قضية «الصحفيين المتعاونين» المَنسية
تنومة - سعيد معيض قضية الصحفيين المتعاونين مع الصحف المحلية هي قضية مرفوعة من قِبل هؤلاء الصحفيين ضد المؤسسات الصحفية لمقام وزارة الإعلام العام الماضي، التي حوَّلتها بدورها إلى هيئة الصحفيين، ولاتزال في أدراج الهيئة حتى الآن، وفي هذا المقال يُسعِدنا أن نسلط الضوء عليهم وعلى قضيتهم.
الصحفيون المتعاونون هم فئة من الإعلاميين المنتسبين إلى المؤسسات الصحفية، يعملون كمراسلين صحفيين في مختلف المدن والقرى على امتداد مساحة الوطن، إضافة إلى مشاركتهم في مختلف أقسام الصحيفة، ممارسين مختلف أشكال فنون الكتابة الصحفية، وتشكل هذه الفئة نسبة كبيرة من الطاقم التحريري للصحيفة، ويتميز معظم هؤلاء بإنتاجية عالية تفوق أو تماثل زملاءهم المثبتين في المؤسسة الصحفية، إضافة إلى تميز في التغطية ومتابعة الأخبار أولاً بأول في كل مكان، خصوصاً من أمضى سنوات في عمله، ولهذا فإن المواد الصحفية التي يمدون الصحيفة بها تمثل العمود الفقري للصحيفة في مختلف أقسامها سواء الأخبار المحلية أو الاقتصادية أو التحقيقات أو غيرها من الفنون الصحفية.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن هذه الفئة الكبيرة لا تتمتع بأي حقوق وظيفية أو تأمينية، ويطالب هؤلاء الصحفيون مؤسساتهم بتثبيتهم، حيث لديهم الرغبة في التثبيت في هذه المؤسسات بحثاً عن الأمان الوظيفي وتحسين مستوى الدخل لديهم مقابل ما يقومون به من عمل.
قضية الصحفيين المتعاونين ربما تُعد قضية غير معروفة لدى غالبية أفراد المجتمع نظراً لأن مثل هذه القضية لم يسبق أن طُرحت أو نُوقشت على صفحات الجرائد وكيف لها أن تناقش والمؤسسة الصحفية هي موضع الاتهام والمطالبة! باستثناء مقالين على حد علمي- في جريدة «الشرق»، أحدهما للكاتب محمد علي قدس بعنوان «مَنْ يُنصِف الصحفيين المتعاونين؟»، والآخر بعنوان «أيها الصحفي المتعاون.. مَن يسمع شكواك؟» للكاتب فراس عالم.
ورغم هذا التغييب، فإن القضية حاضرة وقوية في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد قاموا نهاية العام الماضي برفع خطاب تظلُّم إلى وزارة الإعلام موقَّع من عشرات الصحفيين والصحفيات، ولا تخلو اجتماعاتهم ولقاءاتهم من مناقشتها، ومع وسائل الإعلام الجديد وجدت هذه القضية مساحة كبيرة من المناقشة تُوِّجت بحملة منسقة العام الماضي 2012م، وكان هؤلاء الصحفيون قد توجَّهوا لوزارة الإعلام بخطاب يعرض فيه تظلمهم من مؤسساتهم الصحفية ومطالبهم بالتثبيت وكتابة عقود عمل بينهم وبين هذه المؤسسات تحفظ حقوقهم، لكن هذه المطالبة ذهبت أدراج الرياح، حيث اعتذرت وزارة الإعلام عن تلبية مطالبهم بحجة عدم اختصاصها، وأرجعت الطلب إلى المؤسسات الصحفية، وإلى هيئة الصحفيين السعوديين.
ومنذ نشأة الصحافة السعودية فإن الصحفي المتعاون مع الجريدة محروم من أي حقوق باستثناء مكافأته الشهرية أو المجمعة لعدة أشهر حسب ما يُسمى بنظام القطعة، أي حسب المواد التي يُرسلها الصحفي للجريدة كل شهر ومدى أهميتها سواء كانت خبراً أو تقريراً أو تحقيقاً صحفياً، وفي الغالب تتراوح هذه المكافأة ما بين 500 ريال إلى 3000 ريال، ونادراً ما تتجاوز هذا الرقم للصحفي النشط جداً، بحيث لا تتجاوز رقماً معيناً مهما بلغ إنتاج هذا الصحفي، وحتى هذا النظام المسمى «نظام القطعة» يعتريه النقص والظلم، فبعض المؤسسات تقيِّم أداء الصحفي على عدد ما يُنشر في الصحيفة له وليس عدد ما يرسله، ومشكلة عدم النشر موضوع آخر!
وبحسب أقوال عديد من الزملاء من هذه الفئة فإن تبريرات المؤسسات الصحفية في عدم التثبيت متنوعة، منها:
أن الصحفي المتعاون ينتمي إلى جهة أخرى هي المسؤولة عنه، لكن عندما يستعد الصحفي للتخلي عن وظيفته الحكومية أو في القطاع الخاص مقابل التثبيت فإن الصحيفة تتجاهل هذا الطلب، ثم إن الصحفي المتعاون يعمل بنفس مستوى المتفرغ أو أفضل منه فلماذا لا تتم المساواة؟!
أن تثبيت الصحفي يؤدي إلى قلة الإنتاج من الصحفي وركونه إلى الكسل وتراجع الإنتاج، وهذا في غير صالح المؤسسة، حيث تتكبَّد أعباء مالية إضافية في حين أن الإنتاج متراجع، وأن نظام القطعة عامل محفز للصحفي على الإنتاج، وهذا يصب في مصلحة المؤسسة، ودافع الصحفيون عن هذا المبرر بأن بالإمكان للمؤسسة أن تشترط مستوى معيناً عند توقيع العقد بحيث لا تقل المواد الصحفية في الشهر عن عدد معين على سبيل المثال، أو إيجاد نظام حوافز للصحفيين المنتجين.
من المبررات الأخرى أن الإعلام يُعطي الشهرة ويمنح الصحفي ممارسة هوايته وخدمة محافظته ومجتمعه، وهذه بحسب تبريرات مسؤولين ميزة تفوق الحصول على المال لدى كثيرين، أما من يريد المال فعليه البحث عنه في مكان آخر كالوظيفة الحكومية والخاصة أو الأعمال التجارية.
ويرد الصحفيون على هذا القول بأن الصحافة مهنة كسائر المهن، وعلى الرغم من أنها تعطي الشهرة لكن المجتمع في الغالب لا ينظر إلى الصحفي إلا كموظف، وكتابات الصحفي تُجيَّر وتُنسب إلى الصحيفة، وقد يكسب الصحفي شهرة عكسية من خلال جلب عداوات له من جهات خاصة أو عامة حسب نوع الكتابات التي يكتبها، وهي كما يُقال مهنة المتاعب، والصحفي يمنح وقته وموهبته وجهده للعمل الصحفي ومن حقه أن يجد المقابل المناسب، خصوصاً أن هذه المؤسسات في الغالب مقتدرة مالياً ولكنها تعمل على تعظيم الأرباح لديها على حساب الصحفي المسكين.
وإضافة إلى هضم الحقوق المالية والوظيفية للصحفي المتعاون فهناك معاناة أخرى تتعلق بالفصل التعسُّفي لأي شكوى ضد أي موضوع كتبه الصحفي المتعاون من جهة عامة أو خاصة دون منح أي فرصة للدفاع من قِبل الصحفي، وعليه فإن عملية الإيقاف والفصل من الجريدة «أسهل من شرب كأس ماء» لدى بعض رؤساء التحرير، فيكفي أن يصل اتصال إلى مكتب رئيس التحرير فيه اعتراض على أي مادة منشورة حتى يبادر بإصدار قرار الإيقاف أو الفصل وتعميمه على أقسام الجريدة ومكاتبها، ويعود هذا التساهُل في اتخاذ هذا القرار كما يذكره صحفيون إلى الشعور بالفوقية وروح التعالي لدى بعض رؤساء التحرير، كما يعود كذلك إلى منع أي احتمال للتصعيد من هذه الجهة أو تلك ضد الجريدة برفع دعوى ضد الجريدة، مما قد يكلف الجريدة مادياً ومعنوياً، ولهذا تعمد إلى فصل هذا الصحفي لامتصاص التصعيد المحتمل وإطفاء المشكلة في مهدها، على الرغم من أن كثيراً من الاتصالات لا يُقصد بها أكثر من تسجيل اعتراض لدى الجريدة أو الرغبة في نشر بيان توضيحي لما نُشر، أما السبب الرئيس في سهولة قرارات الفصل فهو عائد إلى عدم وجود نظام يحمي الصحفي المتعاون وعدم وجود عقود عمل تحميهم، وبالتالي فإن الصحفي المعزول يقف عاجزاً عن الدفاع عن نفسه على الرغم من وجود هيئة للصحفيين للسعوديين لكن الصحفيين مازالوا غير متحمِّسين لها لعدم وجود إنجازات لها على أرض الواقع في سبيل حفظ حقوق الصحفيين والدفاع عنهم خلال الفترة السابقة، على الرغم من وجود أعضاء مخلصين ومشهود لهم بوقوفهم إلى جانب قضايا الصحفيين في الهيئة، ومع ذلك تبقى هذه الهيئة الأمل الوحيد بعد الله في سبيل تغيير الوضع بعد تخلي وزارة الإعلام عنهم.
http://www.alsharq.net.sa/2013/09/01/931641
الصحفيون المتعاونون هم فئة من الإعلاميين المنتسبين إلى المؤسسات الصحفية، يعملون كمراسلين صحفيين في مختلف المدن والقرى على امتداد مساحة الوطن، إضافة إلى مشاركتهم في مختلف أقسام الصحيفة، ممارسين مختلف أشكال فنون الكتابة الصحفية، وتشكل هذه الفئة نسبة كبيرة من الطاقم التحريري للصحيفة، ويتميز معظم هؤلاء بإنتاجية عالية تفوق أو تماثل زملاءهم المثبتين في المؤسسة الصحفية، إضافة إلى تميز في التغطية ومتابعة الأخبار أولاً بأول في كل مكان، خصوصاً من أمضى سنوات في عمله، ولهذا فإن المواد الصحفية التي يمدون الصحيفة بها تمثل العمود الفقري للصحيفة في مختلف أقسامها سواء الأخبار المحلية أو الاقتصادية أو التحقيقات أو غيرها من الفنون الصحفية.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن هذه الفئة الكبيرة لا تتمتع بأي حقوق وظيفية أو تأمينية، ويطالب هؤلاء الصحفيون مؤسساتهم بتثبيتهم، حيث لديهم الرغبة في التثبيت في هذه المؤسسات بحثاً عن الأمان الوظيفي وتحسين مستوى الدخل لديهم مقابل ما يقومون به من عمل.
قضية الصحفيين المتعاونين ربما تُعد قضية غير معروفة لدى غالبية أفراد المجتمع نظراً لأن مثل هذه القضية لم يسبق أن طُرحت أو نُوقشت على صفحات الجرائد وكيف لها أن تناقش والمؤسسة الصحفية هي موضع الاتهام والمطالبة! باستثناء مقالين على حد علمي- في جريدة «الشرق»، أحدهما للكاتب محمد علي قدس بعنوان «مَنْ يُنصِف الصحفيين المتعاونين؟»، والآخر بعنوان «أيها الصحفي المتعاون.. مَن يسمع شكواك؟» للكاتب فراس عالم.
ورغم هذا التغييب، فإن القضية حاضرة وقوية في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد قاموا نهاية العام الماضي برفع خطاب تظلُّم إلى وزارة الإعلام موقَّع من عشرات الصحفيين والصحفيات، ولا تخلو اجتماعاتهم ولقاءاتهم من مناقشتها، ومع وسائل الإعلام الجديد وجدت هذه القضية مساحة كبيرة من المناقشة تُوِّجت بحملة منسقة العام الماضي 2012م، وكان هؤلاء الصحفيون قد توجَّهوا لوزارة الإعلام بخطاب يعرض فيه تظلمهم من مؤسساتهم الصحفية ومطالبهم بالتثبيت وكتابة عقود عمل بينهم وبين هذه المؤسسات تحفظ حقوقهم، لكن هذه المطالبة ذهبت أدراج الرياح، حيث اعتذرت وزارة الإعلام عن تلبية مطالبهم بحجة عدم اختصاصها، وأرجعت الطلب إلى المؤسسات الصحفية، وإلى هيئة الصحفيين السعوديين.
ومنذ نشأة الصحافة السعودية فإن الصحفي المتعاون مع الجريدة محروم من أي حقوق باستثناء مكافأته الشهرية أو المجمعة لعدة أشهر حسب ما يُسمى بنظام القطعة، أي حسب المواد التي يُرسلها الصحفي للجريدة كل شهر ومدى أهميتها سواء كانت خبراً أو تقريراً أو تحقيقاً صحفياً، وفي الغالب تتراوح هذه المكافأة ما بين 500 ريال إلى 3000 ريال، ونادراً ما تتجاوز هذا الرقم للصحفي النشط جداً، بحيث لا تتجاوز رقماً معيناً مهما بلغ إنتاج هذا الصحفي، وحتى هذا النظام المسمى «نظام القطعة» يعتريه النقص والظلم، فبعض المؤسسات تقيِّم أداء الصحفي على عدد ما يُنشر في الصحيفة له وليس عدد ما يرسله، ومشكلة عدم النشر موضوع آخر!
وبحسب أقوال عديد من الزملاء من هذه الفئة فإن تبريرات المؤسسات الصحفية في عدم التثبيت متنوعة، منها:
أن الصحفي المتعاون ينتمي إلى جهة أخرى هي المسؤولة عنه، لكن عندما يستعد الصحفي للتخلي عن وظيفته الحكومية أو في القطاع الخاص مقابل التثبيت فإن الصحيفة تتجاهل هذا الطلب، ثم إن الصحفي المتعاون يعمل بنفس مستوى المتفرغ أو أفضل منه فلماذا لا تتم المساواة؟!
أن تثبيت الصحفي يؤدي إلى قلة الإنتاج من الصحفي وركونه إلى الكسل وتراجع الإنتاج، وهذا في غير صالح المؤسسة، حيث تتكبَّد أعباء مالية إضافية في حين أن الإنتاج متراجع، وأن نظام القطعة عامل محفز للصحفي على الإنتاج، وهذا يصب في مصلحة المؤسسة، ودافع الصحفيون عن هذا المبرر بأن بالإمكان للمؤسسة أن تشترط مستوى معيناً عند توقيع العقد بحيث لا تقل المواد الصحفية في الشهر عن عدد معين على سبيل المثال، أو إيجاد نظام حوافز للصحفيين المنتجين.
من المبررات الأخرى أن الإعلام يُعطي الشهرة ويمنح الصحفي ممارسة هوايته وخدمة محافظته ومجتمعه، وهذه بحسب تبريرات مسؤولين ميزة تفوق الحصول على المال لدى كثيرين، أما من يريد المال فعليه البحث عنه في مكان آخر كالوظيفة الحكومية والخاصة أو الأعمال التجارية.
ويرد الصحفيون على هذا القول بأن الصحافة مهنة كسائر المهن، وعلى الرغم من أنها تعطي الشهرة لكن المجتمع في الغالب لا ينظر إلى الصحفي إلا كموظف، وكتابات الصحفي تُجيَّر وتُنسب إلى الصحيفة، وقد يكسب الصحفي شهرة عكسية من خلال جلب عداوات له من جهات خاصة أو عامة حسب نوع الكتابات التي يكتبها، وهي كما يُقال مهنة المتاعب، والصحفي يمنح وقته وموهبته وجهده للعمل الصحفي ومن حقه أن يجد المقابل المناسب، خصوصاً أن هذه المؤسسات في الغالب مقتدرة مالياً ولكنها تعمل على تعظيم الأرباح لديها على حساب الصحفي المسكين.
وإضافة إلى هضم الحقوق المالية والوظيفية للصحفي المتعاون فهناك معاناة أخرى تتعلق بالفصل التعسُّفي لأي شكوى ضد أي موضوع كتبه الصحفي المتعاون من جهة عامة أو خاصة دون منح أي فرصة للدفاع من قِبل الصحفي، وعليه فإن عملية الإيقاف والفصل من الجريدة «أسهل من شرب كأس ماء» لدى بعض رؤساء التحرير، فيكفي أن يصل اتصال إلى مكتب رئيس التحرير فيه اعتراض على أي مادة منشورة حتى يبادر بإصدار قرار الإيقاف أو الفصل وتعميمه على أقسام الجريدة ومكاتبها، ويعود هذا التساهُل في اتخاذ هذا القرار كما يذكره صحفيون إلى الشعور بالفوقية وروح التعالي لدى بعض رؤساء التحرير، كما يعود كذلك إلى منع أي احتمال للتصعيد من هذه الجهة أو تلك ضد الجريدة برفع دعوى ضد الجريدة، مما قد يكلف الجريدة مادياً ومعنوياً، ولهذا تعمد إلى فصل هذا الصحفي لامتصاص التصعيد المحتمل وإطفاء المشكلة في مهدها، على الرغم من أن كثيراً من الاتصالات لا يُقصد بها أكثر من تسجيل اعتراض لدى الجريدة أو الرغبة في نشر بيان توضيحي لما نُشر، أما السبب الرئيس في سهولة قرارات الفصل فهو عائد إلى عدم وجود نظام يحمي الصحفي المتعاون وعدم وجود عقود عمل تحميهم، وبالتالي فإن الصحفي المعزول يقف عاجزاً عن الدفاع عن نفسه على الرغم من وجود هيئة للصحفيين للسعوديين لكن الصحفيين مازالوا غير متحمِّسين لها لعدم وجود إنجازات لها على أرض الواقع في سبيل حفظ حقوق الصحفيين والدفاع عنهم خلال الفترة السابقة، على الرغم من وجود أعضاء مخلصين ومشهود لهم بوقوفهم إلى جانب قضايا الصحفيين في الهيئة، ومع ذلك تبقى هذه الهيئة الأمل الوحيد بعد الله في سبيل تغيير الوضع بعد تخلي وزارة الإعلام عنهم.
http://www.alsharq.net.sa/2013/09/01/931641