×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

هل نعيد النظر في الثقة بالإرهابيين؟

مع بداية ظاهرة التطرف وأعمال الإرهاب التي مارسها المتطرفون توزعت الآراء حول الدافع الذي أقحم هؤلاء الشباب في اتخاذ القرار للانضمام إلى هذه التنظيمات والتكيف مع أهدافها داخل وخارج الوطن.
وكان هناك من يقول: إن الفقر وسط بعض الأسر هو السبب .. وآخر يرى أن الفشل الدراسي وعدم فرص الدخول إلى الجامعات لأصحاب الدرجات المتدنية هو السبب .. وثالث قال: إن عدم الحصول على الوظيفة أدى إلى الإحساس بالإحباط نتيجة البطالة .. إلى آخر التحليلات والتنظيرات التي تزاحمت في أذهان المواطنين والمهتمين بشؤون المجتمع وممارسات الشباب.
غير أن كل ما سبق من توقعات حول ظاهرة الإرهاب قد سقطت في معادلة الحقائق التي ظهرت مع مرور الوقت ومن خلال المعطيات التي برزت إلى الواقع من خلال اهتمام الدولة بأولئك الشباب الذين وقعوا في دائرة هذا التيار المنحرف، حيث وفرت لهم الأمان عند تسليم أنفسهم أو عند القبض عليهم، وقامت ببذل الكثير من الجهود لاستعادة مَن كان منهم في معتقل جوانتنامو. ومن ثم وفرت لهم جميعًا دخلاً ثابتًا لهم ولأسرهم، بل وتحملت نفقات زواج مَن أراد منهم أن يفتح بيتًا ويُكَوِّنَ أسرة ويبدأ مرحلة جديدة لبناء مستقبل حياة سوية ومستقرة. وهذا يعني أن الحكومة قد قامت بدور الأم الحاضنة لأبنائها رغم عقوقهم، ودور الأب الذي ينفق على ابنه ويعمل على تقويم ممارساته من أجل إعادة تأهيله رغم كل ما قام به من ممارسات منحرفة، وهو ما لا يمكن أن يحصل في أي بلد في العالم حين يكون التعامل مع أشخاص من هذا النوع !! ومع ذلك ورغم كل ما وجده بعض أفراد الفئة الضالة من اهتمام فقد فاجأوا الوطن بخروجهم على المبادئ مرة أخرى والعودة إلى خندق الجهل والظلام .. لتسقط معهم كل الأسباب الاجتهادية التي كان يعتقد البعض أنها وراء انحرافهم.
حيث أثبتوا بعد كل هذا \"السيناريو\" أنه لا علاقة للوضع المادي أو الدراسي أو الوظيفي أو أي حالة اجتماعية أخرى بالدافع الذي أقحمهم في التطرف بقدر ما كان اعتناقهم للفكر الضال هو السبب الأول والأخير.
ومن ثم فإن قائمة الـ 85 التي أعلنتها وزارة الداخلية مؤخرًا لابد أن تعطينا رؤية مختلفة لمواجهة خطاب الفكر المتطرف، وإعادة النظر في الثقة التي يمكن أن تمنح لعناصر هذا الفكر حتى لو تظاهروا بالتوبة بعد المناصحة، وأن يتم بقاؤهم رهن التوقيف حتى يكبروا سنًّا على أمل أن تكبر عقولهم.
كما أن على المجتمع السعودي بكل فئاته ومؤسساته أن \" لا يترهل \" أمام هدوء التنظيمات الإرهابية وأرباب سوابقها، خاصة وقد برهن عدد من عناصرها على أن عقيدتهم الإرهابية هي في نظرهم فوق كل الاعتبارات الدينية والأخلاقية والوطنية.


ناصر الشهري
مدير تحرير صحيفة البلاد السعودية
 0  0  2709