×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

أقبلت يا رمضان

التحرير
بواسطة : التحرير
أقبلت يا رمضان
الجمعة 25/ 8/1431هـ



الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102} [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1} [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] {الأحزاب:70-71}.
أما بعــد
فيا عباد الله
عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يخطئه أحد طرفي النهار أن يأتي بيت أبي بكر إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله بالهجرة وبالخروج من مكة من بين ظهراني قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تأخر أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أخرج عني من عندك قال يا نبي الله إنما هما ابنتاي وما ذاك فداك أبي وأمي قال إن الله عز و جل قد أذن لي بالخروج والهجرة فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال الصحبة
قالت فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي من الفرح
وعن قتادة عن انس قال سمعت النبي قال لأبي بن كعب إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن قال آلله سماني لك , قد ذكرت عند رب العالمين قال نعم فذرفت عيناه أخرجه البخاري
طفح السرور علي حتى إنه من فرط ما قد سرني أبكاني
أقوام يبكون فرحا بطاعة الله , تذرف دموعهم شوقا للقاء الله .
عباد الله
ماهي إلا أيام ويعلن خبر رمضان ، ويهنّؤ بعضنا بعضا ، فهذا شاب يقبّل رأس أمه ، وآخر يحتفل بقبلات في يد والده ، وثالث راح مسرعاً يعانق أولاده ، ورابع لقي جيرانه ، فبارك لهم فرحتهم ، وآخرون هناك على جنبات الطريق يبارك بعضهم لبعضهم في لقاء هذا الحبيب !!!
وآخر جلس يتأمّل كل ذلك ، ودموع الفرحة غمرت عيناه ، وغسلت وجنتاه ، تذكر نعمة الله ، فيا لله ما أجملها من لحظات ... حرارة الدمع في عينيه أبلغ من كل رسول برمضان ، وحرارة الفرحة في قلبه أبلغ من كل مخبر بهذا الشهر .
عبد الله هلا جلست وتأملت !! تُرى ما هذه النعمة الوارفة في حياتنا ؟ بلد آمن ! وبيت ساتر ! وجمع مكتمل ! وذكرى حسنة !
قلب الطرف في هذه النعمة ، تأمّل أسراً مكلومة ، وبيوتاً مسلوبة ، وظروفاً مريرة , قارن ما بين فرحتك وفرحة الآخرين .
تذكرت نعم الله العظيمة ، تذكر أنك إن أدركت رمضان فإن الله منحنك فرصة أخرى في حين أسدل ستار الفرص على آخرين ، فطويت حياتهم ، ودفنت أيامهم ، وأصبحوا ذكريات في أزمان هذه المناسبات .
أسبل دموع الفرحة لأنه بقي زمنٌ للتوبة ، ووقتٌ للإنابة والعودة ... في حين شهدت بعينيك حوادث كثير من الأصدقاء والأصحاب ما بين راحل كان ينتظر ، وبين قعيد كان يؤمّل !
أسبل دموع الفرحة وسل الله أن يبلغك رمضان , أولست تشعر بألم تجاه رمضان الفائت ، مرت تلك الأيام وانقضت فلم نستفق إلا بخبر العيد فيها ، تلاوة لم تكتمل ، وصلاة خدشها اللهو والعبث ، وتفريط في سحر ، ونسيان لفضائل ، وتغافل عن أجور ومكرمات .
لقد جاء رمضان ليعطينا فرصة لا ستدراك كل ذلك ، فلماذا لا تدمع الأعين ونحن في مثل هذا النعيم ؟ دموع الفرحة لأن هذا المشهد يؤكّد في نفوسنا بقاء هذا الدين على مر الأزمان والأحوال ، باقٍ وإن لوّث صفحاته العابثون ، باقٍ وإن همّش ذكرياته الحاقدون . باقٍ إلى أن يأذن الله تعالى بزوال المخلوقين .
يكفينا هذا المشهد فرحة لأننا ونحن ندعوا لهذا الدين نجد الإله يدعم دعواتنا ، ويكتب رسالتنا ، ويخلّد آثارنا ، أفليس من حقنا الفرح ونحن نشاهد هذه المناسبة ؟
تغمرنا الفرحة هذا العام رغم كل ما نراه من ظروف في العالم الإسلامي اليوم ، ففي فلسطين سر الفرحة هذا الصمود ، وتلك الأنفس الأبية الطامحة إلى رضوان الله تعالى ، وتلك القلوب المؤمنة الصادقة في لقاء ربها تحت لواء الجهاد الصادق .
نفرح بمقدمك يا شهر الغفران رغم تلك الدماء المتناثرة على أرض بغداد ، ذلك لأن الدرس الذي لقيه الأعداء أبلغ بكثير من تلك الدماء المتناثرة على أرض البصرة والكوفة ، وسر الفرحة أن تلك الإرادة علمتنا أن الأمم لا تموت بتناثر دمائها ولكنها تكتب مجداً آخر على صفحات الزمن .
إن الشعوب لا تموت بموت أفرادها ، ولكنها تموت حقيقة بموت قيمها ومبادئها .
تغمرنا الفرحة رغم كل ما نراه اليوم من تكالبٍ على حياض الإسلام ، لأننا نرى في كل محنة منحة ، ومع كل ضائقة فرجاً ، وسر الفرحة أنه بالرغم من كل الجهود لطمس معالم الإسلام إلا أننا نرى كل يوم قادم يحتفل بالإسلام منهجاً رغم كل الظروف .
فمرحبا بك يا شهر الصيام , مرحبا بك يا شهر الغفران , مرحبا بك يا شهر العتق من النيران .


لقدأقبلت يا رمضان
تستحثّ النفوس التي أساءت أن تغير سوادها بياضاً
أقبلت ياشهر الخير
لتحرك القوب إلى ذي العرش المجيد فتتعالى , عن ركام الدنيا الفانية .
أقبلت يارمضان
لتأخذ بيد كل تائهٍ فترشده الطريق أن امضي من هاهنا حيث سبقك الصحب
أقبلت ياشهر الخير
لتقول لدنيانا أن توقفي في نفوسنا ..ولهمومنا..أن تباعدي وتوحدي
بالهمّ الأكبر رضا ربنا جل في علاه
أقبلت ياشهر المحبة
لتطرق على قلوبنا طرقاً يفوح من عبير الشوق فمع كل طرقة يزداد شوقنا ومع كل خفقة تعلو نفوسنا ومع كل نسمة تترحل أرواحنا بعيداً
عباد الله
هاهو شهر الخير أقبل , فسلوا الله أن يبلغنا إياه
إن رمضان يناديكم فيقول
يامجمع المؤمنين بشراكم والسعد حاديكم والشوق وافاكم فالمبارك بين الشهور قد لفاكم فلتحمدوا يا مسلمون مولاكم
يامسلمون أدركوني فقد يمر العام فلا تجدوني
فلتجعلوني رحمةً لكم ومأنسا وفرصةً للغفران فلا تضيعوني
سألتكم بربي .. لاتجعلوني شهراً للمعازف واللهو والفن .. ونشر البلاء وكل زائف , ولتفتحوا بإهلالتي الجديد من الصحائف
من التوبة والصدق والدعوة للتآلف ونبذ الحقد والحسد وكل مايدعوا للتخالف ولتغسلوا قلوبكم بذكر مولاكم في ليلكم ونهاركم وضحاكم
فقد أرحل وأعود أخرى فهل أجدكم وألقاكم؟؟
فكم من عبد مستبشر بالأمس بمقدمي ، واليوم لا وجود له معكم
قد حواه المنون فأرداه فهل من عبرة بمن قبلكم
من أهلكم وصحبكم وخلانكم ، فأدركوني قبل رحيلي أو رحيلكم
فليوشكن أمري على القضاء .. فهل إذا عدت بعد رحيلي سألتقي بكم
اللهم بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه يا منان
أقول ما سمعتم ...






الخطبة الثانية

الحمد لله الذي خص بعض مخلوقاته بما شاء من الفضائل ، و الصلاة و السلام على نبيه الأمين ، و بعد فيا أخي الحبيب:
هاهو رمضان على الأبواب قد أتي .
رمضان : الذي طالما حنت إليه قلوب المتقين .
رمضان : الذي طالما اشتاقت إليه نفوس الصالحين.
وكيف لا تحن القلوب إلى شهر الخير والبركة .
كيف لا تشتاق القلوب إلى شهر المغفرة و الرحمة.
أخي المبارك
إن هذا الشهر قد خصه الله بخصائص عظيمة ، وميزه الله بفضائل جليلة .
فهو شهر الصيام ؛ الذي هو ركن من أركان الإسلام .
الصيام ؛ الذي كل عمل بن آدم له إلا الصوم ، فإنه لله وهو يجزي به .
إنه شهر تتفتح فيه أبواب الجنان ، وتغلق أبواب النار.
إنه شهر تصفد فيه مردة الشياطين .
وأعلم يا عبد الله
أن من أعظم فضائل رمضان أنه موسم كبير للمغفرة .
نعم ، المغفرة التي نحتاجها جميعا
المغفرة : التي من كُتبت له ، فقد كُتب له الخير كله . وهل يُمنع العباد من دخول الجنان إلا بسبب عدم المغفرة ؟
وهل يَدخل العباد النار إلا بسبب الذنوب التي لم تُغفر؟
الذنوب : التي هي سبب لكل بلاء ، ومصيبة .
الذنوب : التي تُورث في القلب ظلمة ، و وحشة .
الذنوب : التي تحول بينك و بين ربك و مولاك
فيا من يُريد المغفرة : يا من أثقلت كواهلَه المعاصي: هاهو موسم من مواسم المغفرة قد أقبل . فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من صام رمضان إيمانا و احتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه )) (أخرجه البخاري في صحيحه ) .
وعنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر )) ( أخرجه مسلم ) .
يالها من بشرى عظيمة ، بشرى بالمغفرة ؛ يا من تصوم رمضان ابتغاء وجه الله ، واطلب الأجر من الله ، وابشر فالمغفرة وشيكة بإذن الله .
هذا وصلوا وسلمو
بواسطة : التحرير
 0  0  2927