توبة من الرعيل الأول
توبة من الرعيل الأول
الحمد لله يحب التوابين والمتطهرين يسأله من في السموات و الأرض كل يوم هو في شان تسكب في رجاء عفوه عبرات المذنبين وتخفق في الشوق إلى لقائة قلوب المحبين اشهد انه سبحانه فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد واشهد أن محمد عبده ورسوله اختاره الله واصطفاه نبيا ورسولا وخليلا وحبيبا ختم به رسالته وأتم به نعمته فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى اله وصحبه أولي الأحلام والنهى والتابعين لهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فاتقوا الله عباد الله وآمنوا به يجعل نورا تمشون به ويغفر لكم
أيها المسلمون / يقول الحق جل وعلا " وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وامن فانه غفور رحيم "
ليس من يدعي التوبة ويرددها بلسانه كمن روّعه هول المعصية فساحت دموعه حرّى ندما على ما فرط في جنب الله . ليس كمن تذكر عظمة من عصاه فعظُم أساه فاعتصر القلب ألما وتفطرت النفس حسرة . كالغافل المعرض عن مولاه إنها قلوب حية ونفوس صافية وضمائر يقظة علمت المصير فحاسبت ذواتها أثناء المسير أيقنت أن الموقف عسير وان الكرب غير يسير وندم الدنيا أهون بكثير من ندم يوم القيامة الندم في الدنيا توبة وفي الآخرة عذاب ولوعة
وهاكم رعاكم الله وحفظكم صورة لتوبة صادقة في عهد النبوة شهد لها نبي الرحمة بتوبة لم نسمع بمثلها
تلكم التوبة هي توبة المرأة الغامدية رضي الله عنها وأرضاها
فقد جاءت إلى الرحمة المهداة قائلة يا رسول الله أصبت حدا فطهرني جاءت إليه بذلك الضمير الحي وتلك النفس المؤمنة الموقنة .
جاءت إليه ونار الجوف تستعر ودمعة العين لا تنفك تنهمر
جاءت إليه تجر الهم مخبتة كأنه أشعث أضنى به السفر
فاعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أتريد أن تردني كما رددت ماعز بن عامر والله انها لحبلى من الزنا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبي حتى تضعي حملك فلم تطلق بالكفالة ولم يودعها سجن
ما أودعت سجن سجّان وكافلها تقوى الإله فلا سوط ولا اسر
وأقبلت يا رسول الله ذا اجلي طال العناء وكسري ليس ينجبر
وعندها قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبي فارضعيه حولين كاملين قال سبحانه " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين "
ومر عام وفي إصرارهاجلد ومر عام فلا ضعف ولا خور
كان بإمكانها السكوت وكان كافيها التوبة والاستغفار ولكن خوفها من ربها وإيمانها بشدة عقابه جعلها تطلب من رسول الله إقامة الحد . كانت تمر بها الأيام طويلة ثقيلة إذا أصبحت تنتظر المساء وإذا أمست تنتظر الصباح حرارة الذنب وندم الخطيئة جعلاها باكية شاكية .
وعندما حل المخاض ووضعت الجنين انطلقت مباشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تنطلق إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام مبشرة بهذا الغلام ولا يحنكه أو يدعو له بل يقيم عليها الحد تطهيرا لها قبل لقاء ربها .
وبعدان تم لها عامان وأرضعته حولين كاملين وضعت في يد الغلام الفطيم كسرة من الخبز ليدل على انه أصبح يأكل الطعام ثم تقدمت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقد كانت تحمل ذلك الطفل وهي تعلم أنها آخر لحظات تراه فيها إنها ستترك ذلك الرضيع وتموت هي في ذلك اليوم لقد كان ذلك الطفل ينعم بجوار القلب الذي يظهر انه مملوء بحبه. لا أيها الطفل إن القلب الذي بجوارك مملوء بندم على معصية يشتاق إلى تطهير بحد شرعة الله . اولست ترى كسرة الخبز في يدك ، لتهنك لقمة العيش التي بيدك أما والدتك فتعيش لحظات وداعك
فقالت يا رسول الله قد حملته وأرضعته ووضعته فطهرني يا رسول الله
جاءت به ورغيف الخبز في يده وليس يعلم ما الدنيا وما القدر
قالت فديت رسول الله ذا اجلي قد ملني الصبر والعقبى لمن صبروا
فقال من يكفل المولود من سعة أنا الرفيق له يا سعد من ظفروا
فقال عليه الصلاة والسلام من يكفل هذا الصبي فقال رجل من الأنصار أنا يا رسول فأمر بها فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت فرماها خالد بحجر فوقع عليه من دمها فنال منها فقال صلى الله عليه وسلم" مهلا يا خالد والذي نفسه بيده لقد تابت توبة لو تابها أهل المدينة لقُبل منهم "
ثم غُسلت وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم واستغفر لها رحمة الله على ذلك الجسد الذي احرقه الم معصية.
سارت إلى جنة الفردوس فابتسمت لها الربى والنعيم الخالد النضر
وجنة الخلد تجلو كل بائسة يحلوا إليها الضنى والجوع والسهر
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى "
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول ماسمعتم وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه وتوبوا إليه إني ربي غفور رحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله الحميد المجيد المبدئ المعيد لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد / عباد الله يقول الله تعالى " يا أيها الذين امنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين امنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا واغفر لنا انك على كل شيء قدير "
إنها دعوة لتوبة صادقة فلا اله إلا الله كم ذنب اقترفته أيدينا نحن عنه غافلون " وبدالهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون "
ما بال أقوام يعملون السيئات ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون استغفار احدهم بلسانه وإصراره على خطيئة بقلبه ، يتقلبون في معصية الله صباحا ومساء شاشات وأغنيات وهجر للجماعات والصلوات ووقيعة في الأعراض وغفلة عن لقاء الله الكبير المتعال .
يا من يصر على الآثام في صلف
والموت خلف جدار الغيب مستتر
الله يفرح إن تاب المسيء .. ألا
قوموا إلى الله واستعفوه وابتدروا
لا تأمن العمر والأيام راكضة
وقد يجئ بما لم تحذر القدر
كم غر إبليس والأهواء من نفر
وأعظم الذنب أن الذنب يُحتقر
عباد الله صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاو السلام عليه .....