×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

تنومة .. مدينة تئن تحت وطأة الأشباح

[FONT=Arial]

تنومة : مدينة تئن تحت وطأة الأشباح

تنومة لم تنل حظها من التنمية كما يجب .. حقيقة دامغة لا ريب فيها ، ولو تتبعنا الأسباب لوجدنا أنفسنا في مقدمة تلك الأسباب ، ولا أظن أحداً يجهل ما جنته ثقافتنا في تعطيل التنمية وعرقلة أسبابها طوال العقود الماضية رغم مسحة الحب التي نبديها تجاه هذه المدينة المحرومة ، لكنه حب مغلف بالجهل والعمى ، ولا أدل على ذلك من ثقافة تشطير المدينة إلي شطرين إبان مشروع المستشفى العام قبل أكثر من عقدين حينما تيبست بعض العقول حول وجوب قيام ذاك المشفى في الشطر الذي ينتمي له ، فخرج كلا الشطرين بخفي حنين وذهب المشروع وقتها أدراج الرياح ، ومثل ذلك وقوف البعض أمام مشروع شبكة الاتصالات في إحدى القرى قبل أكثر من عشرين عاماً بحجة شيطانية المشروع وأنه لا يجر لبيوت القرية سوى الفساد ، فعُلق المشروع حينها ولم يستأنف إلا قبل بضعة أعوام ، وحتى اليوم لازالت تلك الثقافة صخرة صماء أمام أسباب النمو في المدينة ، فالبلدية ترغب أن تخترق القرى بطرق لا تقل في عرضها عن الثمانية أمتار ، لكن جهلنا وقف حائلاً دون تلك الرغبة فأصبحت معظم الطرق داخل القرى لا يتجاوز عرضها الثلاثة أمتار ، بل إنها تصل إلي أضيق من هذا بكثير عند بعض المنعطفات ، وأكثر من يذهب ضحية تلك الطرق الأفعوانية الضيقة هم أبناء المضيّقين على الطرق أنفسهم ، كما أن هذه الطرق وقفت حائلاً أمام الكثير من أصحاب تلك القرى ، فأحد زملائي لم يتمكن من السكنى في منزله الذي كلف بناؤه أكثر من المليونين لسبب تافه وبسيط ، وهو أن صهريج الماء لم يتمكن من الولوج عبر الطريق الوحيد الموصل لهذا المنزل ، فبقي المسكين في منزل والده القديم ينتظر أن ترقّ قلوب أصحاب الأراضي المحيطين بذلك الطريق ليفسحوا له ، وكل مطالبه منهم لا تتجاوز المتر الواحد بأي قيمة مترية يرغبونها ، متر واحد فقط ويتمكن صهريج الماء من الالتفاف والدخول عبر هذا السرداب ، لكنها ثقافتنا وضيق أفقنا جعلت من هذا المتر معضلة المعضلات وقمة الأزمات ، والعورة الكبرى في هذه الطرق الضيقة تكشفت سوءتها بعد مشروع الصرف الصحي القائم الآن ، حيث لم يجد سكان بعض القرى أي منفذ لبيوتهم بعد أن سدت حفريات المشروع كل المنافذ بما فيهم المتسبب في تضييق الطريق ذاته ، ناهيك عما سيشكل على الدولة فيما بعد من صعوبة إيصال بعض الخدمات الضرورية لتلك القرى عبر هذه الطرق التي أشغل جزء منها لشبكات الاتصال ، والجزء المتبقي لأنابيب الصرف ، ولم يعد يوجد فيها متسع لخدمة أخرى ، فماذا لو أتى هذه القرى شبكة للمياه المحلاة ؟ أو عزمت شركة الكهرباء أن تجعل تمديداتها أرضية ؟ فمن أين حينها أن تأتي بهذه التمديدات في طريق عرضه أقل من ثلاثة أمتار أُشغل بالكامل بتمديدات سابقة ؟
ثم أنّى لتنمية أن تعيش هنا وبين ظهرانينا من ينضح عقله عنجهية وتعصب ، وكيف للنهضة أن تجد طريقها للمنطقة وقد لفت على أفكار بعضنا خيوط العنكبوت ، وغدت بعض الممارسات مقصلة تتربص بكل مشاريع الدولة . أما آن الأوان لهذه العقول أن تنفض غشاوة المصلحة الشخصية وتنظر بعين الإنصاف لمدينة أثقلت كاهلها جرائم التخلف ، وتكسرت عظامها على جلمود الفكر الأحفوري ، وذهبت ضحية لأشباح ( * ) الأنانية ، ألا يكفيها ما تجرعته من مرارة الحرمان طيلة عقود انصرمت في حين أن غيرها من المدن - الأقل شأواً منها - تنعم بخيرات الوطن منذ الطفرة الأولى .[/
FONT]

( * ) : الأشباح : الأشخاص في جميع معاجم اللغة
أ/عبدالرحمن بن ظافر الشهري
 0  0  3191