×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

التأثر بالقرآن

التحرير
بواسطة : التحرير
التأثر بالقرآن
الجمعة 7/ 9/1430هـ


الحمد لله ؛ رحم هذه الأمة الخاتمة فأكرمها بأفضل خلقه ، وبعث فيها خاتم رسله، نحمده على عظيم نعمه ، ونشكره على تعدد مننه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له (كتب الرحمة على نفسه ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ؛ كان أرحم نبي لأمته ، وأشدهم شفقة ونصحا ، وأكثرهم عفوا وصفحا ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.........................................
أما بعد :
فأوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله عز وجل ؛ فلا منجاة للعباد يوم القيامة إلا بها {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }الزمر61
عباد الله
عن ابي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ حَدَّثَهُ فقال بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِى مِرْبَدِهِ إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى فَقَرَأَ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا قَالَ أُسَيْدٌ فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِى فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ عَرَجَتْ فِى الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا - قَالَ - فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيْنَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ فِى مِرْبَدِى إِذْ جَالَتْ فَرَسِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اقْرَإِ ابْنَ حُضَيْرٍ ». قَالَ فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اقْرَإِ ابْنَ حُضَيْرٍ ». قَالَ فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اقْرَإِ ابْنَ حُضَيْرٍ ».
قَالَ فَانْصَرَفْتُ. وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ عَرَجَتْ فِى الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ ».رواه مسلم
لله آيات الكتاب فإنها تحيي الرميم و تبعث الآمالا
إن لآيات الله تأثير في نفوس المؤمنين , تهفوا لها قلوبهم , وتدمع لها أعينهم , وتستلذ بها آذانهم .
فعن ثابت البناني عن مطرف عن أبيه قال أتيت النبي ( وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل - يعني يبكي .
قال في الفتح الرباني :والمعنى أنه يجيش جوفه ويغلي من البكاء من خشية الله تعالى .
وثبت عنه ( أنه قال :"شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت .
وكانت قراءته عليه الصلاة والسلام تصدع القلوب وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم قال:سمعت رسول الله ( يقرأ في المغرب بالطور فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه وفي بعض ألفاظه فلما سمعته قرأ {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} كاد قلبي أن يطير قال ابن كثير-رحمه الله- وكان جبير لما سمع هذا لم يزل مشركا على دين قومه .
عن طاووس قال :"أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله"
إن آيات كتاب الله ؛ هزت قلب المصطفى (ص), فأبكت عيناه , َْعن عبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اقْرَأْ عَلَىَّ الْقُرْآنَ ». قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ « إِنِّى أَشْتَهِى أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى ». فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا) رَفَعْتُ رَأْسِى أَوْ غَمَزَنِى رَجُلٌ إِلَى جَنْبِى فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ. رواه مسلم
وعلى نهج المصطفى (ص) كان الصحب الكرام .
فقد روى البخاري بسنده عن عائشة -رضي الله عنها- قالت :إن رسول الله ( قال في مرضه : مروا أبا بكر يصلي بالناس قالت عائشة :قلت إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر يصلي بالناس قالت عائشة :فقلت لحفصة قولي له إن أبا بكر في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس ففعلت حفصة فقال رسول الله( :مه إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت حفصة لعائشة ماكنت لأصيب منك خيرا .
وفي رواية قالت عائشة (رضي الله عنها)إنه رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء وفي رواية فقيل له أي للنبي (ص) ( إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس.
قال الحافظ ابن حجر قوله رقيق أي رقيق القلب وقوله أسيف من الأسف وهو شدة الحزن والمراد أنه رقيق القلب .
وروى البيهقي في الشعب بسنده أن أبا بكر ابتنى مسجدا بفناء داره -بمكة- وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يتعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاءا لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن.
عبد الله
ما أجمل أن نسير على خطا المصطفى (ص) وصحبه الكرام , فنتلوا كتاب الله , نحيي به قلوبنا , ونشرح به صدورنا , نسكب معه العبرات , نناجي به رب الأرض و السماوات .
ها نحن في شهر القرآن , فكم هي جلساتنا مع القرآن , كم من آية استوقفتنا , كم من موعظة وعظتنا , كم من بشارة بشرتنا .
أو ما علمت أنك إذا جلست في بيت من بيوت اله تتلو كتاب الله ذكرك الله فيمن عنده , قال عليه الصلاة و السلام : ما تجالس قوم في بيت من بيوت الله , يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم , إلا حفت بهم الملائكة و غشيتهم الرحمة و ذكرهم الله فيمن عنده و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه .
بقاؤك في بيت من بيوت الله لتعلم كتاب الله خير من أموا الدنيا , قال عليه الصلاة و السلام : أيكم يحب أن يغدوا إلى بطحان أو العقيق , فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين ( الكوماء : الناقة العظيمة السنام )
زهراوين فيأخذهما في غير إثم و لا قطع رحم ؟ قلنا : كلنا يا رسول الله يحب ذلك . قال : فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين , و ثلاث خير له من ثلاث , و أربع خير له من أربع , و من أعدادهن من الإبل .
هذا كتاب الله , حجتك أو حجة عليك يأتي يوم القيامة يحاج عن أصحابة , في ذلك اليوم العظيم , ذلك اليوم الذي يتخلى فيه القريب عن قريبه , و الأب عن إبنه , و الولد عن والدته .
عن بريدة (رضي الله عنه) عن النبي (ص) قال : يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب , فيقول : أنا الذي أسهرت ليلك و أظمأت نهارك . رواه ابن ماجة
و عن ابي هريرة (رضي الله عنه) يجيء صاجب القرآن يوم القيامة , فيقول يا رب حله , فيُلبسُ تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده , فيُلبسُ حُلةَ الكرامة , ثم يقول يا رب أرض عنه , فيرضى عنه و فيقال له أقرأ و ارق , و تُزادُ بكل آية حسنة . أخرجه الترمذي
فماذا تراه سيقول عنك , هل سيدافع عنك القرآن يوم القيامة , أم أن هجرانك إياه , و بعدك عن معناه , سيجعله حجة عليك لا حجة لك .
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا , و نور صدرونا , و جلاء أحزاننا , و ذهاب همومنا و غمومنا يا رب العالمين .أقول ما سمعتم و استغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين فاستغفروه وارجوه غنه هو الغفور الرحيم .




الخطبة الثانية


الحمد لله على إحسانه , و الشكر له على توفيقه وامتنانه , و أشهد أن لا إله إلا الله تعظماً لشأنه , و أشهد أن محمداً عبد الله و رسوله , صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما مزيداً إلى يوم الدين .
أما بعــــــد
فيا عباد الله
إعلموا أن أكثر الناس انتفاعاً بالقرآن هم المؤمنون المتقون , و أما الكفار فإنهم لا ينتفعون به بسبب غعراضهم عنه , و تكذيبهم له , و أما أهل المعاصي و الفجور فهم أقل انتفاعاً به بسبب هجرانهم له , و انكبابهم على شهواتهم {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً }الإسراء46
فلا تكن يا عبد الله من الذين تولعوا بالغناء و المعازف حتى لا تفارق أسماعهم , و هجروا كلام الله تعالى , ولا تجعل بيتك يحيا ليله و يقضى نهاره بالغناء , لا تجعله خالياً من ذكر الرحمن .
بل كن من أهل الإيمان الذين عظموا كتاب الله , فرزقهم حسن الختام , لما حضرت الوفاة الإمام الفقية أبو بكر ابن عياش بكت أخته ! فقال لها ما يبكيك ؟ انظري على تلك الزاوية فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة .
فاغتنموا شهر القرآن يا عباد الله , اقرءوا القرآن , قفوا مع آياته , تدبروا عظاته , من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه و لا خلال
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال : الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة , يقول الصيام : أي رب منعته الطعامَ و الشهواتِ بالنهارِ فشفعني فيه , و يقول القرآن : رب منعته النومَ بالليل فشفعني فيه فيشفعان .
هذا و صلوا ......
بواسطة : التحرير
 0  0  2505