×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

التعليم العالي الفرنسي وسرّ التميز

تحدثنا في مقالات سابقة عن التعليم العالي الألماني وعرفنا سرّ تفوق التعليم المهني في هذه الدولة الصناعية. سنتطرق في مقالنا هذا والمقالات المقبلة إلى سرّ تفوق التعليم في فرنسا. وكما سبق، أن ذكرنا أن الهدف ليس عرض نظام التعليم العالي في دولة ما, بقدر ما هو التعرف على سر تميز هذا النظام. وكيف أن هناك دولا صناعية متقدمة تبلغ نسبة الخريجين المنتسبين للتعليم العالي أقل من الثلث. ما سرّ التميز في التعليم ما بعد الثانوي في هذه الدول؟ وهل الجميع يرغب في مواصلة تعليمه الجامعي؟ أم أن هناك فرصا أكثر جاذبية؟ التعليم العالي ـ في الغالب ـ في معظم هذه الدول للمتفوقين فقط, ولمن لديهم رغبة في التعليم الأكاديمي, أو مواصلة الأبحاث التطبيقية والنظرية.

بلغ عدد الطلاب في فرنسا للعام الجامعي 2007/2008 م نحو 2.3 مليون طالب وطالبة ينتمون إلى أكثر من 3500 مؤسسة تعليمية حكومية وخاصة موزعين على 84 جامعة و235 مدرسة عليا للهندسة تمنح أكثر من 2500 شهادة جامعية معتمدة. وتستقبل الجامعات الفرنسية أكثر بقليل من 1.5 مليون طالب، من بينهم نحو 10 في المائة من الطلاب الأجانب من جنسياتٍ مختلفة.

تقدر ميزانية التعليم العالي في فرنسا بنحو 117 مليار يورو, وهذا يمثل أكثر من 20 في المائة من ميزانية الدولة, يوجه نحو ثلث الميزانية للأنشطة البحثية.

يوجد في فرنسا عدد من المؤسسات التعليمية ومنها ما يسمى بالجامعات، أو بالمدارس الكبرى، أو ما يسمى بالمعاهد العليا للعلوم التطبيقية.


الجامعات الفرنسية:

تعطي الجامعات الفرنسية الطالب الجامعي الخيار لبناء مستقبله اعتمادا على رغبته وقدراته العلمية. تقدّم الجامعات الفرنسية تأهيلاً أساسياً (نظرياً)، وتأهيلاً تقنياً, وتأهيلاً مهنياً. يدرس الطالب معظم العلوم الأساسية. كما تُحَضّر الطلاب لإجراء الأبحاث أو لدخول الحياة العملية. وهناك عدد من الدبلومات والمؤهلات الجامعية المختلفة مثل الدبلومات الوطنية، والدبلومات النوعية.


المدارس الكبرى:

تؤهل هذه المدارس الكبرى مهندسين وإداريين رفيعي المستوى، كما تؤهّل اختصاصيين في الفنون والآداب والعلوم الإنسانية. يتمتع خريجو هذه المدارس بسمعة عالية في سوق العمل المحلية والدولية، ويحصلون على رواتب مغرية.

يوجد في فرنسا نحو 235 مدرسة كبرى للهندسة في القطاعين العام والخاص. تختار - المدارس الكبرى - طلابها بعناية، ويشكل عددهم نسبة بسيطة جداً مقارنة بعدد الطلاب الذين تستقبلهم الجامعات. المدارس الكبرى مؤسسات حكومية وخاصة، تعدّ الطالب لممارساتٍ مهنية تخصصية, وتؤهّل المتخصصين في مجالاتٍ تخصصية دقيقة مثل علوم الهندسة, وإدارة الأعمال، والفن، والعمارة، والحقوق. تمثل المدارس الكبرى خصوصيةً فرنسية. إذ إنها مؤسسات محلية لها شهرة كبيرة ولا تقبل إلا المتميزين من الطلبة.

هناك عدد من المؤهلات تعرف بالتأهيل القصير، والتأهيل الطويل، والتأهيل التخصصي. تستغرق الدراسة في التأهيل القصير فيما بين سنتين إلى ثلاث سنوات . وتغطي في الغالب مجال الأعمال، والمجالات الصناعية والخدمات, يقدّم هذا النوع من التأهيل عموماً في المعاهد المتعددة الاختصاصات المرتبطة بالجامعات (المعاهد الجامعية التقنية) IUT أو في المدارس المتخصصة. يتضمن مسار هذه المعاهد دائماً دوراتٍ تدريبية في الشركات، وهذا يعطي فكرةً حقيقة عن سوق العمل.

ويتم انتقاء الطلبة في هذه المعاهد بعناية فائقة. وتولى قطاعات التعليم التقني العالي في فرنسا اهتماماً خاصاً. إذ إن صفوة التعليم الثانوي يقبلون في هذه المعاهد. ويوجد أكثر من 100 تخصص تقني دقيق يحصل فيها الطالب على شهادة التقنية العالية، وتتيح هذه الشهادة للحاصل عليها الانخراط الفوري في الحياة المهنية.

سأتطرق في المقال المقبل إن شاء الله للشرح عن الجامعات التقنية والمعاهد التخصصية العليا, وعن التأهيل القصير والطويل والتخصصي, وهل هي الطريق الأمثل للتعليم في المملكة, أم أن هناك أنظمة عالمية أكثر جاذبية ويمكن تطبيقها.

 0  0  2833