×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

إنتصارٌ في المطار

إنتصارٌ في المطار

منذ فترة تفاجأت وأنا في أحد المطارات الكبيرة في المملكة بأحد الشباب يركض فرحاً وهو يطلق صرخات الفرح والنصر ، وكأنه أحرز هدفاً قاتلاً أهل به المنتخب السعودي من عنق الزجاجة إلى نهائيات كأس العالم ، وبعد التحري اتضح أنه كان أحد الركاب الذين تمكنوا من الحصول على بطاقة صعود الطائرة من موظف ركاب انتظار الخطوط السعودية ، وعلى الرغم من مبالغة هذا الشاب وعدم حضاريته في هذا الموقف إلا أن التساؤل العجيب والكبير كان عن الخطوط السعودية والتي كلما سمعنا عبارتها الشهيرة في ختام كل رحلة (ونتمنى أن نراكم قريباً على إحدى رحلات السعودية) كنا نتساءل عن اليوم الذي نجد فيه شركات طيران منافسة تبحث عن العميل وتقدم له الخدمة التي يريدها وبجودة عالية ، وتجعل الناس في المطارات يعيشون عواطف طعم لقاء الأحباب و تلويحات الوداع ، بدلاً من أزمات الحجوزات و الطوابير الطويلة أو البحث عن مقاعد الواسطة.
والحقيقة أنها تضاعفت الصدمة بقدوم شركات طيران هشَّة وغير منافسة صنعت لركابها الكثير من المآسي، فأصبحنا نتحسر على النديم القديم، بكل ما كنا نسجله عليه من ملاحظات.
وحتى نكون منصفين فإن شركة الخطوط السعودية تقوم بجهود تطويرية في تطبيق بعض تقنيات خدمة العملاء من خلال الإنترنت أو رسائل الجوال، أو خدمة إصدار بطاقات صعود الطائرة آلياً، إلا أنها لا تزال متأخرة من حيث شمولية الخدمات وسرعتها.
والخطوط السعودية رغم عراقتها فعمرها ينوف عن الستين عاماً إلا أنها لم تستطع مواكبة المنافسة الإقليمية والعالمية فخطوط طيران الإمارات على سبيل المثال نشأت قبل عشرين عاماً وأرباحها ضعف أرباح السعودية .
كما أنها لم تعمل على التحديث والابتكار وتدريب القوى العاملة بشكل نوعي، والطائرات المستخدمة داخلياً صغيرة وتسبب صعوبات للركاب.
ومكاتب خدمات الخطوط الرئيسة في المدن قليلة ففي مدينة الرياض العاصمة مكتب واحد فقط وأرقام خدمة العملاء فيه في أوقات المواسم والفعاليات بالأيام ، والأفراد العاملين في بطاقات صعود الطائرة قلة وأجهزة إصدارها قليلة وأعطالها كثيرة ، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يتم توفير بطاقات صعود الطائرة في الأماكن العامة والأسواق الكبيرة ؟
ومن وجهة نظري كذلك أن قرارات الخطوط السعودية بحاجة إلى مزيد من الدراسة حتى تكون مُقنعة ومقبولة من الجمهور ، وليس أدل على ذلك من قرارها الأخير والذي شرعت في تطبيقه بداية فبراير الماضي في خط جدة- الرياض-جدة ، وهو أنه سيتم حسم 25% من قيمة التذكرة في حالة الحجز وعدم الإلغاء قبل موعد السفر ؛ وذلك لمعاقبة المتقاعسين عن السفر وتوفير مقاعد للجادين ، وأعتقد أن هذا القرار لابد أن يصاحبه خدمة متكاملة وعدل بين الخطوط السعودية وعملائها في جميع الحالات.
ففي ذات العلاقة يبرز سؤال ملّح وهو : من يُعّوض الركاب عندما تتأخر إحدى الرحلات والذي عادةً ما يكون لساعات وبسبب تأخر وصول الطائرة أو لظروف تشغيلية ؟ ومن المؤكد في هذه الحالة أن من بين الركاب من لديه ظروف صحية ودراسية ومال وأعمال ، لا سيما إذا أحضر ما يثبت ذلك ، أم أن الخطوط تحصل على حقوقها ؛ لأنها في موقع القوة وتنسى أو تتناسى حقوق المسافرين ؟ خاصة وأن هناك حماية للعميل (المسافر) وفق أنظمة الطيران الدولية.
إن الخطوط السعودية في حالتها الراهنة لا تزال محتكرة حتى بوجود خطوط (سما) و(ناس) فهي تفرض الرسوم وترفع أسعار التذاكر رغم أنه بموجب نظامها الأساسي لا يحق لها فرض ضريبة أو رسم مالي أو تكليف مالي إلا للاحتياج ، وبشرط أن يصدر هذا التكليف المالي بموجب نظام يصدر بمرسوم ملكي فهي تفرض رسوماً وأسعاراً بشكل لا يتناسب مع كونها منشأة حكومية.
إن لدى الخطوط السعودية مقومات تجعلها مطالبة أن تكون في طليعة خطوط الطيران العالمية من خلال الاستفادة من إمكانات بلادنا الدينية والاقتصادية والجغرافية والسكانية ، وهي بحاجة إلى قرارات إستراتيجية منها تنفيذ مشروع الخصخصة وإعداد قاعدة متينة من الطائرات الحديثة والتأهيل المتميز ، ومن اللازم أن تكون علاقتها بالمستهلك قائمة على آليات نظامية ومنضبطة ، وليس من أجل أنها الوحيدة التي أمام المستهلك
.


زهير عبدالله الشهري
مشرف تربوي وأكاديمي سعودي
Zheer.alshehri@gmail.com
(تنومة)
 0  0  7391