إلى جنة الخلد يا أبا نايف
نعم إن الموت حق والحمد لله على قدر الله وقضائه,وهو القائل : (كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) في يوم الثلاثاء الموافق 3/7/1431 هـ كان يوما حزينا على كل من بلغه نبأ وفاة الأستاذ/ محمد بن على بن فرحان الشهري .
و قبل أن أكتب هذه السطور وقفت مع نفسي متذكراً ما احتفظت به الذاكرة عن الفقيد، فإذا أنا أمام رحلة تمر مشاهدها أمام ناظري، لحمتها وسداها سيرته العطرة،وسجاياه الحميدة،وأعماله المتميزة,ومواقفه الرائعة المتوشحة بوشاح الطهر والتقى وخشية الباري سبحانه في السر والعلن. وأمام هذا الرمز لم أتحمل هول المشهد,ومواجع الذكريات فلملمت سجل الذكريات ساكبا عبراتي الحارة على أوراقي في حوار مسهب مع الذات قائلا:رحل فقيدنا الغالي الذي كان نجما مضيئا في سماء الوطن,رحل عن هذه الدنيا الفانية إلى الدار الباقية .
نعم إن فراقك يا أبا نايف علينا أليم،والتفكير بأننا لن نراه بعد اليوم جسيم.وأعترف أن كلماتي عاجزة عن ذكر مآثره,ومدى تعلقه بمسقط رأسه: تنومة,المدينة التي أحبها وأحبته,وأحبه أهلها الطيبون الأوفياء،لما عرف عنه من كرم ونبلٍ وتفانٍ منقطع النظير في خدمتها والاستجابة لطلبات أهلها بكل أريحية ورضا.
عرف الراحل بمبادراته في الأعمال التطوعية,وإصلاح ذات البين, والتنسيق للاجتماعات,واللقاءات الأخوية،لكونه يملك رصيدا كبيرا من الخبرات الواسعة,والقدرة على تأليف القلوب..وأشهد أن له مواقف في هذا الباب كثيرة ,.فهنيئاً له ما قدَّم من أعمال رائدة سيجدها أمامه عند من لا تخفى عليه خافية.
فكم,وكم طالب علم وقف بجانبه ؟ بل وسهل إجراءات قبوله.وكم من طالب عمل سعى في توظيفه؟ وكم من محتاج بذل له من جهده وماله ووقته حتى حصل على مطلوبه؟ وكم أسرة أدخل البهجة والسرور عليها ؟ وكم وقف بجانب من أجبرته الظروف والأحوال وقفة الرجال الأوفياء,؟ وكم, وكم له من أياد بيضاء في المراجعات والمطالبات باحتياجات تنومة من الخدمات والمرافق . اتصالات وتنسيقات حتى لا يكاد يهدأ في يومه أو ليلته ..لك الله يا تنومة الزهراء, كم تكون هي خسارتك فادحة في فقد أحد محبيك ؟ لك لله يا تنومة المجد والرجال كم سعى الفقيد في خدمتك حتى في ظروف مرضه كان يسأل, ويراجع ويبشر بمشروع,أو يحث على الحصول على آخر ..حب منطقة عسير والوطن من أقصاه إلى أقصاه يجري في عروقه,يجسد ذلك بالعمل والفعل الدؤوب المخلص .أجل ليست تنومة والنماص ورجال الحجر وعسير المنطقة من تأثروا بالراحل الغالي,بل الكل والجميع,وكأني بتنومة المكان والزمان والإنسان تردد ستبدي لكم الأيام كم تكون خسارتكم وخسارتي فادحة في المصاب الجلل. .
لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعيــر
ولكـــن الرزية فقــد حــــر يموت بموته خلق كثير
والحق لقد كانت سنوات عمره حافلة بالعطاء في مجالات أعماله التي تقلدها وستبقى ذكراه حاضرة, واليوم ونحن نودعه لنرجو الله جلت قدرته أن يوفقنا إلى تحقيق ما كان يتطلع إليه, وعذراً يا صاحبي الوفي , فمهما تحدثت عنك فسيظل الحديث قطرات قليلة من بحر أخلاقك ومواقفك وأعمالك,وحبك الصادق الذي تكسو به محبيك,فأنت الصفي,والصديق والأنيس,وسنظل بحول الله فخورين بإنجازاتك,وبالقيم الإنسانية, والاجتماعية والمآثر الفكرية التي خلفتها,متذكرين مواقفك وأعمالك داعين لك بأن يكرم الله نزلك في الفردوس الأعلى من الجنة,وأن يجمعنا بك في جنات النعيم .. وأن يلهم والديك وأبناءك ,وإخوانك الأوفياء,وأم أولادك الصابرة المحتسبة,وعموم أسرتك وأقاربك وأرحامك ومحبيك الصبر والسلوان، وأن يجبرنا جميعا في مصابنا..
لك في الحشـا قبر وإن لم تـأوه ومن الدموع روائح وغـــــــواد
فاذهب كما ذهب الربيع وعطره باق بكـل خمــائــل ونجـــــاد
أجل أعود فأقول وأكرر من فداحة المصاب إن فراق أبي نايف علينا أليم،ورحيله ولا شك ترك فراغا يخفف منه رضا وسلوان تلك الجموع الغفيرة التي صلت على جثمانه في مسجد الراجحي,وفقيداً بحجم أبي نايف يستحق منا،من أسرة سلك التعليم العالي,جامعات وأبناء منطقة عسير خاصة أن نترحم عليه وندعو له بالمغفرة والرضوان.
كان النبي ولم يخلد لأمتـــه لو خلـــد الله خلقاً قبلـــه خلــــدا
للموت فينا سهام غير خاطئة من فاته اليوم سهم لم يفته غدا
وبعد يا أحبتي يا من تحبون وتترحمون على أبي نايف دعونا نعمل شيئا جماعيا غير الكلام يجري لنا وله مثوبته,وذلك بتخصيص أرض مناسبة في مكان مناسب يقدمها أهل المعروف والإحسان ليقام عليها مسجد يطلق عليه مسجد/ محمد بن علي بن فرحان ويلحق به مكتبة عامرة بالكتب والأبحاث المفيدة لأبناء وأهالي تنومة , وما قد ترونه أيضا من أمور أخرى تحقق الأهداف والمقاصد النبيلة .. فالفقيد له جهود وخدمات حتى غدا رمزا تنوميا وطنيا,لم يبخل بالوقت والجهد والمال ليسعد الآخرين..
عزاؤنا الحار إلى الجميع ونسأله بأسمائه الحسنى وكلماته العظمى أن يتغمده بواسع رحمته,وأن يسكنه فسيح جناته,وأن القلب والله ليحزن،وإن العين لتدمع، وإنا على فراق أبي نايف لمحزونون, وإنا لله وإنا إليه راجعون
د. علي بن فايــز الجحني