×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

وعاشروهن بالمعروف

التحرير
بواسطة : التحرير
وعاشروهن بالمعروف


الحمد لله الذي جعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له شهادة عبده وابن عبده وابن أمته وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أرسله الله للعالمين رحمة وعلى آله وصحابته الأئمة الأعلام والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
عباد الله : أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل ................
أيها الإخوة :
حسن العشرة ورقي المعاملة مقامات يتدثر بها الشرفاء ولؤم الطبع وسوء المعاملة منهج يتخذه السفهاء من الناس. وإن نكسات الأسر وتمزق عرى المجتمع يعود إلى خلل في التعامل وعطب في العشرة الزوجية .
وإني سأحدثكم جمعتكم هذه عن قول ربكم جل وعلا : ) وعاشروهن بالمعروف ( .
إنه وبصراحة يحلو لبعض الأزواج أن يمارس دكتاتورية بغضية في منزله مع زوجته تلك المرأة المسكينة التي لا تملك إلا دموعها فتارةً يعيرها بلقب أو يهددها بطلاق أو يرسل عليها قاصفًا من السخرية زاعماً أن ذلك أفضل الطرق لمعاملة المرأة وأقول والذي يحلف به أنها ردة أخلاقية وحماقة مجسمة وشخصية خاوية . وحسبك أن يبغضك أهل بيتك .
وأما المنهج الذي أمر الله به عباده المؤمنين والطرق الذي سلكه سيد المرسلين فهو خلاف ذلك كله . لقد قال الله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) ، قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (( أي طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل أنت مثله كما قال الله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف )
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي » .
وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر يداعب أهله ويتلطف بهم ويوسعهم نفقته ويضاحك نساءه حتى أنه كان يسابق عائشة يتودد إليها بذلك يجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يآنسهم بذلك صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى : ( ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) أ.هـ.
وقال سبحانه ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) . وقال جل ذكره ( فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ) . وقال عز وجل ممتنًا على عباده بهذه النعمة : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) . فأين المودة وأين الرحمة في ذلك الجو المشحون بالخلافات الزوجية ، جو يبحث فيه عن العثرات ووسط تعد فيه الزلات .
إن من مظاهر سوء العشرة التقتير في النفقة والمنة في العطاء . لقد أوجب الله النفقة على الزوج وجعلها من أسباب القوامة للرجل فقال : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ... ) ونهى الله المؤمنين أن يبطلوا صدقاتهم بالمن والأذى قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ... ) .
فبدلاً من أن يحتسب الأجر في اللقمة التي يعطيها زوجته كما في حديث سعد بن أبي وقاص إذا به يمنها في كل مرة ولقد قال عليه الصلاة والسلام : « ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة : المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا منّه والمنفق سلعته بالحلف الكاذب والمسبل ... » . وإن من مظاهر سوء العشرة إهانة الزوجة بكلام أو فعل أمام أبنائها أو حث الأبناء على عدم السماع لأمهم .
إن المتقرر شرعاً أن طاعة الأم مقدمة على طاعة الأب فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أبوك .
ثم إن ذلك يقلل قدر الأم عند أطفالها ويكون دافعاً لعقوقها مسبباً لتناقضات في شخصية الولد كارهاً لأحد أبويه .
أيها الإخوة : إنا تسمع عند الحديث عن المرأة أنه عندما تذكر يقال أكرمكم الله دليلاً على شيء يتنزه عن ذكره وإنا لنعلم يقيناً أن هناك نساء أفضل من بعض الرجال :
وما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ** ولا التذكير فخرٌ للهلال
و بعض المجتمعات ترى أن المرأة لا يحق لها المطالبة بحقها من الميراث وإذا فعلت ذلك فهو القطيعة والعار وكأنها تطالب بما لا يحل لها في رد صريح وواضح لنصوص الكتاب والسنة . لقد تولى الله سبحانه بنفسه قسمة المواريث فقد أعطى كل ذي حق حقه فما بال أقوام يردون شرع الله من أجل ميراث شرعه الله لها وحق أعطاه الله إياها .
وإن من مظاهر سوء العشرة ذكر النساء للمرأة على أنهم أفضل منها فيقول ألا ترين فلانة لقد صنعت أفضل مما صنعت فهي خير منك فإن ذلك يشعل نار الحقد والحسد والغيرة ويجعل المرأة تفقد ثقتها بزوجها
ومن الأزواج من لا يعرف لغة الشكر والثناء والدعاء لزوجته وكل حديثه نقدٌ وسخريةٌ واستهزاء . وإني سأذكر لكم صوراً من معاملة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام لزوجاته وحسن عشرته لهم :
فقد سئل عليه الصلاة والسلام من أحب الناس إليك يا رسول الله قال : عائشة . وقال لها يوماً يا عائشة ما ضرني لو مت وقد علمت أنك زوجتي في الجنة . وكان يناولها الإناء لتشرب فإذا شربت نظر إلى المكان الذي شربت منه فيشرب منه وكان يناولها اللحم فإذا أكلت نظر إلى المكان الذي أكلت منه فيأكل منه وكان يضع اللقمة في فمها ، وسابقها مرة فسبقته فسابقها أخرى فسبقها فقال هذه بتلك .
وعندما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجت عائشة ولم تعتمر معهم في أول الحج لعذر أصابها فعندما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حجه قالت يا رسول الله يرجع النساء بحجة وعمرة وأرجع أنا بحجة فقط فأوقف الناس وكان معه مئة ألف وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر فذهب بها إلى التنعيم فأحرمت واعتمرت ثم رجعت وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وفعل ذلك تطييباً لخاطرها .
ألا فاتقوا الله عباد الله وأحسنوا عشرة زوجاتكم وعاشروهن بالمعروف .


الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين وعلى آله وصحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
أيها الإخوة : لقد ارتفعت حالات الطلاق في المنطقةووصلت إلى عشرين في المائة . وإن من أسباب ارتفاع حالات الطلاق عدم معرفة الحقوق والواجبات بين الأزواج وعدم تقدير المسؤولية من الطرفين .
أيها الإخوة : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم « الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة » . وأوصى بالنساء في يوم الحج الأكبر في خطبته فقال : « اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ... » . وأوصى بهن وهو يودع الدنيا فقال : « الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم » . فإن من واجبات الزوج أمر زوجته ومن تحت ولايته بطاعة الله والاستقامة على دين الله قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ... ) وقال عليه الصلاة والسلام « ما من عبد يسترعيه الله رعية فيموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة » .
كما أني أوصي الآباء أن يتقوا في اختيار رجال أكفاء كرام أهل دين وخلق لبناتهم .
بواسطة : التحرير
 0  0  2991