قصة الإسهام في : جمع , و تحقيق تراث : علماء جنوبي الجزيرة العربية

أقول كاد سرار القرن الرابع عشر الهجري ينقضي ويزول والفتى المعيد في كلية الأدب جامعة الرياض سابقاً الملك سعود حالياً سنة (1398هــ/ 1978م) يحمل همة بعيدة المدى , لا تقصر به بفضل الله تعالى بل تزيد , يأمل جمع ما يتمناه من تراث منطقته, بل ويود التاريخ له , فهو من قبل على علم بأهمية التراث كان أبوه يملك شيئاً منه , ثم وهو في الجامعة يسمع عن أهمية التراث , ويحس بمنزلته , فقد اطلع يومذاك على أخبار الجنوبيبن :أهل تهامة على وجة الخصوص , وقرأ بعض كتبهم , ولما عاد صيف عام 1398هـ إلى قريته الصفحة بتنومة بني شهر بمنطقة عسير زار بلدة رجال ألمع وقريتها , رُجال مهوى العلم وموطنه ,حيث التقى ببعض فقهائها ورجال من أهلها , وبخاصة أحفاد أسرة آل بكرى العجييلين ,ومنهم: الحفظيون , حيث وجد : «ما يشجعه على دراسة [ تاريخ الأدب في الجنوب ] وبخاصة لما رآه من : المخطوطات والآثار الأدبية عند بعض الأسر في مكتباتهم الخاصة» وعندئذ عقد العزم على دراسة تراثهم , وامتد نظره نحو المخلاف السليماني فزارة من بعد وعدّل في وجهته العلمية وقد هم من قبل بدراسة موضوع غير ما هو بصدده .

يقول الباحث , وقد وقر في قلبه حبّ هذا النهج ووجهته : «وإني لأذكر في هذا المقام ذلك الحوار الماتع الظاهر بين صاحب هذه المجلة وشيخه: الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشامخ أواخر القرن الرابع عشر الهجري .. , وقد هم الباحث بدراسة أدب الجنوبيين [وفكرهم] في رسالته العلمية لدرجة الماجستير في قسم اللغة العربية وآدبها بكلية الآداب جامعة الرياض سابقاً (الملك سعود حالياً) , وهو يومئذ معيد فيها , حين رشح القسم الأستاذ الدكتور الشامخ مشرفاً على تلك الرسالة , إذ قال الدكتور الشامخ مشفقا على تلميذة : ليس هناك ما يمكن درسه من آثار مخطوطة للجنوبيين : أهل تهامة والسراة في هذه الرسالة , ومن الآفضل دراسة موضوع آخر غير ما تهم به لتحضير درجتك العلمية
فأجاب الدارس وقد بَصُر عن جنب بشيء من تلك الآثار بل دعني أسعى فيما أُأَمل درسه حيث لم يدم ذلك الحوار بينهما طويلاً حول هذا الموضوع , بل بارك الشيخ رأي تلميذة , ودعا له بالتوفيق .
عندئذ أفضل الله سبحانه بإعداد تلك الرسالة في عدد غير يسير من: المصادر والوثائق المخطوطة , وجمع الباحث نحو ثلاثمائة مخطوطة أصل , نشر منها من بعد ذلك ما يدنو من [خمس] وعشرين رسالة وكتاباً ,وهو ما دعا الدكتور الشامخ إلى قوله في رسالة بعث بها إلى الباحث في 20 / 4 / 1409هـ : «زاد من سروري أن رأيت تلك الشجرة الطيبة : شجرة الأدب في الجنوب وقد صارت دوحة تورف بالأغصان , وتساقط أحلى الجنى» , ولقد عرض الباحث معاناته في جمع تلك الآثار الفكرية الأدبية , وما لاقاه في سبيل الحصول عليها في كتابه «حياة في الحياة» , إذ يسر الله تحقيق الآتي :

إلى جانب عدد غير قليل من المؤلفات الأخرى , والبحوث والمقالات , والدراسات العلمية , وهو ما ساعد على تبيان الحركة الفكرية والأدبية في هذه المراكز الفكرية والأدبية في الجنوب الغربي من الجزيرة العربية عبر القرن الأول حتى العصر الحديث والمعاصر , ولقد استوعبت مجلة حباشة في حولياتها العديد من: البحوث, والدراسات, والتحقيقات بما جعل بفضل الله تعالى- لهذه الأنحاء من جزيرة العرب حضوراً فكرياً أدبياً ظاهراً , ناهيك عن دور جائزة الدكتور عبدالله بن محمد أبوداهش للبحث العلمي في أذكاء روح التنافس العلمي بين الباحثين , وبخاصة وهي تبلغ دورتها السادسة اليوم بفضل الله تعالى , وكان لدار الدكتور عبدالله بن محمد أبوداهش للبحث العلمي والنشر أثر في الإشراف على هذه الإسهامات العلمية والأدبية ورعايتها وتوجيهها , وهو ما يحتسبه صاحبها من أجور و وثواب عند الله سبحانه وتعالى .

إعداد أ. محمد بن عبدالله أبوداهش
مدير الدار , وأمين جائزتها
مدينة الرياض
حي القدس
في 27 /4/ 1434هـ