×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

أقبلت يا رمضان

التحرير
بواسطة : التحرير
أقبلت يا رمضان
الجمعة 27/8/1429هـ


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله...
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102} [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1} [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا] {الأحزاب:70-71}.
أما بعــد
فيا عباد الله
بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك يعلن مطعم كذا و كذا عن افتتاح خيمته الرمضانية، حيث يقدم أطيب المأكولات والمشروبات على أنغام الموسيقاء ، بالإضافة إلى وصلات غنائية يقدمها أشهر المطربين والمهرجين، فأهلاً وسهلاً بالصائمين في خيمة رمضان.
وإعلان آخر يقول: بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك نقدم لكم الفيلم الفلاني لأول مرة، شاهدوه على قناة كذا و كذا ، هذا إلى جانب أفلام رمضانية أخرى فيها الإثارة والرعب والضحك والفرفشة .
كما تعلن القناة الغنائية عن انتاجاتها الرمضانية .
إعلانات لأرباب الفسوق , و دعاة على أبواب جهنم , يريدون للأمة أن يمر بها شهر رمضان مرور الكرام , يريدون لها التراجع , يريدون لها النكوص , حتى في شهر الخير و الرحمات , لا يتركون لعباد الله أنسهم بربهم , و خلوتهم بخالقهم , فيا الله ردنا إليك رداً جميلا .
عباد الله
لن أتكلم عن هراء القوم و سفاسف أقوالهم , أتدرون لماذا ؟
لأنني سوف أخاطب قلوبكم التي في صدروكم , سوف أخاطب أفئدة لطالما اشتاقت إلى رمضان , أفئدة هزها الشوق إلى رمضان , أفئدة حركت الألسن بقولها : يا رب بلغنا رمضان , يا رب اجعلنا من أهل الصيام و القيام , ما أضن أحداً قال : يا رب بلغني رمضان لأعصيك , أو لأقع في حرماتك , كلا و الله , بل أن القلوب تضطرب في أجسادنا شوقاً لرمضان ,
رمضان هـلّ بـوافـر الخيـرات *يهدي لـنـا الآمال والبـركـات
يحيي القلوب بهدي رب راحم ويـُمِـدنا بالـنـور والـنـفحــات
شهرَ الفضائل جئتنا تجلو العنا *بالحـب تـنعـشـنـا وبالنسـَمـات
يـا ليـلـة القدر الجميـل بهاؤهـا *** فيك الرضا الموسوم بالخيرات
يا رب فاقبل من عبادك حبهم * * وارفق بهم بالعـفـو والرحَمات
أنت المؤمـّل ياعظيـم فهب لنا دار النعـيـم ومـوئــل السـادات
أيها المسلمون
سأحدثكم من على هذا المنبر بأحاديث , تهتز لها قلوب المؤمنين , و تشتاق لها أرواح المخلصين , سأحدثكم عن شهر رمضان , لكن ليس كحديث القوم , الذين يهيجون فيه الغرائز , و يوقدون نيران الفتن , حديثي إليكم من كلام الله جل في علاه , و كلام خير الخلق صلوات ربي و سلامه عليه , فاللهم بلغنا رمضان , اللهم بلغنا رمضان , و اجعلنا من أهل الصيام القيام يا رب العالمين .
ما أجمل الحديث عن شهر الصيام و القيام فعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم - مرتين - والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها )
بل عن الله جل في علاه خصص لأهل الصيام باب من أبواب الجنة , لا يدخل منه غيرهم فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ».
في شهر رمضان تغفر الزلات , و تقال العثرات , و تفتح أبواب الرحمات فعن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )
من اجل هذا كله كان المصطفى (ص) يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره , بأنواع القرب و العبادات فعن بن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه النبي صلى الله عليه و سلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة
بل إن الله يجازي أهل الصيام بالجزاء الوافر و الخير العظيم , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم . والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه )
فأين أنتم يا طلاب الجنة , يا راغبين في النعيم المقيم .
يا سلعة الرحمن أين المشتري*** فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب*** فالمهر قبل الموت ذو امكان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الـ***ـخطاب عنك وهم ذوو ايمان
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ».
و عنه (رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين مردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت ابواب الجنة فلم يغلق منها باب ومناد ينادي : يا باغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر ولله عتقاء من وذلك كل ليلة )
فيا باغي الخير أقبل , أقبل إلى الفوز بالرضوان , أقبل إلى مغفرة من الرحمن , أقبل إلى جنة عرضها السموات و الأرض .
قال عليه الصلاة و السلام "خَابَ وَخَسِرَ مَنْ أَتَى عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ "، وقال: " مَنْ أَتَى عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ: آمِينَ، قُلْتُ: آمِينَ" .
يا من تعلقت روحه بأحاديث المصطفى (ص) , ألم تشتق إلى رمضان , هل نويت التوبة , فهذا شهر التوبة على الأبواب , هذا شهر المغفرة يا من أناب , هذا شهر العتق من النيران , هذا شهر الفوز بالحور الحسان .
عن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - قال الله تعالى : يا بن ادم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان ولا أبالي , يا بن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك , يا بن ادم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة - رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
فبادر و لا تيأس , فالله غفور رحيم , عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه عزَّ وجلَّ أنه قال: "أذنب عبدٌ ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال الله تبارك وتعالى: أذنبَ عبدي ذنباً فعلم أن له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب فقال: أي ربِّ، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِّ؛ اغفر لي ذنبي. فقال تعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. قد غفرتُ لعبدي" وفي رواية لمسلم: "فليفعل ما شاء"(91).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة183
أقول ما سمعتم و استغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين فاستغفروه وأرجوه إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه , و الشكر له على توفيقه وامتنانه , و أشهد أن لا إله إلا الله تعظماً لشأنه , و أشهد أن محمداً عبد الله و رسوله , صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم تسليما مزيداً إلى يوم الدين .
أما بعــــــد
فيا عباد الله
قد يغيب عن ذهن المؤمن معنى الصيام , و حقيقة التقوى , فينجرف مع المنجرفين خلف الجهل و الزور , و لكنه سرعان ما يُذكّرُ فيتذكر ,
و يؤوب إلى الله تائباً منيبا , و هذا هو وصف المتقين {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ }الأعراف201
يصيب الواحد منهم ذنباً في غفلة و إجلاب من الشيطان , ثم يتذكر عقاب الله و ثوابه , فيسارع بالتوبة و الاستغفار , و لا تزال الشياطين به تحاول إفساده , فهو في جهاد معها , فإن غلبته الشياطين , تخلف عن ركب الصائمين , و إن تغلب عليها و على شهواته , فهو في طليعة المتقين , و عسى أن يكون من أولائك الداخلين مع باب الريان الذي أعد للصائمين في جنات النعيم .
فاتقوا الله عباد الله , فها هو هلال شعبان قد شارف على المغيب , ليهل علينا شهر الخير و البركات , و النعم و المكرمات .
فاحذر يا عبد الله أن يمضي الشهر في غفلة و سبات , أو في شهوات و منكرات , فكم من صريع تحت الثرى كان يرجو صيامه و قيامه , كان يؤمل آمال , فانتهت بنهايته , إذا أنعم الله عليك فأدركته , فاغتنمه , فلربما كان آخر العهد به .
اللهم بلغنا رمضان , و أعنا على صيامه و قيامه يا رب العالمين .
هذا و صلوا و سلموا ......




بواسطة : التحرير
 0  0  2520