهات هذه المنطقة الغنية بآثارها التاريخية القيمة وبعناصر الطبيعة والجمال.. ولعل المنطقة الجنوبية وطبيعتها التضاريسية القاسية بصفة عامة هي من الأسباب الأساسية والرئيسة وراء جعل هذه المنطقة مجهولة لفترات طويلة خاصة للأجيال الجديدة ولكن حكومتنا الرشيدة وخططها الطموحة والمتوازية التي تضع كل شبر من أرض هذه البلاد الطيبة نصب عينها استطاعت أن تجعل من هذه المنطقة منطقة سياحية من الدرجة الأولى ولعل الجهود التي بذلها سمو أمير منطقة عسير أصدق شاهد على عناية الدولة بالإنسان والمكان فقامت العديد من المشروعات وتم تعبيد آلاف الأميال من الطرق عبر جبالها الماردة العصية وفتحت العديد من الأنفاق عبر سلاسل جبال السروات فشعّت الكهرباء وتعددت الخدمات الصحية والاتصالية الحديثة إلى أغوارها السحيقة فأصبحت منطقة عسير اليوم من أولى المناطق السياحية على مستوى المملكة ودول مجلس التعاون.
بعض الصور لتنومة .. من أرشيف الصحيفة
سبت تنومة تبدو متشبثة بالحياة وكأنها تخشى أن يطمر تاريخها القديم عوادي العصور أو يطمس جمالها تراكم الأزمنة فلاذت بالجبال.. لقد حبا الله هذه المنطقة بمزايا دون سواها، فالجبال تبدو على شكل حدائق غناء مكسوة بالأشجار والأعشاب تزينها أشجار الزيتون والعرعر والشث والطلح والزهور البرية بأنواعها وهي تأخذ في الانحدار نحو الساحل الغربي.. لتجاوز سهول فسيحة تسمى سهول تهامة لتعانق هذه السهول المنبسطة شواطئ البحر الأحمر الذي يتراءى للعين من فوق هذه الجبال في دنو الشمس وفي صفاء الجو.. وتزدان هذه المناطق الجبلية بالخضرة اليانعة والبساتين الغناء، وتزداد بهجة وجمالًا أثناء هطول الأمطار الصيفية الموسمية والتي تلبس الجبال حلة خضراء وتزدهر الأعشاب في السهول والوديان لتنادي وترحب بكل زائر ومصطاف لتمتعه في إقامته وفي وداعه وتهيء له الهدوء والراحة.
جبل مَنْعاء والأسطورة
عندما وصلنا إلى جبل منعاء العملاق، قررنا الصعود إلى قمته من أجل إبراز إحدى أهم المناطق الجميلة في بلادنا لمشاهدتها ووصفها، كذلك وصف هذا الجبل من قمته وزيارته واستكشاف آثاره التي كثرت الاقاويل والإشاعات عنها، وقد حققنا الهدف، وسجلنا العديد من المشاهدات والانطباعات حول هذا الجبل.. إنه جبل مَنْعاء الذي يقف شامخًا في منطقة عسير، وقد اشرفنا من أعلى قمته الجبلية الشاهقة التي ناطحت السحاب والتقت مع الضباب، حيث وقفنا على صخوره الضخمة رغم وعورة الطريق وقضاء الساعات في تسلقه.
وفي الطريق من النماص باتجاه أبها، تهبط بسلام من جبال «الظهارة» لتصل عبر طريق متعرجة الى أرض سبت تنومة المنبسطة. وهي ذات تكوين صخري ترتفع نحو الـ2200 متر تقريبًا فوق سطح البحر معتدلة المناخ صيفًا وباردة في الشتاء غنية بأراضيها وسفوحها الخصبة التي تشكل حقولًا للقمح وأشجار الفاكهة خاصة التفاح والخوخ والتين.. فأوديتها وغاباتها الكثيفة والملتفة بأشجار العرعر أعطت سبت تنومة طابعًا سياحيًا بديعًا فهي تبعد عن أبها 120 كيلو شمالًا.
وأول ما يلفت النظر جبل عملاق يسمى بجبل عكران، وقد تسلقناه حتى وصلنا إليه فوجدنا على قمته مسجدًا أثريًا قديمًا صغيرًا يرجع لعصر قديم، له فتحة واحدة صغيرة لا تسمح إلا بدخول شخص واحد من خلالها إلى داخل المسجد وله سقف غير مرتفع، كما أن لهذا المسجد محرابان، وبه بعض الكتابات والنقوش الصخرية القديمة التي لم يتمكن أحد من فك رموزها إلى الآن، كما أن بهذا الجبل نحت صخري ضخم «لثعبان» أسود «وحيّة» بنية اللون يمكن مشاهدتهما من أسفل الجبل بوضوح.. أما سبب أو كيفية وجودهما فلا يعرف أحد عنه شيئا، اللهم إلا بعض الأساطير والخرافات القديمة التي يرويها لنا أهالي سبت تنومة، والذين توارثوها عن الأجداد.
حصون وقلاع
كما يوجد عدد من الحصون والقلاع القديمة البنيان التي تتميز بمناعتها وارتفاع بنيانها واختلاف أشكالها، ودقة تصميمها، وروعة تنفيذها وغالبًا ما تكون نوافذها صغيرة.. وهذه الحصون كثيرة جدًا في تنومة، وكانت تستعمل قديمًا في الحروب وحفظ الحبوب التي كانت تشكل الغذاء الرئيس للأهالي، ولكن المؤسف أن الكثير منها الآن مهمل تمامًا، ويحتاج إلى الترميم والصيانة المستمرة.. ويوجد طريق القدم الأثرية القديمة الذي يصل بين أغوار تهامة ويمكن مشاهدته بوضوح من متنزه «المحفار» وتظهر آثار بعض الحوافر الواضحة على الصخور كما أن هناك طريقًا قديمًا على شكل درج مبني ومرصوف ممتد على طول «عقبة ساقين» ويصل بين تنومة وتهامة بُني منذ عهد العثمانيين. وتوجد أيضًا أطلال المباني القديمة، المبنية من الحجر والطين والتي لا تزال بعضها محتفظة بمتانتها وصلابتها رغم مضي أكثر من أربعة قرون على بنيانها، وسقوفها مبنية بالأخشاب والتراب، ويتميز بعضها بتعدد الأدوار وسماكة البناء، وأكثر ما يلفت النظر في حجارة هذه المباني القطع الصخرية الضخمة الحجم التي نحتت بعناية تامة ودقة بالغة، ورفعت إلى الأدوار العليا بشكل لا يصدق. وهناك مقابر ممتدة على مساحات واسعة من الأرض فوق جبل مَنْعاء التي يتجه بعضها جهة الشمس، مما يدل على أنها مخلفات لبعض الحروب القديمة، كما أن بأعلى الجبل عددًا كبيرًا من القرى والمزارع التي تتوفر فيها المياه العذبة والأشجار والغابات ويقطنها عدد كبير من السكان.. هذا بالإضافة إلى العديد من الكهوف الحجرية والآبار المطمورة، والقبور القديمة الواسعة المساحة والمبنية بعناية تامة ودقة بالغة وأحجار مستطيلة ضخمة.
ووادي «العوصا» الذي يحتوي على العديد من الآثار التي من أهمها الأماكن الخاصة باستخراج مادة الجَصْ وهي مادة إسمنتية بيضاء اللون مائلة للصفرة تستعمل في البناء سابقًا ولكنها تتميز بأنها أشد صلابة من الأسمنت وكانت هذه المادة تستخرج وتصنع محليًا.. ولا تزال المداخل الخاصة باستخراج هذه المادة موجودة منذ سنوات عديدة.. بالإضافة إلى العديد من النقوش والمباني القديمة التي شارفت على الانتهاء والاندثار ومن تلك النقوش ما يوجد في جبل مَنْعاء ويمثل نعامتين وبعض الكتابات بالإضافة إلى أن هناك صخرة عليها رسومات تمثل خيولًا وفرسانًا مما يدل على أن أهالي هذه المنطقة اشتبكوا في حروب كبيرة وقديمة.. كما أن هناك العديد من القبور الضخمة التي ليس لها أضرحة إنما هي مغطاة بصخور كبيرة وتدور حول هذه القبور القصص والروايات المختلفة.
قيمة تاريخية ثرية
لا شك أن منطقة عسير من المناطق المهمة في المملكة، ولا يزال الكثيرون يجهلون الكثير من جهات هذه المنطقة الغنية بآثارها التاريخية القيمة وبعناصر الطبيعة والجمال.. ولعل المنطقة الجنوبية وطبيعتها التضاريسية القاسية بصفة عامة هي من الأسباب الأساسية والرئيسة وراء جعل هذه المنطقة مجهولة لفترات طويلة خاصة للأجيال الجديدة ولكن حكومتنا الرشيدة وخططها الطموحة والمتوازية التي تضع كل شبر من أرض هذه البلاد الطيبة نصب عينها استطاعت أن تجعل من هذه المنطقة منطقة سياحية من الدرجة الأولى ولعل الجهود التي بذلها سمو أمير منطقة عسير أصدق شاهد على عناية الدولة بالإنسان والمكان فقامت العديد من المشروعات وتم تعبيد آلاف الأميال من الطرق عبر جبالها الماردة العصية وفتحت العديد من الأنفاق عبر سلاسل جبال السروات فشعّت الكهرباء وتعددت الخدمات الصحية والاتصالية الحديثة إلى أغوارها السحيقة فأصبحت منطقة عسير اليوم من أولى المناطق السياحية على مستوى المملكة ودول مجلس التعاون.
بعض الصور لتنومة .. من أرشيف الصحيفة