تقرير : المجلس الثاني للمجالس العلمية للدكتور عبدالله ابو داهش
صحيفة تنومة
تمَّ بعد عصر يوم السبت 20 / 8 / 1434هـ عقد المجلس الثاني من: المجالس العلمية و الأدبية التي تعقدها دار الدكتور عبدالله أبوداهش للبحث العلمي والنشر بدار صاحبها في : محافظة تنومة , قرية وديع بشعف آل معافا في : جمع علمي , حيث بدأ المجلس بتلاوة آي من القرآن الكريم , ثم مهّد الأستاذ الدكتور عبدالله أبوداهش بمختصر علمي عن : أهمية اللغة العلمية للبحث العلمي , ومكانتها في توجيه المعاني وحملها , وأتى من بعد ذلك على : دواعي النهوض بهذه اللغة , فذكر أهمية دلالتها اللغوية , وأنه ليس هنالك أعلى مكانة , ولا أرفع قدراً من دلالات القرآن الكريم , إذ هي إمام في ذلك , ثم ذكر بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأنها تسلك منهج القرآن الكريم , وتتخذه مثالاً , حيث ضرب مثالاً لذلك , هو قول الله تعالى :« يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ» [آية 87 سورة يوسف] فلفظ «فتحسسوا» مثلاً يبعث على : الإحساس بقيمة هذه الدلالة للغوية , وأنها تفوق معناها المادي المحدود , فقد تجاوزت هذا المراد إلى الإحساس : بالنظر , والترقب بالفؤاد , والتحري بالسمع عن طريق عدد من الحواس من مثل : السمع , والبصر , والفؤاد , ونحوها من الجوارح الأخرى . ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله « البِرُّ حُسنُ الخلُقِ ، و الإثمُ ما حاك في نفسِك ، و كرهتَ أن يَطَّلِعَ عليه الناسُ » فالدلالة اللغوية في هذا الحديث الشريف تعكس مدى حسن المعنى في هذا الحديث الشريف , ومدى أثره في السامع , وقدرة قائله على توجيه معانيه بما جعل الناظر في هذا الحديث يعي التركيز المعنوي الذي حمله هذا الفظ , حيث حمل لفظ البر بأسبابه العديدة معنى واحداً هو : حسن الخلق , وما ينطوي عليه من المعاني والقيم , ثم انظر لفظي : «حاك» و «كرهت» تجد دلالتهما ظاهرة في سلوك الإنسان , فلفظ حاك يعبر عما يدور في الخاطر , وبخاصة من يصدر من الناس في حياته عن إيمان حقيقي راسخ مؤداه هذا الإحساس المرهف الصادق الذي يمثل الميزان المادي المعهود , وما يؤديه من عمل تجاه العدل بين الناس .
وحين نستحسن من الشعر العربي بعض أبياته وألفاظه فإنما يعد ذلك شاهداً على حقيقة قيمة الدلالة اللغوية , وأنها تتسم في أبيات بعض الشعراء بالفخامة , والجزالة , وأنها تؤدي دوراً حقيقياً في تحقيق الصور الشعرية بعيداً عن المعهود في بناء تلك الصور عن طريق الأسباب البلاغية الأخرى , من مثل : الاستعارة , والتشبيه , والكناية , ونحوها , وذلك في مثل قول الشاعر : زهير بن أبي سُلمى , والمتنبي , و أحمد شوقي , وكلهم يحسن توظيف الدلالة اللغوية في شعره , يقول مثلاً زهير بن أبي سلمى :
تمَّ بعد عصر يوم السبت 20 / 8 / 1434هـ عقد المجلس الثاني من: المجالس العلمية و الأدبية التي تعقدها دار الدكتور عبدالله أبوداهش للبحث العلمي والنشر بدار صاحبها في : محافظة تنومة , قرية وديع بشعف آل معافا في : جمع علمي , حيث بدأ المجلس بتلاوة آي من القرآن الكريم , ثم مهّد الأستاذ الدكتور عبدالله أبوداهش بمختصر علمي عن : أهمية اللغة العلمية للبحث العلمي , ومكانتها في توجيه المعاني وحملها , وأتى من بعد ذلك على : دواعي النهوض بهذه اللغة , فذكر أهمية دلالتها اللغوية , وأنه ليس هنالك أعلى مكانة , ولا أرفع قدراً من دلالات القرآن الكريم , إذ هي إمام في ذلك , ثم ذكر بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأنها تسلك منهج القرآن الكريم , وتتخذه مثالاً , حيث ضرب مثالاً لذلك , هو قول الله تعالى :« يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ» [آية 87 سورة يوسف] فلفظ «فتحسسوا» مثلاً يبعث على : الإحساس بقيمة هذه الدلالة للغوية , وأنها تفوق معناها المادي المحدود , فقد تجاوزت هذا المراد إلى الإحساس : بالنظر , والترقب بالفؤاد , والتحري بالسمع عن طريق عدد من الحواس من مثل : السمع , والبصر , والفؤاد , ونحوها من الجوارح الأخرى . ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله « البِرُّ حُسنُ الخلُقِ ، و الإثمُ ما حاك في نفسِك ، و كرهتَ أن يَطَّلِعَ عليه الناسُ » فالدلالة اللغوية في هذا الحديث الشريف تعكس مدى حسن المعنى في هذا الحديث الشريف , ومدى أثره في السامع , وقدرة قائله على توجيه معانيه بما جعل الناظر في هذا الحديث يعي التركيز المعنوي الذي حمله هذا الفظ , حيث حمل لفظ البر بأسبابه العديدة معنى واحداً هو : حسن الخلق , وما ينطوي عليه من المعاني والقيم , ثم انظر لفظي : «حاك» و «كرهت» تجد دلالتهما ظاهرة في سلوك الإنسان , فلفظ حاك يعبر عما يدور في الخاطر , وبخاصة من يصدر من الناس في حياته عن إيمان حقيقي راسخ مؤداه هذا الإحساس المرهف الصادق الذي يمثل الميزان المادي المعهود , وما يؤديه من عمل تجاه العدل بين الناس .
وحين نستحسن من الشعر العربي بعض أبياته وألفاظه فإنما يعد ذلك شاهداً على حقيقة قيمة الدلالة اللغوية , وأنها تتسم في أبيات بعض الشعراء بالفخامة , والجزالة , وأنها تؤدي دوراً حقيقياً في تحقيق الصور الشعرية بعيداً عن المعهود في بناء تلك الصور عن طريق الأسباب البلاغية الأخرى , من مثل : الاستعارة , والتشبيه , والكناية , ونحوها , وذلك في مثل قول الشاعر : زهير بن أبي سُلمى , والمتنبي , و أحمد شوقي , وكلهم يحسن توظيف الدلالة اللغوية في شعره , يقول مثلاً زهير بن أبي سلمى :
أمِنْ أمّ أوْفَى دمْنةٌ لم تَكلَّم = بحَوْمانة الدَّراج فالمتثلَّم
بها العينُ والآرامُ يمشين خِلْفَةً=وأطْلاؤها يَنهضْنَ مِنْ كُلِّ مجثمِ
ويقول أيضاً : بها العينُ والآرامُ يمشين خِلْفَةً=وأطْلاؤها يَنهضْنَ مِنْ كُلِّ مجثمِ
فبيْنا نُبغِي الصَّيْدَ جاء غُلامُنا= يَدِبُّ ويُخْفي شخْصَهُ ويُضائلُهُ
ويقول : وخلْفَها سائِق يحْدُو إذا خَشيَتْ = مِنهُ اللحاقَ تمدّ الصُّلْبَ والعُنقا
وقابلٌ يتغنى كلَّما قدرَتْ= على العراقي يداهُ قائماً دَفَقَا
يحيلُ في جَدْولٍ تحبو ضفادعُهُ=حَبْوَ الجواري ترى في مائة نطقا
يحْرُجْن مِنْ شَرَبات ماؤها طحِلٌ= على الجذُوع يخفن الغَمَّ والغرقا
ويقول المتنبي : وقابلٌ يتغنى كلَّما قدرَتْ= على العراقي يداهُ قائماً دَفَقَا
يحيلُ في جَدْولٍ تحبو ضفادعُهُ=حَبْوَ الجواري ترى في مائة نطقا
يحْرُجْن مِنْ شَرَبات ماؤها طحِلٌ= على الجذُوع يخفن الغَمَّ والغرقا
أمُعَفِّرَ الليث الهِزبْرِ بسَوْطِهِ= لِمَنِ ادّخَرْتَ الصَّارِمَ المصْقُولا
وَقَعَتْ على الأردُنِّ منْه بليهٌ= نُضِدَتْ بها هَامُ الرِّفاقِ تُلولا
وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيْرَةَ شَارباً= وَرَدَ الفراتَ زئيرُه والنِّيلا
يَطأُ الثَّرى مُتَرَفِّقاً مِنْ تَيِهِهِ=فَكَأنّهُ آسٍ يَجُسُّ عَلِيلاً
ويقول : وَقَعَتْ على الأردُنِّ منْه بليهٌ= نُضِدَتْ بها هَامُ الرِّفاقِ تُلولا
وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيْرَةَ شَارباً= وَرَدَ الفراتَ زئيرُه والنِّيلا
يَطأُ الثَّرى مُتَرَفِّقاً مِنْ تَيِهِهِ=فَكَأنّهُ آسٍ يَجُسُّ عَلِيلاً
رَمَاني الدَّهرُ بالأرْزَاءِ حَتَّى= فُؤَادِي في غِشَاءٍ مِنْ نِبَالِ
فَصِرْتُ إذا أصَابَتْني سِهامٌ= تَكسَّرَتِ النِّصالُ على النَّصالِ
ويقول : فَصِرْتُ إذا أصَابَتْني سِهامٌ= تَكسَّرَتِ النِّصالُ على النَّصالِ
طَوَى الجزيرةَ حتى جائني خَبرٌ = فَزِعتُ فيه بآمالي إلى الكَذِب
ويقول أحمد شوقي :ياساريَ البرق يَرمي عن جوانحنا= بعدَ الهدوء , ويهمي عن مآقينا
لما ترقرق في دمع السماء دَماً= هاج البكاَ فخضبنا الأرض باكينا
وقوله :لما ترقرق في دمع السماء دَماً= هاج البكاَ فخضبنا الأرض باكينا
اختللاف النهار والليل يسني= إذكرا لي الصبا وأيام أنسي
مستطار إذا البواخر رنت= أول الليل أو عوت بعد جرس
ثم عرض الأستاذ الدكتور عبدالله أبوداهش لبناء القول في توجيه الجمل , وذكر أهم المصادر العلمية في اللغة والأدب ولا غرو فلغة القرآن الكريم نزلت على لسان بعض قبائل الجزيرة العربية في , مثل قول : القاضي عبدالرحمن بن الحسن البهكلي رحمه الله تعالى:مستطار إذا البواخر رنت= أول الليل أو عوت بعد جرس
قريش هذيل مع تميم وأزدهم = ربيعتهم سَعْد بن مالك هوازن
وتسآل الباحث عن قيمة هذه الدلالات اللغوية , أهي في : الإعجاز : العلمي , أم الغيبي , أم اللفظي , وكل أولئك يخضع لعظمة القرآن الكريم , وبلاغته , ولقد صحب هذا الدرس العلمي في هذا المجلس عرض مرئي , وسيكون عقد المجلس الثالث والأخير - إن شاء الله تعالى - قبل شهر رمضان الكريم بعد عصر يوم السبت 27 / 8 / 1434هـ الساعة الخامسة في موضوع : المصطلحات العلمية وتطبيقاتها , والله ولي التوفيق .