×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

أجيالنا و ثقافة العيب

أجيالنا و ثقافة العيب

تشير جملة ليست باليسيرة من دراسات الباحثين النفسانيين وأطباء الأسرة إلى أنه وفي عصر التقنية والتطور وما نزاوله في خضم واقعنا المقيت من صنوف العادات ؛ أن الصغار في ظل هذا كله أصبحوا يصلون سنَ البلوغ في مرحلة مبكرة أكثر من ذي قبل .... و هذا ملاحظ ملموس بالطبع.

في الوقت ذاته فإن التتبع للواقع اليومي للشؤون الحياتية يشير إلى أن سقف العيب اليوم في العرف الاجتماعي صار أعلى مستوى وفضفاضاً أكثر منه في سابقه ,بمعنى أن الغلام الصغير أوالفتاة اليافعة بالأمس كانا يواجهان في كثير من المواقف بسوط العيب وعصى العرف " استح يا ولد "
بينما الناشئة اليوم يمرون بمراحل عمرية عدة بل و نموية أكبر من ذي قبل مع انخفاظ كبير في جانب العيب الاجتماعي إزاءهم

كما أنك تلحظ على مستوى أفقي أن المعطيات اليوم تشير إلى أن جلباب العيب صار أكثر اتساعاً و أشمل رقعةً ؛ بمعنى أن ما كان بالأمس عيباً وخرقاً للتقاليد و العادة المألوفة التي لا يستساغ غيرها؛ أضحى اليوم حمى مباحاً و شأواً عاديا ، بل وطيباً في بعض الأحيان أياً كان ذلك العرف مقبولاً لدينا كجيل متوسط العمر
أو لا..!!!
و قد تكون الأمثلة المعاشة كثيرة وكبيرة إلا أن ضرب المثال في بعض المحال يحجّر الذهن في صورة أو صور معينة محدودة فيقضي على العموم المراد.

معشر السادة: إنه و بقراءة موجزة للسلم القبلي المحمود عند الأخ القارئ حتى نخرج من دائرة عرف مالا يُساغ و يسوغ, أقول بقراءة هذا السلم نجد أن المردود سلبي إثر تقهقر دوره في كثير من الأحيان بإزاء ظهور كثير من العوامل الأخرى المؤثرة في المسيرة التربوية والمؤثرة في عواملها كالإعلام و مجموعة الرفاق و الذوق العام ... إلخ كانت المخرجات القبيلة أضعف بكثير من المأمول من خلال صقلها بالتحضر و المدنية .
في حين كان من الواجب أن يتساير جانب البلوغ العضوي والتكليف الشرعي على أقل تقدير مع جانب العيب أو العرف القبلي لا أن يزيد الفرق ببون كبير في بعض الاحيان.
بالأمس ربما كلف الصبي الغر بجملة من الأعباء الثقيلة والمضنيةً والتي قد نتفق في الجملة على أنها أكبر من سنه بكثير

إلا أنها هي نفسها تماماً اليوم ثم لا يطالب بها الشاب البالغ من الحادية عشرة إلا في قريب من العشرين من عمره .
وبهذا يكون جانب التكليف الشرعي والاجتماعي العرفي غير متسايرين تماما

أيها السادة:إن ثقافة العيب بالأمس القريب ربما كانت وازعاً مهماً عن كثير من السلوكيات غير مرضية والأخلاقيات المشينة بالإضافة إلى أثرها البارز في تكوين الشخصية الناجحة والسوية بل والمنتجة في أوقات عديدة.

نكون غير منصفين حين نستبعد أثر ثقافة عيب يا ولد من قائمة العوامل المشكلة لعدد كبير من جوانب حياتنا و آرائنا الشخصية.

إن الصبي حين تمر به مرحلة طويلة دون أن يسمع "عيب -استح- ولد وش تسوي؟؟" تمر به مرحلة التلقي المناسبة للبناء الاجتماعي والتواصل الهادف

دون أن تصادف الثقافة المعرفية محلها وكما في الحديث [علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليه لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع] إن هذه السنوات الأولى بالتحديد أصبحت اليوم مرتعاً خصباً لثقافات أخرى بدعوى
(والله إنه بعده صغير)!!


علي محمد الشهري


 0  0  7511