هنا الدوحة
لم يعد ممكنا في عصر التقنية أن يقاس تطور الأمم والشعوب دون مؤشرات رقمية. وليس من مؤشرات الازدهار عدد المطاعم السريعة و كثرة الرافعات التي تسد الأفق وتحشو المدن بالمزيد من غابات الاسمنت المسلح. كما لم يعد اخلاقيا أن ترهن نفسك حيال شعب أومدينة بمجموعة من الصور النمطية التي تكرست لديك عبر مركبات عقد تاريخية واجتماعية وثقافية. في زيارة سريعة لدولة قطر لفت نظري وضوح الاصرار على ان تكون الدوحة 2030 مدينة عالمية بكل المقاييس. ومع أنني ممن لا تبهرهم مناظر التطاول في تشييد الأبراج ولكنها في دولة صغيرة المساحة مثل قطر قرار استراتيجي لأن التمدد الرأسي للمدينة الصغيرة يوفر المساحات شريطة أن يحسن استغلال المتوفر من المساحات ليتحرك ساكنو الأبراج بحرية وهم يمارسون حياتهم اليومية. ويبدو أن المخطط القطري سيستفيد من تجربة جارته "دبي" فيتجنب تعجل بعض القرارات ويحسب خطواته جيدا وهو ماعكسته الرؤية الوطنية القطرية التي نصت على مواجهة تحدي " التحديث والمحافظة على التقاليد" .
الملاحظ أن قطر اليوم توظف مخرجات التقنية بكثافة وقد استرعى انتباهي الدور المخطط لواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا التي تقدم خدماتها للشركات العالمية العاملة في مجال التقنية، قرأت خططا مبهرة والاهم أن الرؤية تبشر بمستقبل واعد. ينتظر القطريون من واحة قطر والمجلس الأعلى للتعليم وغيرها من المؤسسات العلمية والتقنية الكثير خاصة وانها في معظمها حديثة العهد اذ تم افتتاح الواحة على سبيل المثال منتصف 2009.
وتبدو ثمار التخطيط والاصرار القطري واضحة فكما تشير الاحصاءات تكاد تقفز قطر لمرتبة الدولة الأغني في العالم اذا ارتفع متوسط دخل الفرد من حوالي 27 الف دولار في عام 2001 ليصل اليوم الى أكثر من 90 الف دولار. وفي مجال التقنية تقدمت قطر بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي ثلاثة مراكز في التصنيف العالمي لتكنولوجيا المعلومات لعام 2008-2009 ومن حيث جاهزية التكنولوجيا بالقطاع الحكومي وضعها التقرير في المرتبة الثالثة على مستوى العالم. ويبدو أن القطريين يستعدون لتثبيت مركزهم الاقليمي من خلال التنافس على استضافة العديد من المؤسسات العالمية والمناشط مثل كأس العالم لعام 2022 . وفي خطوة تقنية استباقية أعلن المجلس القطري الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن خطة لتطوير البنية التحتية للاتصالات وذلك لمقابلة الطلب المتوقع خدمات الاتصالات على مدى ال 15 إلى 20 سنة القادمة.
وكنت تحدثت قبل فترة مع صديق قطري عن ملاحظات بعض المثقفين على زوايا التركيز القطري في الاعلام والسياسة والاقتصاد فلم يدافع كثيرا وانما قال نحن نحاول أن نصحح من واقعنا . ما يراه المراقب اليوم أن هناك جهوداً كبرى لأن تكون قطر في السنوات القادمة نموذجا عقلانيا للتنمية الاقتصادية والواقعية السياسية وهو نموذج يستحق التأمل.
مسارات
قال ومضى: رأيت الحقيقة ..حمامة رقيقة ..