علينا أن نسأل: في أي مكان نرغب أن نكون عالميين؟
علينا أن نسأل: في أي مكان نرغب أن نكون عالميين؟
أ. د. عوض بن خزيم آل سرور الأسمري
الإنترنت كان آخر الاكتشافات العلمية العظيمة التي عم نفعها الجميع. كنا لا نستطيع قبل عقد من الزمن إرسال رسالة نصية عن طريق البريد الإلكتروني إلا بشق الأنفس. كانت الخدمة المتوافرة في حينه تعرف باسم - البت نت - بعد ذلك حصل عدد من الأجيال المتتابعة لتطوير البريد الإلكتروني، لكن ظهور الإنترنت كان الأبرز في تغيير جميع مفاهيم الاتصالات. بعد ذلك ركز العلماء والمنتجون والمصنعون على أنظمة وتطبيقات وبروتوكولات الشبكة العنكبوتية, وكان الهم الأكبر إرسال أكبر قدر ممكن من المعلومات والوسائط المتعددة في زمن قصير.
كان التركيز على السرعات العالية, أو ما يعرف بالبرود باند. في خضم الاكتشافات ووضع البروتوكولات المناسبة لهذه الشبكة، برزت الاتصالات اللاسلكية المتنقلة وصار هناك دمج فيما بين بروتوكولات الإنترنت وبروتوكولات الشبكات اللاسلكية WI-FI , WI-MAX وغيرها من الشبكات الأخرى. كانت حقاً من أعظم اكتشافات القرن الماضي.
ماذا سيكون المكتشف الجديد في مجال الاتصالات؟ وهل سيكون منبعه أمريكا أيضا؟ أم مكان آخر من هذا العالم؟
قرأت في أحد التقارير أن هناك خطة أمريكية لقيادة العالم مرة أخرى في مجال الاتصالات.
يا ترى هل سيكون لأمريكا في القرن الحالي نصيب الأسد في مجال تقنية الاتصالات والإلكترونيات أم أن هناك دولا أو منظمات عالمية ستشاركها هذا الميدان الحيوي والاستراتيجي؟ إنه حقاً سؤال محير, لأن معظم الدول المتقدمة لديها تقنيات متقدمة في مجال الاتصالات، إلا أن أمريكا لن تفرط في قيادة العالم، خصوصاً ما يخص تقنية المعلومات. فقد كشفت التقارير أن أمريكا لديها خطة جديدة ستمكِّنها من قيادة العالم في مجال الاتصالات، إذ إنها ستزود مواطنيها بخدمة الاتصال بالشبكة العالمية (إنترنت) عند سرعات عالية جداً تعرف بـ SUPPER BROADBAND، وتم إرسال مشروع الخطة إلى الكونجرس للمصادقة عليه. وقالت لجنة الاتصالات الفيدرالية FCC إنها تأمل من وراء المشروع الجديد التأكد من حصول كل مواطن أمريكي على خدمة الاتصال بالشبكة العالمية الخارقة السرعة المقترحة بحلول عام 2020 ـ حسبما ورد في التقرير. وذكرت المفوضية أن ثلث المنازل في الولايات المتحدة، ويقطنها نحو 100 مليون أمريكي، لا تحتوي الآن على خدمة حزمة الاتصال بالشبكة العالمية المتكاملة ذات الطيف الواسع BROAD BAND. ذكر التقرير أن الكونجرس سيدرس ما إذا كان سيسنّ تشريعات جديدة ترعى تطبيق بعض أجزاء الخطة المقترحة، التي جاءت في 360 صفحة.
كذلك ورد في هذا التقرير أن هناك بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى التي سيكون لها دور بارز في تنقيح الخطة المقترحة، مثل مفوضية التجارة الفيدرالية ووزارة الأمن القومي، إذ إن هناك نحو 200 توصية تضمنتها الخطة. الجدير بالذكر أن أعضاء لجنة الاتصالات الخمسة لم يصوِّتوا على إقرار الخطة، وذلك لأنهم لم يتفقوا جميعا على التوصيات التي تضمنتها.
فقد قاموا عوضا عن ذلك بمنح دعمهم لإصدار بيان يؤيد بعض الأهداف التي وردت في الخطة، بما في ذلك التأكيد على أحقية كل أمريكي في الحصول على خدمة الاتصال بالشبكة العالمية فائقة السرعة، وتحويل موجات الأثير إلى مجال خدمات الهواتف الجوالة.
وفي تعليق لأحد أعضاء اللجنة، ذكر أنه أصبح لدى الحكومة الأمريكية هدف واضح واستراتيجي بأن يتمتع جميع الأفراد بفرص متساوية في هذا العصر الرقمي الجديد بغض النظر عن من هم، وأين يسكنون، أو ما الظروف الخاصة التي تحيط بحياتهم.
ووصفت اللجنة الخطة بأنها تشكِّل أعظم تحدٍّ في مجال خدمات البنى التحتية خلال القرن الـ 21، وتمثِّل أساسا للنمو الاقتصادي، ولخلق فرص العمل، ولمبدأ التنافسية العالمية، ولتوفير سبيل حياة أفضل. وترمي الخطة الجديدة إلى زيادة سرعة الاتصال بالشبكة العالمية من 4 إلى 100 ميجابايت في الثانية الواحدة. وبتكلفة تُقدَّر بـ 350 مليار دولار.
وأخيرا ذكر أحد قادة تقنية الاتصالات في أمريكا أن خدمة الاتصال بالشبكة العالمية عند سرعات عالية ـ أو ما يعرف بالنطاق العريض - ترسي الدعائم لنمو اقتصادي جديد، وعلينا أن نسأل في أي مكان نرغب أن نكون عالميين في القرن الـ 21؟