×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الفرق بين القيصومة وتنومة

القيصومة .. مدينة صغيرة مساحتها لا تتجاوز ثلث مساحة تنومة ، وذات شارع واحد لا يتجاوز الكيلين أو الثلاثة ، تقع في الركن الشمالي الشرقي للملكة العربية السعودية ، وتصنف على أنها مركز ( أ ) ، ورغم هذا كله ؛ يوجد بها مطار من أروع وأجمل المطارات الإقليمية في السعودية ، ولطالما تمنيت أن يكون مطار أبها في جماله على الأقل ، والعجيب أن مركز القيصومة تتبع إدارياً لمحافظة حفر الباطن ، إحدى أهم المحافظات في شمال المملكة ، بل تعد واحدة من أكبر المدن الحدودية على الإطلاق ، ولها قيمة عسكرية كبرى جعلتها في مقدمة المدن الإستراتيجية للبلد ، فضلاً عن تربعها على الطريق الدولي الذي يربط بين دول الشام ومصر وبين السعودية ودول الخليج ، يعني ( باختصار ) المفروض يكون المطار فيها وليس في مركز القيصومة ! .. طبعاً هذه الفرضية ؛ أتت تماشياً مع ما اعتدنا عليه طوال العقود الماضية .. محافظة وبجوارها مركز ؟؟ .. إذاً .. يجب أن تكون المشاريع كلها في المحافظة فقط .. ( طيب ) والمركز ؟ ؟؟ المركز عليه أن يشدُّ ( حيله ) ويكمل تعليمه ( لين ) يصبح محافظة ! ومن ثم تأتيه المشاريع .
القيصومة ( اللهم لا حسد ) مركز وبها مطار !! ، ونحن هنا !! تحت مقصلة الإقصاء والتهميش تحت ذريعة التصنيف الإداري لمدينة تنومة ، والمسوغ الوحيد لاستبعاد المشاريع الكبرى عنها أنها مركز ، والمركز في عرف النافذين - في المحافظة القريبة منا - ليس جدير باحتضان مثل تلك المشاريع .
أهو قدرك يا تنومة .. أم لأننا كنا الساكنون فيك والساكتون على عزلك وتهميشك ، أم ذاك شأنك وشأن كل مركز يأوي إلي ظل محافظة أوتي أهلها بسطة في النفوذ والجاه ؟ وأي جاه هذا يفوق في قيمته ؛ قيمة محافظة حفر الباطن عند الدولة ، وهي التي لا تبعد عن القيصومة بأكثر من خمسة عشر كيلاً ، و محاطة بمساحات خالية ، وأراض فضاء غالبيتها حكومية .. و لا يوجد ما يمنع أن يكون المطار بها ، ورغم هذا استأثرت القيصومة بالمطار !
أتدرون لماذا ؟ لأن الناس هناك يقيسون الأمور بمعايير أكثر سعة من معاييرنا التي أكل الدهر عليها وشرب .. لا يفرقون بين المركز والمحافظة .. المهم والأهم بالنسبة لهم أن يتواجد المشروع بالقرب منهم ، سواء في المحافظة أو في المركز ، لذا تجدون كل ما يخطر في بالكم من مشاريع خدمية هناك .. أما نحن .. إن أتى المشروع فيجب أن يكون في المحافظة ، أما المراكز فلا أمل لها في أي مشروع مهما كان صغر ذلك المشروع ، ولا نعلم كيف أصبح هذا الأمر من المسلمات التي يجب الإيمان بها ، وحينما نرنو بأبصارنا في المناطق الأخرى نجد أن هذا الأمر غير وارد في أذهان ساكنيها ، فإن أرادت الدولة أن تجعل في إحدى تلك المناطق فرعاً لجامعة ما ، اختارت الأرض المناسبة لذلك الفرع في المكان الذي يحقق الخدمة لكافة المنطقة ، سواء كانت تلك الأرض تابعة لمحافظة أو تابعة لمركز ، والأهم من ذلك كله أن جميع السكان الموزعين في محافظات ومراكز تلك المنطقة يحتفلون جميعاً بهذا المشروع ، ويسعون جاهدين لتذليل كل عقبة من شأنها عرقلته أو تأخيره ، كجامعة الملك خالد التي سمعنا والله أعلم بصحة ما سمعناه أنها كانت تنوي الحصول على أرض في تنومة لهذا الغرض ، وذلك لتعذر وجود مثلها في المحافظة وبقية المراكز القريبة منها ، لكن للأسف ذهب أدراج الرياح بعد عاصفة الاعتراض العنيف الذي جوبه به هذا المشروع من صاحبة الإسناد والمد ، والنفوذ القوي الصلد ، واعتراضهم لا لشيء .. إلا لأن الموقع الذي ارتاحت له إدارة الجامعة كان في تنومة ، فوقفوا بكل ضراوة ضد هذا المشروع ولسان حالهم يقول ( إما أن يكون في المحافظة أو لا يكون أبداً ) مما حدا بالمسئولين في الجامعة صرف النظر عن هذه الرغبة ، بل وشطبها نهائياً من أجندة الجامعة ، وبالتالي .. حرمان منطقة بأكملها من ثمرة تنموية كان ينعها قاب قوسين أو أدنى من أجيالها ليبقوا أبد الدهر رهن الغربة في رحلة التعليم الجامعي ، في الوقت الذي يتمتع فيه أبناء بقية المناطق بالجامعات وأفرعها بين أحضان ذويهم في مراكزهم أوفي محافظاتهم ، فإن كان هذا الاعتراض حقاً حصل ؛ وبهذا الحجم مع فرع جامعي .. فما عساه سيكون ذاك الاعتراض فيما لو كان المشروع بحجم مطار القيصومة مثلاً ؟! .

عبدالرحمن بن ظافر الشهري
 0  0  3332