التعليم العالي الألماني وسرّ التميز المهني \"1 من 2\"
عوض آل سرور الأسمري
نظراً لما للتعليم العالي من أهمية في تطوير الدول وشعوبها, ونظراً لتأثيره المباشر في خطط التنمية المحلية والخطط الاستراتيجية المستقبلية، فإنني سأخصص هذا المقال والمقالات المقبلة لإعطاء لمحة مبسطة عن أنظمة التعليم العالي في دولة ألمانيا, فرنسا, واليابان, وأخيراً النظامين الأمريكي والكندي.
الهدف ليس عرض نظام التعليم العالي في دولة ما, بقدر ما هو التعرف إلى سر تميز هذا النظام. وكيف أن هناك دولا صناعية متقدمة تبلغ نسبة الخريجين المنتسبين للتعليم العالي أقل من الثلث. ما هو سرّ التميز في التعليم ما بعد الثانوي في هذه الدول؟ وهل الجميع يرغب في مواصلة تعليمه الجامعي؟ أم أن هناك فرصا أكثر جاذبية؟ التعليم العالي في الغالب في معظم هذه الدول للمتفوقين فقط, ولمن لديهم رغبة في التعليم الأكاديمي, أو مواصلة الأبحاث التطبيقية والنظرية.
بعد الحرب العالمية الثانية تطور نظام التعليم العالي في ألمانيا ليغطي عددا كبيرا من التخصصات المختلفة، وقد زاد عدد الجامعات بعد الوحدة الألمانية. فعلى من يرغب مواصلة تعليمه العالي في ألمانيا الاختيار من بين 376 مؤسسة للتعليم العالي, منتشرة في أنحاء البلاد كافة, سواءً في المدن الكبيرة أو في الريف وسط الخضرة وبعيداً عن الضوضاء، في ظل أجواء تقليدية قديمة أو أجواء عصرية في قمة الحداثة . فمثلا ولاية نوردراين فيستفالن وحدها تحتوي على أكثر من 19 جامعة و25 معهدا عاليا تخصصيا و8 معاهد فنية عليا, تأسس الكثير منها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، في عصر الانفجار الجامعي، الذي تضاعف فيه أعداد الدارسين خمس مرات خلال عقدين من الزمن, وقد ازداد عدد الطالبات بشكل خاص خلال هذه الفترة، حيث يقارب حالياً - عدد الطلاب الذكور.
ويبلغ عدد الطلاب في ألمانيا اليوم نحو مليوني طالب, وتبلغ نسبة الذين يلتحقون بالجامعات من مواليد العام الواحد أكثر من الثلث، وهي في تزايد مطرد, ورغم ذلك، فإننا نجد أن نسبة التعليم في ألمانيا تقع تحت النسبة المتوسطة العالمية من حيث نسبة الملتحقين بالتعليم العالي, ويعود هذا إلى عاملين:
أولهما انخفاض نسبة التلاميذ الذين ينهون التعليم المدرسي بشهادة تخولهم الدخول إلى الجامعة , وثانيهما إلى اختيار نحو ثلث الحاصلين على شهادة الثانوية العامة لمتابعة الدراسة في التعليم المهني.
ويتيح هذا النظام إمكانية التدريب على العديد من المهن، كالمهن اليدوية التقنية أو مهن المساعدة الطبية من خلال دراسة مهنية حرفية، بينما تتطلب هذه المهن في دول أخرى دراسة جامعية.
بالإضافة إلى ذلك تلعب الجامعات الخاصة في ألمانيا دورا ضئيلا جدا بالمقارنة مع الدول الأخرى، حيث إن نسبة 96 في المائة من الطلاب يدرسون في مؤسسات حكومية, ومنذ السبعينيات تأسس العديد من الجامعات غير الحكومية وغير الدينية، التي تعتمد في تمويلها على الرسوم الدراسية والتبرعات.
كانت الدراسة الجامعية في ألمانيا مجانية, ولكن في فصل الصيف الدراسي لعام 2007, فرضت بعض الولايات الاتحادية رسوماً جامعية بمقدار 500 يورو للفصل الدراسي الواحد, ومن المتوقع على المدى القريب أن تقوم معظم الولايات الاتحادية بفرض رسوم جامعية عالية للمساهمة في تمويل الجامعات والمعاهد العليا الحكومية.
الجامعات التقنية والمعاهد التخصصية العليا
تلتزم الجامعات التقليدية بالجوانب العلمية البحتة، وتقدم مجالا واسعا من العلوم من علوم الآثار إلى العلوم الاقتصادية، تختص الجامعات التقنية (TU) بالعلوم الهندسية والعلوم التطبيقية, وتتمتع هذه الجامعات التقنية الألمانية بسمعة عالمية على اعتبارها مراكز لتخريج مهندسي المستقبل, ويزداد إقبال الطلاب الأجانب عليها بشكل خاص.
سأتطرق في المقال المقبل إن شاء الله للشرح عن الجامعات التقنية والمعاهد التخصصية العليا, والإصلاحات التي تمت في الجامعات الألمانية من أجل المنافسة العالمية, كذلك الجامعات الألمانية في الدول العربية, ومدى نجاحها وكيفية الاستفادة من التجربة الألمانية, وهل هي الطريق الأمثل للتعليم في المملكة, أم أن هناك أنظمة عالمية أكثر جاذبية ويمكن تطبيقها.
نظراً لما للتعليم العالي من أهمية في تطوير الدول وشعوبها, ونظراً لتأثيره المباشر في خطط التنمية المحلية والخطط الاستراتيجية المستقبلية، فإنني سأخصص هذا المقال والمقالات المقبلة لإعطاء لمحة مبسطة عن أنظمة التعليم العالي في دولة ألمانيا, فرنسا, واليابان, وأخيراً النظامين الأمريكي والكندي.
الهدف ليس عرض نظام التعليم العالي في دولة ما, بقدر ما هو التعرف إلى سر تميز هذا النظام. وكيف أن هناك دولا صناعية متقدمة تبلغ نسبة الخريجين المنتسبين للتعليم العالي أقل من الثلث. ما هو سرّ التميز في التعليم ما بعد الثانوي في هذه الدول؟ وهل الجميع يرغب في مواصلة تعليمه الجامعي؟ أم أن هناك فرصا أكثر جاذبية؟ التعليم العالي في الغالب في معظم هذه الدول للمتفوقين فقط, ولمن لديهم رغبة في التعليم الأكاديمي, أو مواصلة الأبحاث التطبيقية والنظرية.
بعد الحرب العالمية الثانية تطور نظام التعليم العالي في ألمانيا ليغطي عددا كبيرا من التخصصات المختلفة، وقد زاد عدد الجامعات بعد الوحدة الألمانية. فعلى من يرغب مواصلة تعليمه العالي في ألمانيا الاختيار من بين 376 مؤسسة للتعليم العالي, منتشرة في أنحاء البلاد كافة, سواءً في المدن الكبيرة أو في الريف وسط الخضرة وبعيداً عن الضوضاء، في ظل أجواء تقليدية قديمة أو أجواء عصرية في قمة الحداثة . فمثلا ولاية نوردراين فيستفالن وحدها تحتوي على أكثر من 19 جامعة و25 معهدا عاليا تخصصيا و8 معاهد فنية عليا, تأسس الكثير منها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، في عصر الانفجار الجامعي، الذي تضاعف فيه أعداد الدارسين خمس مرات خلال عقدين من الزمن, وقد ازداد عدد الطالبات بشكل خاص خلال هذه الفترة، حيث يقارب حالياً - عدد الطلاب الذكور.
ويبلغ عدد الطلاب في ألمانيا اليوم نحو مليوني طالب, وتبلغ نسبة الذين يلتحقون بالجامعات من مواليد العام الواحد أكثر من الثلث، وهي في تزايد مطرد, ورغم ذلك، فإننا نجد أن نسبة التعليم في ألمانيا تقع تحت النسبة المتوسطة العالمية من حيث نسبة الملتحقين بالتعليم العالي, ويعود هذا إلى عاملين:
أولهما انخفاض نسبة التلاميذ الذين ينهون التعليم المدرسي بشهادة تخولهم الدخول إلى الجامعة , وثانيهما إلى اختيار نحو ثلث الحاصلين على شهادة الثانوية العامة لمتابعة الدراسة في التعليم المهني.
ويتيح هذا النظام إمكانية التدريب على العديد من المهن، كالمهن اليدوية التقنية أو مهن المساعدة الطبية من خلال دراسة مهنية حرفية، بينما تتطلب هذه المهن في دول أخرى دراسة جامعية.
بالإضافة إلى ذلك تلعب الجامعات الخاصة في ألمانيا دورا ضئيلا جدا بالمقارنة مع الدول الأخرى، حيث إن نسبة 96 في المائة من الطلاب يدرسون في مؤسسات حكومية, ومنذ السبعينيات تأسس العديد من الجامعات غير الحكومية وغير الدينية، التي تعتمد في تمويلها على الرسوم الدراسية والتبرعات.
كانت الدراسة الجامعية في ألمانيا مجانية, ولكن في فصل الصيف الدراسي لعام 2007, فرضت بعض الولايات الاتحادية رسوماً جامعية بمقدار 500 يورو للفصل الدراسي الواحد, ومن المتوقع على المدى القريب أن تقوم معظم الولايات الاتحادية بفرض رسوم جامعية عالية للمساهمة في تمويل الجامعات والمعاهد العليا الحكومية.
الجامعات التقنية والمعاهد التخصصية العليا
تلتزم الجامعات التقليدية بالجوانب العلمية البحتة، وتقدم مجالا واسعا من العلوم من علوم الآثار إلى العلوم الاقتصادية، تختص الجامعات التقنية (TU) بالعلوم الهندسية والعلوم التطبيقية, وتتمتع هذه الجامعات التقنية الألمانية بسمعة عالمية على اعتبارها مراكز لتخريج مهندسي المستقبل, ويزداد إقبال الطلاب الأجانب عليها بشكل خاص.
سأتطرق في المقال المقبل إن شاء الله للشرح عن الجامعات التقنية والمعاهد التخصصية العليا, والإصلاحات التي تمت في الجامعات الألمانية من أجل المنافسة العالمية, كذلك الجامعات الألمانية في الدول العربية, ومدى نجاحها وكيفية الاستفادة من التجربة الألمانية, وهل هي الطريق الأمثل للتعليم في المملكة, أم أن هناك أنظمة عالمية أكثر جاذبية ويمكن تطبيقها.