×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين


رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين
= يا خادم الحرمين الشريفين .
= يا ولي أمر المسلمين وراعي مصالحهم الأمين .
= يا من نسأل الله تعالى أن ينصر بك الملة والدين ، وأن يُعز بك الإسلام والمسلمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فإنني أستميحك العذر في كتابة هذه الأسطر القليلة لمقامكم السامي الكريم فلعلها أن تنقل لك بعضًا مما أحدثه في نفسي ونفوس الكثيرين من أبناء الإسلام ذلك التوجيه السامي منكم لسماحة مفتي البلاد بأن تقتصر مهمة الفتوى على مؤسسة هيئة كبار العلماء ومن يرشحهم سماحة المفتي ممن يملك الأهلية للفتوى ، وبخاصةٍ أن هذا التوجيه جاء - من فضل الله تعالى وتوفيقه - في وقتٍ يشهد فيه مجتمعنا المحلي خاصةً والإسلامي عامةً حالةً شديدةً من الاضطراب والفوضى غير المسبوقة نتيجة انتشار ما يمكن أن يُعرف بظاهرة ( فوضى الفتاوى ) التي برزت على الساحة بشكلٍ مؤسفٍ ومؤلم جدًا حتى حُق لنا أن نُردد مع أمير الشعراء قوله :

إِلامَ الخُـــلفُ بَينَكُـمُ إِلاما ********** وَهَذي الضَجَّـةُ الكُبرى عَلامـــا
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ ********** وَتُبدونَ العَــداوَةَ وَالخِـــصـامـا
وهنا أقول : يا خادم الحرمين الشريفين إن من توفيق الله تعالى وفضله وكرمه أن ألهمكم إصدار هذا التوجيه السامي الكريم في وقتٍ مناسبٍ ومُلائم ، فأبناء المجتمع السعودي المخلصين قد أصابهم ما أصابهم من الأسف والحزن واللغط والتشويش الواضح جراء ما صدر مؤخرًا من فتاوىً مُعاصرةٍ تصدّر لها نفرٌ من غير أهلها ؛ الأمر الذي ترتب عليه كثيرٌ من الخلاف والفُرقة بينهم ، ونتج عنه كثيرًا من ملامح الخروج عن الحق والبُعد عن الصواب - ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم - ، حتى جاء توجيهك الملكي الأبوي الكريم ليكون - بإذن الله تعالى - بلسمًا شافيًا وعلاجًا ناجعًا لكل ذلك التخبط والخلاف والفُرقة ، وليكون حلاً قاطعًا لكل ملامح الصراع الفكري الذي اشتعلت ناره مع توسع وانتشار ظاهرة ( فوضى الفتاوى ) التي جاءت نتيجةً لتصريحات بعض المشائخ وطلبة العلم الشرعي التي كان يرافقها أو يترتب على إعلانها الكثير من الخلاف والنزاع فيما بينهم ، والتي نتج عنها شيئًا من التسفيه والتجهيل لبعضهم بشكلٍ لا يقبله العقل الرشيد ، ولا يقبله المنطق السديد .
أما مجموعة الآثار الإيجابية لهذا التوجيه الملكي الكريم بتنظيم مسألة الفتوى في البلاد ، فيمكن أن نوجز أهمها وأبرزها فيما يلي :
= أن هذا التوجيه الكريم جاء من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وسدّده ، وهو ولي أمر المسلمين في هذه البلاد التي تحظى بمكانةٍ رفيعة ومرموقة في نفوس المسلمين قاطبة ، الأمر الذي يجعل من هذا التنظيم مقبولاً من الجميع انطلاقًا من مبدأ السمع والطاعة لولي الأمر .
= أنه توجيه يسعى - بإذن الله تعالى - إلى حفظ مكانة العلماء الشرعيين ومن في حُكمهم من أهل العلم الشرعي ، واحترام منزلتهم السامية في النفوس عندما تصبح كلمتهم مسموعة وفتاواهم معززةً بالدليل الصحيح والسُلطة الحاكمة ولاسيما أننا نعلم جميعًا أن الله تعالى يزعُ بالسلطان ما لا يزعه بالقرآن .
= أنه توجيهٌ يكفل - بإذن الله تعالى - تحقيق ما تصبو إليه الأُمة المسلمة من ائتلاف الصف ، واتفاق الرأي ، ووحدة الكلمة ، والبعد عن كل ما من شأنه حصول الفرقة والخلاف والنزاع بين أبناء المجتمعات المسلمة .
= أنه خطوةٌ إيجابيةٌ وفاعلةٌ - بإذن الله تعالى - في القضاء على ظاهرة ( فوضى الفتاوى ) التي عانى منها مجتمعنا على وجه الخصوص في الفترة الأخيرة بسبب اقتحام غير المتخصصين لهذا المجال وإثارة الكثير من الجدل بسبب فتاواهم غير المنضبطة ، وتعليقاتهم عليها من غير علم .
= أنه تنظيم كفيلٌ بأن يُنزل الناس منازلهم فلكل مقامٍ مقال ، ولكل عالمٍ مجال ، ولكل قضيةٍ ظروفٌ وأحوال ، وليس كل من وجهت إليه الأسئلة الشرعية بقادرٍ على فهم ظروفها و استيعاب ملابساتها .
= أنه تنظيمٌ يقضي على دواعي وأسباب الفُرقة والخلاف والنزاع والمواجهة غير المحمودة بين أهل العلم الشرعي ومن في حُكمهم من الدعاة وطلبة العلم وغيرهم من أبناء المجتمع .
= أنه تنظيم يكفلٌ - بإذن الله تعالى - تحقيق الكثير من مصالح المسلمين أفرادًا و جماعاتٍ ، وبخاصةٍ أنه يقوم على مبدأ التعاون على البر والتقوى ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، و مراعاة المصالح العامة ، والبُعد عن الغلو ، و الحذر من التفريط .
= أنه تنظيمٌ يُعد خطوةً إيجابية وفاعلة في السيطرة على أحد أبرز الأسباب المعاصرة التي أدت إلى شيوع ظاهرة ( فوضى الفتاوى ) منذ فترة ليست بالقصيرة ، وبخاصةٍ من غير المتخصصين في العلم الشرعي ، والتي أسهمت وسائل الإعلام والاتصال الحديثة - وبخاصةٍ الفضائيات والمواقع الإنترنتية - في انتشارها بشكلٍ مؤسفٍ ومُثيرٍ للجدل والفتنة .
وهنا أسأل الله تعالى لخادم الحرمين الشريفين ، وحكومته الرشيدة ، ولكل من سعى في صدور هذا التوجيه الملكي الكريم مزيدًا من التوفيق والسداد ، والهداية والرشاد ، والحمد لله رب العباد .

كتبها الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
عضو هيئة التدريس بكلية التربية في جامعة الملك خالد بأبها
 0  0  2874