×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

رحمك الله يا أبا نايف

بدون صورة
بواسطة : بدون صورة
image



الحمد لله مقدر الأقدار القائل في كتابه (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) .
في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 3/7/1431هـ فقدت تنومه ابن من ابناءها الغالين عليها وهو اخونا الحبيب / محمد بن علي بن فرحان .. رحمه الله واسكنه فسيح جناته ، وإني أعزي والده العم (علي) وإخوانه الكرام (عبدالله وعبدالرحمن وفايز) وأولاده (نايف وعلي وعبد العزيز وسلطان ) وكافة أسرة آل فرحان في تنومه وفي مناطق المملكة الأخرى كما أعزي قبيلة آل محدل وكذا نفسي وكافة أبناء تنومه .
ومع أنه سبق وأن فقدت شخصياً بعض الأبناء والآباء والأخوات والأخوة والأصدقاء إلا أنه مع ذلك لم يسبق لي أن حرصت على التدوين أو التعبير (كتابه) عن مشاعر الأحزان المصاحبة لأي منهم رغم الم الفراق لكل منهم اكتفاء بالاحتساب والدعاء ، إلا أن مصابنا في أبي (نايف) وحزني عليه جعلني أحرص على مخالفة ما قد سنيته لنفسي ، ولذلك رأيت وأنا في الطريق راجع من مكان (ما استودعنا الله فيه) رأيت الا يقتصر باب الوفاء على الدعاء للفقيد (رحمه الله) فقط , بل يجب أن يمتد ذلك إلى ذكر مآثر الرجل ، وهنا أعود بالذاكرة إلى منتصف الثمانينات الهجرية وفي تلك الفترة كان هذا الرجل أحد طلاب مدرسة (سبت تنومه) نحيف الجسم ينزل صباح كل يوم من (جبال منعاء) كأول طالب للمدرسة وكأنه متشرب بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (بورك لأمتي في بكورها) وكعادة الرجال العصاميين فقد رحل الرجل في طلب العلم فالتحق بمعهد الرياض العلمي في العاصمة الرياض وربما سبقته في مدينة الرياض في معهد إمام الدعوة العلمي وفي حدود 1393هـ وردتني أنذاك رسالة بالبريد وإذا هي من (محمد بن علي ال فرحان) فوجدتها مليئة بروح الآلفة والمحبة والتفاؤل ومن ذالك الوقت والصلات مستمرة بيننا كسائر أبناء تنومه ، ثم تخرج ابا نايف من كلية الشريعة والتحق بجامعة الإمام وتدرج في المناصب حتى وصل إلى منصب (مدير عام بالمرتبة 13) .
لقد كان أبا نايف طيلة عمله بالجامعة يعمل بكل اخلاص وتفاني ليس في عمله فحسب ، بل سخر نفسه لالتماس مصالح كل ذي حاجة من الطلاب الذين يفدون من جميع انحاء المملكة شمالها وجنوبها شرقها وغربها ، كان يتشفع ويقبل الشفاعة دون الإضرار بالغير ، ويسدي النصائح لكل من يقصده ، كان يمد يد العون لكل محتاج .
لقد كان من مآثر هذا الرجل أنه عقب اجتماع ابناء تنومة عام 1419هـ بغرض المشاركة في ترتيب واستقبال خادم الحرمين الشريفين اثناء زيارة مقامه الكريم ـــ رعاه الله ـــ لتنومه، ولأسرة آل شبيلي آل عريف ، أقترح أبونايف ـــ رحمه الله ـــ إيجاد ما يمكن أن نطلق عليه (دورية شهرية) لمن يرغب من أبناء تنومه ، وقد بدأها بنفسه فدعى من دعى في بيته ثم اصبح الشخص الأكثر تأثيراً في هذه الدورية ، ومن مآثر هذه الدورية أن الكثير من ابناء تنومة الفضلاء وكل ابناء تنومة فضلاء يحضر أو يشارك في هذه الدورية التي لم تكن بغرض تجهيز الولائم بل للتشاور وتبادل الآراء لكل شأن فيه مصلحة للوطن عامة ويخدم تنومة وابنائها بصفة خاصة ، ثم توسعت تلك الدورية فشملت اكبر عدد ممكن من ابناء تنـومـــــة وأصبح المنسق لأي إجتماع يراد عقده لعموم أبناء تنومه قاطبة ـــ رحم الله ابا نايف ـــ فقد انطلقت الفكرة منه ومن بيته بالذات وهاهي عند بيته (يقف السراء) فلقد الح والح كثيراً خلال الأشهر الماضية على جميع أعضاء الدورية بأن تجتمع في بيته ، ولكن رأفة به ولانشغال بعض أعضاءها أجلت أكثر من مرة ، ومما اخبرني به الأخ الحبيب الدكتور/فراج بن سعد الشبيلي آل عريف .. وهو من آخر ما زاره أن أبا نايف ـــ رحمه الله ـــ أثار هذه النقطة وأنه تمنى أن تكون تمت في بيته قبل دخوله المستشفى ، فطيب خاطره الدكتور/ فراج وقال (لانرغبها صغيرة بل كبيرة عند خروجك سالماً) .
لايمكن ان ننكر أن تنومة فقدت أحد ابنائها المخلصين لقد كان ابا نايف باراً بها وبأهلها كيف لا وهو كان يرتفع كأرتفاع جبال منعاء تلك الجبال التي تعلم منها سمو النفس والصلابة في الحق وخفة النفس كنسيم الصباح على رؤوس جبال منعاء .
(تنومة الحبيبة والوطن كله حبيب) ، لقد قضى الأمر واصبح ابنك / محمد بن علي بن فرحان .. في ذمة الله ، لكن حتما لن يدخل أبا نايف في طيات النسيان ـــ بإذن الله ـــ ستذكره طرقات تنومة ومساكنها سيذكره محبوه ، ستذكره أفعاله سيذكره كرمه سيذكره إصلاحه بين ذات البين سيذكره صبره وتحمله ستذكره مواقفه الطيبة وما أكثرها .
ابا نايف (لقد بكيتك يا اخي كما بكاك غيري) ولكن عندما أتذكر كثرة محبيك ومشيعيك أثناء الدفن وكثرت الأيدي التي أبتهلت إلى الله بأن يتغمدك بواسع رحمته ويسكنك فسيح جناته يخف علي مصاب فراقك ، وأخيراً أيها الأبناء (نايف وعلي وعبد العزيز وسلطان أبناء محمد بن علي ال فرحان) لابد أن تعرفوا أن أباكم وإن كان قد عاش نحيل الجسم فإنه كان يكتنز من قوة العزيمة ومآثر الأخلاق ما تنوء بحمله الأجسام الكبيرة.
إني أوصيكم كما يوصيكم غيري من محبي أبيكم ومحبيكم بالسير على خطى والدكم ـــ رحمه الله ـــ وما اصعب السير على خطى الكرماء لكن ليس ذلك بالمستحيل .
رحمك الله ابا نايف وانزلك جنة الفردوس نزلاً مع الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن اؤلئك رفيقا ... وإنا لله وإنا إليه راجعون .

وقفة:
رغم أن الموقف مثخن بجراح الحزن والنفس منكسرة لفراق أبا نايف والمقام لايتسع في هذه الأثناء إلا لتقبل أنبل الدعوات الصادقة في مصابنا الجلل من محبيه ومعارفه الكثر بأن يتغمد الله الفقيد بمنه ورحمته وكرمه , فالذهن شارد والخيال يسرح في فيافي الذكريات مستعيداً شريطاً طويلاً من صفحات الماضي الموسومة بعفوية وصدق أبا نايف رحمه الله في محطات متعددة من حياتنا كان فيها نعم الأخ الصادق والخل الوفي ,إلا أنني أجدها فرصة لأن أقدم جزيل شكري لموقع تنومة الإلكتروني وللقائمين عليه حيث أصبح بجهودهم ملتقى ومتنفساً تتجدد فيه أواصر الصلات وتتوثق فيه عرى الروابط متمنياً للجميع أصدق وأنبل المشاعر بأن يحفظ الله لنا ديننا وأمننا وقيادتنا الرشيدة والحمد لله رب العالمين


عبدالله بن علي بن ملفي
الرياض يوم الأربعاء الموافق 4/7/1431هـ

بواسطة : بدون صورة
 0  0  4519