×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

سوق السبت بتنومة.. أصالة التاريخ تصدح في جوانبه

سوق السبت بتنومة.. أصالة التاريخ تصدح في جوانبه
صحيفة تنومة - سعيد معيض  مع إقرار الإجازة الأسبوعية ليومي الجمعة والسبت، بدلا من يومي الخميس والجمعة، لاح أمل جديد في إنعاش أسواق شعبية كانت تقام كل يوم سبت من الأسبوع نتيجة ارتباط الناس بأعمالهم، ومن أشهر هذه الأسواق التي كانت تقام في منطقة عسير سوق سبت تنومة الذي كان يعد من اكبر أسواق المنطقة قديما ويفد إليه التجار والمتسوقون من مناطق مختلفة من المملكة لا سيما المناطق المجاورة لتنومة.

وقام سوق سبت تنومة بالإضافة إلى دوره الاقتصادي الحيوي لمدينة تنومة وما جاورها بلعب أدوار أخرى لا تقل أهمية عن الدور الاقتصادي فقد لعب سوق سبت تنومة الشعبي دورا اجتماعيا مهما ومن ذلك أن السوق كان المكان الذي تعلن فيه الإعلانات والمطالب الحكومية من الناس قبل انتشار المذياع ووسائل الإعلام الأخرى, كما كان يتخذ مكانا للوعظ من بعض المشايخ , كما يتم فيه الصلح بين المتنازعين إلى غير ذلك من الأدوار.

ونظرا لأهمية سوق سبت تنومة التاريخية فقد اهتم به المثقفون خصوصا من أبناء المنطقة وأشاروا إليه في كتاباتهم عند الحديث عن تنومة, ولتسليط الضوء على مكانة هذا السوق الاجتماعية والتاريخية والاقتصادية التقت "الرياض" بالدكتور صالح بن علي أبوعراد الأستاذ في كلية التربية بجامعة الملك خالد بأبها وعضو النادي الأدبي بأبها, والذي يستعد لإصدار كتاب جديد عن مدينة تنومة متضمنا أهم معالمها التاريخية والسياحية وفي مقدمة ذلك سوق سبت تنومة.

أنشئ قبل 10 قرون

في البداية سألنا الدكتور أبو عراد عن مكان وتاريخ سوق سبت تنومة فقال إن سوق سبت تنومة يقع في بلدة "سَبْتْ تنومة" التي سميت به والتي تتوسط قرى محافظة تنومة، ويُعد هذا السوق الأسبوعي الوحيد في تنومة، ويُقام في يوم السبت من كل أسبوع. وهو سوقٌ قديمٌ جداً أما تاريخ إنشائه فكما ذكر المؤرخ الدكتور عبد الله أبو داهش فإن هذا السوق من الأسواق الأسبوعية الشهيرة في جبال السراة ويعود قيامه إلى سنة 448 (ثمانٍ وأربعين وأربعمائةٍ ) للهجرة أي قبل حوالي عشرة قرون من الآن.

image


وظائف متعددة

وعن أهمية هذا السوق ووظائفه في المجتمع يؤكد الدكتور أبو عراد أن هذا السوق عرف عند أبناء المنطقة باسم (سوق السَبتْ) أو (سَبْتَان) وكان يوم السوق في تنومة إلى عهدٍ قريبٍ يمثل يوم العيد الأسبوعي الذي يلتقي فيه أبناء القبائل من أهل تنومة وغيرهم للبيع والشراء وقضاء الحاجات حيث يقومون بجلب المنتجات الزراعية، والصناعية، والحيوانية لبيعها وشراء ما يحتاجونه من طعامٍ، وكساءٍ، وأغراضٍ منزليةٍ أخرى وكان للسوق وظائف اجتماعية وتعليمية وسياسية فهو يوم المقاضاة، والمحاكمة، وتبليغ إعلانات الحكومة، وإعلان قواعد القبائل للناس، وهو يوم تأديب المجرمين، وقضاء الحوائج، وتناقل الأخبار، وتحديد مواعيد المناسبات المختلفة. ولأن السوق قديماً كانت تبدأ مع بداية النهار وتستمر إلى قبيل الغروب، فقد كان في هذه السوق شجرتان ضخمتان في زاويتين من زوايا السوق تُسمى كلٌ منهما "الرَّاية" فكان رواد السوق يستظلون تحتها من حرارة الشمس، أو يجلسون في ظلها لأخذ قسط من الراحة أو لسماع خبر مهم أو إعلان ما أو موعظة. وكانت الشجرتان من نوع مثمر يسمى محلياً "الرُّقَّاع" وله ثمر يؤكل يسمى "تين الرُّقَّاع". وكان في هذا السوق حوانيت قديمة ودكاكين صغيرة لا يزال العمل في بعضها مستمراً رغم قدم بنائها وطابعها العمراني الأثري. ورواد هذا السوق قديما يفدون إليها من بيشة، وقرى تهامة، وأبها، وبللسمر، و بللحمر، والنماص، وبادية بني أثلة، وبلاد قحطان و بلاد شهران، وغيرها.

سوق سبت تنومة في كتب

الرحالة والمؤرخين

وعن ذكر سوق سبت تنومة في المراجع التاريخية أكد الدكتور أبو عراد أن سوق سبت تنومة قد ورد كثيرا في المراجع التاريخية التي تناولت المنطقة ومن ذلك ما ورد في (مذكرات سليمان شفيق باشا متصرف عسير، ص 174) حيث قال: "وقد أطلقنا في سوق السبت مدافع التحية من ثلاثة مواقع، واحداً وعشرين مدفعاً من كل موقع إعلاماً للأهالي بوصولنا". وأضاف قوله: "وإنما سميت هذه البلدة (بسوق السبت) لأنه يقام فيها في كل يوم سبت سوق عظيمة، تقصدها القبائل من جميع الأطراف لتبيع فيها ما تأتي به من نتاجها، وتشتري ما يُعرض فيها من الأقمشة، والغاز (الجاز)، والبنادق الحربية، والرصاص" ,كما أشار إليه السير كيناهان كورنواليس بقوله عن سوق السبت "إنه السوق الرئيسي لبني شهر، ومركز تجاري مهم للبدو الشرقيين الذين يجلبون البلح، والخيول، والجمال، ويقايضونها بالقمح والحبوب".

image

العملات والمقاييس المتداولة

في السوق قديما

وحول العملات النقدية والمقاييس المستخدمة قديما في هذا السوق وغيره يوضح الدكتور أبو عراد أن العملات النقدية التي عرفها أبناء تنومة قديماً كما ذكرها أحد المعمرين من أبنائها وهو الشيخ عبد الكريم بن عبد الرزاق بقوله: "الريال الفرانسي (الفرنسي)، والجنيه العُصْمَلِّي (العُثماني) والريال المَجِيدي في عهد الدولة العثمانية، والجنيه البِشْري، والجنيه الإفرنجي (الإنجليزي)، والريال العربي من الفضة". وكانت تستخدم بعض الأوزان والمكاييل والمقاييس المعروفة محلياً كما ذكر ذلك المؤرخ الدكتور غيثان علي جريس بقوله: "المكاييل التي تستعمل لكيل المنتجات الجافة أمثال الحبوب وغيرها، هي: المد ويساوي ثلاث أقق، والصاع ويساوي أربعة أمداد، والفَرَق ويساوي ثلاثة أصواع أو اثني عشر مداً، وأغلب هذه الأواني كانت مصنوعة من الخشب حيث يقوم بصناعتها النجارون المحليون من أهل البلاد". كما أن من المكاييل المستخدمة قديماً نصف المد، والرُبعَه (وهو مكيال خشبي سعته ربع المد)، والثِمْنَه (وهي مكيال خشبي سعته ثُمن المد). كما كان هناك (الرَطْل والوقِية) من الأوزان.

ويُضيف قوله: "لم يكن هناك أدوات تستخدم في القياس، كالمتر والكيلومتر إلا بعد ظهور الحكم السعودي، وخصوصاً في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الرابع عشر، لكن الأراضي الزراعية والمواقع التي تقام عليها المساكن كانت تقاس بالخطوة أو القدم عند الرجال" وقوله أيضاً: "استخدم الذراع والباع في قياس الألبسة والأقمشة وما شابهها، كما استخدمت الهنداسة في قياس الأقمشة، وهي قطعة حديدية رفيعة يبلغ طولها حوالي سبعين سنتيمتراً".

وليس هذا فحسب فمن وسائل القياس المستخدمة قديماً لبيع الأقمشة ما يُعرف بالحُدرة وهي وسيلة قياسٍ يستخدم فيها الإنسان يداه مفتوحتان للقياس، ويبلغ طولها للرجل البالغ العادي من رأس إبهام اليد اليمنى إلى الكتف الأيسر مع مراعاة أن يكون القماش في حالة القياس مثنياً؛ بمعنى أن طول الحُدرة الواحدة مترين تقريباً.

ويؤكد الدكتور أبو عراد أن الأهالي كانوا - قديماً - يعتمدون على هذا السوق في قضاء حاجاتهم، وتوفير متطلباتهم؛ إلا أن عملية البيع والشراء لم تكن محصورةً في هذا السوق فحسب، بل كان هناك بعض الباعة المتجولين - من أبناء تنومه و غيرهم - الذين يذهبون لعرض وبيع بضائعهم البسيطة في القرى؛ إما باستخدام الدواب أو سيراً على الأقدام.

البلدية تحسن السوق

نظرا للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لسوق سبت تنومة فقد قرت بلدية تنومة مؤخرا القيام بتحسينات مهمة للسوق من أجل إعادة وهجه وأهميته من جديد خصوصا بعد انتشار المحلات الجديدة في أماكن أخرى من تنومة خصوصا على الشارع العام والتي أضعفت السوق وأفقدته أهميته التاريخية, وفي هذا الصدد أكد رئيس بلدية تنومة المهندس مصلح بن صالح العلياني أن البلدية تعتزم خلال هذا العام تطوير سوق السبت الشعبي بتنومة من خلال سفلتت منطقة السوق والقيام بأعمال الرصف والتغطية بالمظلات وتحسين المرافق العامة للسوق إضافة إلى تحسين المحلات في السوق.

image


http://www.alriyadh.com/2013/07/20/article853522.html
التعليقات 4
التعليقات 4
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    الشعفي الجاد 01-10-1434 05:05 مساءً
    جميل جدا وهو الان سوف يعود السوق يوم السبت حسب الاجازة الجديدة كما قيل يقوى السبت ثم يضعف ثم يعود وعودتة قوية كما نشاهد وفية اخبار سارة قريب عن السوق شكر لسعيد على الموضوع
  • #2
    ع.الشهري 06-10-1434 04:16 صباحاً
    للأسف الشديد قامت البلدية بهدم وتغيير معالم في السوق عمرها يعود لمئات السنين منها على سبيل المثال لا الحصر( المسجد الأثري القديم المبني بالحجر - المتاجر الأثرية القديمة التي كان تجار تنومة القدامى يمارسون مهنة التجارة فيها - شجرة الرقاعة الكبيرة كانت في جانب السوق وتمت إزالتها ) كان من الممكن تلافي مثل هذه الكارثة التي حلت بتراث عظيم وقيم في سوق تنومة وكان من الممكن إقامة المشاريع الحديثة مع بقاء التراث القديم فهو دليل وشاهد على أن أمة عظيمة كانت تعيش في هذا المكان ، ومن المعروف أن كل أمة تفخر بتراثها وتبقي عليه شاهدا للأجيال ، ولكن هكذا تفعل الآراء المنفردة !! وأخيرا أرجو أن لا يقومون بإزالة السيح القديمة وأن يحافظوا عليها وأن يكون للمجلس البلدي دور في هذه المسألة ...
  • #3
    الصارم 911 24-10-1434 02:25 صباحاً
    نشكر ادارة موقع تنومة الى الاهتمام بمثل هذا الموضوع , واعتقد ان سوق سبت تنومة من اهم مااشتهرت به مدينة تنومة حيث يعلم الجميع اسمه المشهور بسوق سبت ابن عريف . ولهذاالسوق في ذهني اجمل الذكريات , وكما اشار اخي ع.الشهري ان البلدية كان لها السبب الاكبر في تدمير هذا السوق واخفاء معالمه. فبدلا ان تكون مطورة له اصبحت هادمة له , فارجو من الله ثم من بيده قرار ان يعيد لهذا السوق قيمته وان يطوره وان يوفر كلما من شانه ينظم ويرتب هذا السوق ويظهره بالمستوى اللائق لاهل تنومة ولزوارها من جميع المناطق .
  • #4
    عبد الله الطنيني 14-11-1434 11:58 مساءً
    سلمت يا أستاذ سعيد بن معيض ، وفق الله فقد أحييت بهذه النشرة المباركة ، أحد الأسواق المشهورة في جنوب المملكة العربية السعودية ، وأثريت الصحيفة بهذا الموضوع الهام ، فلك الشكر الجزيل .
أكثر  

طب وصحة

دور فيتامين سي في الوقاية من الخرف والزهايمر
/ 22 صفر 1446

دور فيتامين سي في الوقاية من الخرف والزهايمر

الخرف والزهايمر من الأمراض العصبية الخطيرة التي تنتشر بشكل كبير. لتجنبها، يجب الاعتماد على نظام غذائي صحي غني بالفيتامينات، وخاصة فيتامين سي، الذي يلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على صحة الدماغ. يوفر فيتا..

طبيبة: تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر يمكن أن يرفع من خطر الإصابة بجلطة دماغية.
/ 19 شوال 1445

طبيبة: تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر يمكن أن..

تشير الأبحاث المتعددة إلى أن العلاقة بين توقيت تناول الطعام وتكراره ومخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية قوية. وقد يؤدي تجاهل وجبة الفطور بشكل متكرر إلى الإصابة بجلطة دماغية. الدكتورة كسيني..

ما هي إبر أوزمبك لعلاج مرض السكري والتنحيف .. اضرارها الجانبية
/ 16 شوال 1445

ما هي إبر أوزمبك لعلاج مرض السكري والتنحيف .. اضرارها الجانبية

يُعد دواء **أوزمبك**، المعروف علميًا بالسيماجلوتيد، علاجًا فعّالًا يُعطى عبر الحقن تحت الجلد للمساعدة في: - **تنظيم مستوى السكر في الدم** للأشخاص المصابين بالنوع الثاني من السكري، وذلك بالتزامن مع ..