×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

محمد صلى الله عليه وسلم

التحرير
بواسطة : التحرير
محمد صلى الله عليه وسلم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه ونثني عليه الخير كله ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم واليه ترجعون وصلى الله وسلم وبارك على النبي المصطفى والرسول المجتبى وعلى اله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى
عباد الله لقد امتن الله على الأمة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيكم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبله لفي ضلال مبين "
وقال تعالى " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبله لفي ضلال مبين " فرفع هذه الأمة بهذه الرسالة حتى كانوا قادة الدنيا وملوك الأرض
إن البرية يوم مبعث احمد نظر الإله لها فبدل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من هذي البرية نجمها وهلالها
والذي نود أن نقرره في هذه الخطبة أن رسالته صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين بل للإنسان والحيوان والجن وحتى الحيوانات ردا على تلك الأفكار المسمومة التي تظن أن رسالته صلى الله عليه وسلم فيها العنت والمشقة والتخلف والرجعية وعدم مناسبتها للعصر قال الله تعالى " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين روؤف رحيم "
فوصفه الله في هذه الآية بخمس صفات
1- من أنفسكم تعرفون نسبه وحسبه وصدقه وأمانته وكنتم تسمونه بالصادق الأمين
2- عزيز عليه ما عنتم أي يعز ويشق عليه ما يسبب لكم العنت والمشقة
3- حريص عليكم يريد الخير ويخاف عليكم عذاب الله وسخطه
4- بالمؤمنين روؤف رحيم فوصفه الله بصفتين من صفاته سبحانه وهي روؤف رحيم
فبابي هو وأمي ما أشفقه وما ارحمه لقد اشتد حرصه على دعوة قومه حتى عاتبه ربه على ذلك فقال " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " وتأمل هذه الرحمة لقد كادت نفسه وهي نفس واحدة تذهب حسرة وألماً ليس والله لفوات الدنيا ولكن لإعراض قومه عن دعوته وعدم استجابتهم لربهم وقال له (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف : 6 ) أي لعلك قاتل نفسك غما وأسفاً عليهم لأنهم لم يؤمنوا وقال في سورة الشعراء (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (الشعراء : 3 )
وساق الله عدد من الآيات التي تقرران الهداية بيد الله حتى لو كان عمك الذي دافع عنك ونصرك في دعوتك (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص : 56 ) لقد حمل الرسول صلى الله عليه وسلم هم هداية قومه ودلالتهم على الحق حتى كان يخرج في المواسم فيقول "من يؤويني حتى ابلغ رسالة ربي " وعندما امتنع أهل مكة من الاستجابة له خرج إلى الطائف ومعه غلامه زيد بن الحارثة أخرجه الخوف على الناس من عذاب ربهم ومن نقمته وسطوته وبعد رحلة عناء ومشقة المشي على الأقدام من مكة إلى الطائف وكان في طريقه يدعوا إلى الله فلم يستجب له احد وعندما وصل إلى الطائف وجد ثلاثة نفر في منتدى لهم وهم من علية القوم فقال لهم إني لكم نذير بين يدي عذاب شديد قولوا لا اله إلا الله تفلحوا "
فقال الأول : أما وجد الله إلا أنت حتى يرسلك
وقال الثاني : إن كان الله أرسلك فانا أمزق أستار الكعبة
وقال الثالث : إن كان الله أرسلك فأنت اكبر من أن أكلمك
قال صلى الله عليه وسلم " إذا فاكتموا أمري " وليتهم فعلوا ولكنهم دعوا صبيانهم وغلمانهم فرموه بالحجارة حتى أدموا قدمه صلى الله عليه وسلم ولماذا هذه الإساءة لأنه يريد لهم جنة عرضها السموات والأرض . فخرج من الطائف هائما على وجهه حزينا مكروبا حتى وصل إلى بستان لعتبه وشيبه ابنا ربيعة فلما شاهد ما به من الجراح والتعب والألم بعثا غلاما لهما يسمى عداس بعنب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يشغله ما به من الجراح عن دعوة هذا النصراني إلى الله
ثم قام يصلي ويشكوا إلى الله ما حل به سبحان الله دمه يسيل ودعوته ترد ومع ذلك قام يصلي ويدعو ربه بدعاء حزين يقول " اللهم إليك اشكوا ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا ارحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك " وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله هل أتى عليك يوما اشد من يوم احد قال لقد لقيت من قومك ما لقيت وان اشد ما لقيت عندما عرضت نفسي على بن عبد ياليل بن كلال بالطائف فلم يجبني فانطلقت هائما على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت راسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره بما شئت فناداني ملك الجبال ثم قال يا محمد الأمر ما شئت إن شئت أن أطبق عليم الاخشبين فعلت والاخشبان جبلان بمكة فقال صلى الله عليه وسلم بل ارجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئا" وتتجلى في هذا الجواب ذلك الخلق العظيم والرحمة التي يتصف به عليه الصلاة والسلام
يكفيه عن كل مدح مدح خالقه واقرأ بربك مبدأ سورة القلم
ومن رحمته بأمته يوم احد وقد أصيب اشد إصابة وذلك عندما كسرت رباعيته وشج وجهه ودخلت حلقتا المغفر في وجهه عليه الصلاة والسلام فكان بابي هو وأمي يمسح الدم عن وجهه ويقول " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " وصلى صلى الله عليه وسلم التراويح في رمضان بأصحابه ليلتين أو ثلاث ثم تركهم وانتظره الناس ليخرج إليهم فلم يخرج ثم سألوه عن ذلك فقال خشيت أن تفرض عليكم
وقال في الدجال " إن يخرج وأنا فيكم فانا حجيجه دونكم وان يظهر ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم "
وقام في ليلة من الليالي فتذكر قول إبراهيم في قومه (وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (إبراهيم : 36 )
وقول عيسى في عن قومه (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة : 118 )فبكى صلى الله عليه وسلم بكاء شديدا فأرسل الله جبريل عليه السلام وهو اعلم سبحانه وقال سله ما الذي يبكيه فأتى جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه فقال ما الذي يبكيك يا محمد فقال صلى الله عليه وسلم أمتي ..أمتي فعاد جبريل إلى ربه فقال الله بشره إنا سنرضيه في أمته ولن نسوءه .
بل هو رحمة عليه الصلاة والسلام حتى للحيوانات فقد دخل يوما من الأيام بستانا لأحد الأنصار فعندما رآه جملا كان في البستان انطلق إليه فقال عليه الصلاة والسلام أين صاحب هذا الجمل فقال احد الأنصار أنا يا رسول الله فقال إن هذا الجمل يشكو إلي انك تجيعه وتدابه أما تتق الله في هذه البهيمة
واتت إليه حمامة كما قال ابن كثير والنسائي تشكو إليه رجلا اخذ صغارها فقال من فجع هذه بصغارها ردوا عليها صغارها
واتت إليك حمامة مشتاقة تشكوا إليك بصب قلب واجف
وعليم الزرقاء إن مقامكم حرما وانك ملجأ للخائف
وتظهر رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته يوم القيامة ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن لكل نبي دعوة مستجابة واني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة "
فعندما يجمع الله الأولين والآخرين في عرصات القيامة يغشى الناس من الكرب ما لا يعلمه إلا الله حتى يقول بعضهم لبعض انظروا من يشفع لنا فيأتون ادم فيقول يا ادم أنت أبو البشر خلقك الله بيده واسجد لك ملائكته ونفخ فيك من روحه اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيقول إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله نفسي.. نفسي.. نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى وكلهم يقولون كما قال ادم فيأتون محمداً صلى الله عليه وسلم فيقول عليه الصلاة والسلام أنا لها أنا لها
فيسجد تحت العرش ويفتح عليه من محامده ما يشاء ثم يقول يا محمد ارفع راسك وسل تعطه واشفع تشفع فيقول يارب أمتي.. أمتي فيقال يا محمد ادخل من أمتك من لا حساب عليهم ولا عذاب من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس في بقية الأبواب
وهذا هو المقام المحمود الذي وعده به ربه
الهم ابلغ نبيك صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة اللهم اجمعنا به في دار النعيم يا ارحم الراحمين




الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ولي المتقين ولاعدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
. فكثير أولئك الذين يدعون حبه صلى الله عليه وسلم ولقد قال صلى الله عليه وسلم "البينة على المدعي .."
فأي حب له صلى الله عليه وسلم مع الاستهزاء بسنته والسخرية بها والإعراض عنها
قال تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 ) وتظهر محبته صلى الله عليه وسلم في الرضى بسنته والعمل بها قال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) (الأحزاب : 36 ) وتظهر محبته في التحاكم إلى سنته فقد اقسم الله على نفي الإيمان فيمن لم يتحاكم إليها قال تعالى (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (النساء : 65 ) ومن أراد النجاة لنفسه فليتبع سنة الحبيب صلوات الله وسلامه عليه فقد قال كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " وستظهر الخسارة ويتضح الغبن يوم القيامة يوم التغابن عندما يرد حوضه صلى الله عليه وسلم من كان على سنته وترد الملائكة الذين اعرضوا وبدلوا وغيروا وتركوا فقال صلى الله عليه وسلم " حوضي مسيرة شهر ماءه اشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل كيزانه كعدد نجوم من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا " ولكنه سيرد عن هذا الحوض أقوام قال صلى الله عليه وسلم " ليردن على الحوض أقوام فتردهم الملائكة فأقول يارب مني ومن أمتي فيقال انك لا تدري ما أحدثوا بعدك "
وإنا لنشهد انه صلى الله عليه وسلم ما غادر الدنيا ولنا في ذمته شيء فاتقوا الله عباد الله وتمسكوا بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ففيها النجاة والفلاح

بواسطة : التحرير
 0  0  2723