بن جاري يروي قصة الحج من بلاد بني شهر قديماً
صحيفة تنومة - فهد الشهري روي عبدالله بن جاري البكري عضو المركز الاعلامي بالنماص عبر صحيفة "عكاظ اليوم" قصص وحكاوى الحج القديم في زمن كانت تندر فيه وسائل التنقل الحديثة للذهاب إلي مكة لا داء فريضة الحج، وكان الحجاج يعتمدون في رحيلهم إلى الحج على الدواب كوسيلة تقليدية في ذلك الزمان، ويقول: كانت رحلة الحج من مدينة النماص بلاد بني شهر قبل دخول السيارات إلى المنطقة أي في أواخر السبعينات الهجرية من القرن الماضي، كانت الرحلة مليئة بالمتاعب والمشاق تبدأ الرحلة من لحظة الاستعداد لها حيث يقوم من يرغب في الحج بإعداد العدة مبكراً لهذه الرحلة حيث يقرر الذهاب إلى الحج قبل دخول شهر رمضان المبارك ويقوم بإذخار بعض المال إن وجد ثم يتم الاتفاق بين من يرغبون في أداء فريضة الحج الى تحديد موعد ومكان الانطلاق، حيث كانت الانطلاقة من النماص في تلك الفترة بعد عيد الفطر مباشرة، فبعد أن ينتهي ثالث أيام عيد الفطر ينطلق الراغبون الى الحج وسط بكاء الأهل والأقارب في لحظات وداع حميمية فقد لا يعود هذا الحاج إلى الأبد ، وينطلق الركب رجالا وعلى كل ضامر ويتم تحديد قائد للقافلة ومساعدين وطباخين كل حسب مقدرته وخبرته رغم أنهم لا يملكون الكثير من المال أو من المؤنة حيث يعتمدون في مسيرتهم إلى المرور على القرى والمنازل ليقضوا بعض الوقت عندهم والحصول على ما يمكن من القوت من طعام وشراب وفي هذه الرحلة قد لا يصل البعض فمنهم من يصيبه المرض والموت قبل بلوغ البلد الحرام ومنهم من يصيبه الاعياء الشديد والتعب فيبقى في مكانه وعند الوصول إلى المشاعر المقدسة تبدأ مرحلة أخرى فمنهم من يعمل بأجر يومي ليؤمن لبقية القافلة الطعام والشراب ومنهم من يتاجر وكل يقدم جهده لحين اتمام المناسك كاملة حيث أن أعداد الحجاج في تلك الفترة اعداد قليلة جدا مقارنة بأعداد الحجاج اليوم فكانت المناسك تؤدى بيسير وسهولة رغم قلة العلم الشرعي بمناسك الحج ووجود بعض الاخطاء سواء في الشروط او الواجبات او قد يصل الأمر إلى أركان الحج وبعد انتهاء المناسك يتم الاستعداد للعودة مرة أخرى إلا أن البعض يفضل عدم العودة بحثا عن الرزق ومنهم من يبقى هربا من العناء والمشقة التي يخاف من أن تلحق به اثناء عودته، بجانب أن الخوف وانعدام الامن والتعرض لقطاع الطرق في تلك الفترة تكون ايضا من عوائق العودة، وتكون رحلة الاياب أشق وأصعب جسديا ولكنها قد تكون أريح نفسيا لما فيها من الشوق للعودة ورؤية الأهل والأبناء والأقارب والأرض وكلٌ يحمل في نفسه ذكريات جميلة فيكون الحث على السير فيقطعون الفيافي والقفار والشوق يحملهم دون حساب للبعد أو العناء وبعد مسيرة قد تستمر لشهر أو أكثر يصل الركب المبارك ويكون كل أهل القرية في استقبالهم ويكون دخولهم الى القرية صباحا وتبدأ مراسم الاستقبال بإطلاق طلقات نارية من البنادق إعلاما وترحيبا بالقدوم وتبدأ معها مشاعر الترقب والخوف من الأهل فكل عيون تبحث عن قريبها وحبيبها بين القادمين فان وقعت عليه العين كانت دموع الفرح ولحظات العناق والسلام وإن لم يجدوا بينهم من يبحثون عنه يبدأ السؤال المرير والإجابة الأمر من ذلك في أنه مات أو هاجر لتكون مرحلة أخرى جديدة من فصول الحزن والفقد، وفي يوم الوصول تقوم كل عائلة وصل حاجها بعمل وليمة للترحيب به ويبدأ في سرد قصته منذ مغادرته لهم حتى عودته إليهم ليستمع له الجميع وكأنهم ينظرون إلى فيلم سينمائي او مسرحية شيقة الفصول لان المجتمع في تلك الفترة يعيش مرحلة انعزال شديدة عن العالم لا وسائل اتصال او مواصلات او اي وسيلة للتواصل فكانوا يعيشون وأكبر هموهم لا تتعدى قريتهم وأحلامهم الصغيرة فيكون كل ما يسرده لهم الحاج ضرب من الخيال ليزرع في نفوس الأخرين الرغبة في الحج في العام القادم لتبدأ فصول الحكاية من جديد.