×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

تغيير الفكر السياسي أولاً

ناصر الشهري
كيف يمكن الاستفادة من المقترحات التي يتم طرحها في المؤتمرات والمنتديات العربية.. وكيف يمكن تفعيل المشاريع على الورق إلى حقائق على الأرض.. وكيف يمكن استثمار القدرات العربية سواء على مستوى المال أو على مستوى الإنسان في تطوير الاقتصاد العربي؟
كل هذه الأسئلة وغيرها تبادرت إلى ذهني وأنا أتابع جلسات منتدى بيروت الاقتصادي الذي عقد مؤخرًا في لبنان، والذي تم خلاله تكريم رائد الفكر العربي الأمير خالد الفيصل الذي وضع نفسه خادمًا لهذه المهمة السامية والمؤثرة في صناعة ثقافة متطورة تنعكس على جميع جوانب التنمية، وتقدم خدمة مجانية لصناع القرار في الوطن العربي.
في منتدى بيروت برزت قدرات بشرية في جودة الطرح وصناعة الفكرة.. في حين سقطت شخصيات أخرى في «وحل الثقافة الضحلة»!! غير أن الوعي كان أكبر من «عبث» الكلام!! كما شكَّلت مقترحات متعددة ما يمكن أن يبلور رؤية استراتيجية لنهضة اقتصادية في الوطن العربي إذا ما تضافرت الجهود من أجل تحقيقها.
غير أنه لابد من الاعتراف بالمعوقات التي تقف أمام الاستثمارات العربية «البيئية» وذلك في ظل عسكرة المنطقة والتهديدات النووية من الداخل.. والتحديات المعاكسة من الخارج وفرض المزيد من التوترات في ظل أجندة سياسية وأطماع تلقي بظلالها على برامج المشاريع الاقتصادية التي تحتاج إلى العمل بعيداً عن الهواجس الأمنية والمخاطر المترتبة على الرساميل المدفوعة للاستثمار.
وهو ما يتطلب موقفًا عربيًّا من الناحية السياسية لمعالجة قضايا المنطقة وإبعادها عن شبح هذه المخاطر من منظور يؤكد على الشراكة الدولية خاصة من خلال الدول الكبرى المؤثرة في صناعة القرار.. حيث إنه ليس من المقبول أن تبقى منطقة الشرق الأوسط مسرحًا للحروب والتوترات الأمنية إلى ما لا نهاية لكثير من التجارب عبر تاريخها المعاصر.. ولا يمكن أن تبقى هذه المنطقة محل الرهان السياسي وسوقًا للسلاح وتغذية النزاعات.
ومن ثم يمكن للدول العربية أن تدخل في مشاريع مشتركة على أساس من الضمانات التي لا تعصف بهذه المشاريع نتيجة خلافات سياسية قد تحدث بين بعض دول الجامعة كمنظومة شاملة لكل المصالح العربية خاصة وقد شهدنا بداية فاشلة للصناعات المشتركة، كما حصل في هيئة التصنيع العربية التي «تبخرت» أموالها بعد زيارة الرئيس المصري السابق أنور السادات إلى القدس سنة 1978م .وبالتالي فإن أي ضمانة للاستثمارات العربية المشتركة تتوقف على صياغة قرار سياسي. قمة عربية تفرض إبعاد أي خلاف بين الدول الأعضاء عن المشاريع الاقتصادية وعدم المساس بها مهما كان حجم هذه الخلافات.. وهو ما يخلق «بيئة أمنية» على مستوى طموحات المستثمرين والعاملين في هذه المشاريع، ويعزز الثقة بين أبناء الشعوب العربية.
ومن أجل تحقيق كل هذه البرامج وغيرها من طموحات الأمة العربية. فإن ذلك مرهون بتغيير نمط الفكر السياسي العربي.. وصولاً إلى فرض تحول دولي نحو المنطقة العربية من مسرح للحروب وخرائط النفوذ العسكري .. إلى بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات العالمية أيضا.كما سيؤدي هذا التحول إلى تخفيض قيمة التأمين على السفن الناقلة التي تعبر مياه البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ومياه الخليج والتي كانت شركات التأمين قد فرضتها بأسعار عالية منذ الحرب العراقية الإيرانية ثم أضافت زيادة حادة بلغت 100% بعد غزو العراق للكويت سنة 1990م ومازالت عند مستوى هذه الزيادة التي يتم تحميلها للمستهلك من قبل مصادر التجارة الدولية.
 0  0  2682