ما هكذا تورد الإبل يا تركي
ما هكذا تورد الإبل يا تركي
د. عبدالرحمن محمد الشهري
الحرية الفكرية المسئولة والنقد الهادف البناء . مطلب حضاري تحرص عليه الدول والأفراد . ومعلم من معالم التطور والارتقاء .
وبلادنا والحمد لله قطعت شوطا كبيرا في هذا الاتجاه . والدليل ما تطالعنا به وسائل الإعلام كل يوم على مختلف أنواعها من آراء الكتاب والمفكرين وقد أسهمت هذه الآراء وهذه المقترحات وهذا النقد في تصحيح كثير من السلبيات القائمة . ودفعت بالكثيرين من المسئولين إلى تحسس السلبيات الموجودة في إداراتهم . وإيجاد الحلول المناسبة .
ولكن الكتاب والمفكرين . بشر يخطئون ويصيبون ويجتهدون . والمجتهد يخطئ ويصيب .
ولقد قرأت مقالاً للأستاذ تركي الدخيل في جريدة الوطن يوم السبت 18 / 4 / 1431 هـ بعنوان ( حفلات رئاسة الأرصاد ) والذي أنكر فيه على الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة . احتفالها بيوم الأرض . وعرض بتباطؤ الرئاسة في القيام بمهامها ،ووصف نائب الرئيس بالثقل والارستقراطية المفرطة .
وأكد الأستاذ تركي أنه لا يدري عن طبيعة الاحتفال وماهيته وبرنامجه .
أقول للأستاذ تركي :
إنني من المتابعين لكتاباتكم ولبرنامجكم التلفزيوني . وأعجب بالكثير من أفكاركم ومعالجتكم لكثير من السلبيات كما أعجب بحواراتكم التلفزيونية .
ولكن آمل منكم أن تقبلوا مني هذا المثل السائد لكل جواد كبوه ولكل عالم هفوة .
وأكد أنني لست مفوضا من الرئاسة ولست أحد منسوبيها .
ولكنني اعلم مواقف جليلة لها أنقذت فيها الوطن والمواطن من كارثة بيئية كادت تقضي على الحرث والنسل وتزلزل الأرض والإنسان .
وانطلاقا من معرفتي ببعض أعمال هذه الرئاسة وتقديري العالي لما قامت به الرئاسة أردت أن أكشف لك وللقارئ الكريم طرفاً وجيزاً من أعمالها .
ليكن في مقابل السلبية التي ذكرتموها عن الرئاسة وعن تباطؤها في أداء عملها .
عزيزي تركي :
لقد لاحظت تناقضاً في مقالكم . إذ ذكرتم أنكم لا تدرون شيئاً عن طبيعة الاحتفال وماهيته وبرنامجه . ثم قلتم بعد اسطر من هذا ( يمكن أن يستغل الوقت الذي سيستغرق في تنظيم الحفل ، وإلقاء القصائد والمدائح وتبادل الدروع والمجسمات والمحنطات ، واستئجار سجاجيد الجلوس والتعاقد مع شركات الكراسي والاتفاق مع المطاعم على سوق المفاطيح ...)
وهذا التفصيل في برنامج الحفل يوحي بأنك قد استلمت نسخة من برنامج الحفل .
عزيزي تركي :
لا أجد وجهاً لإنكار إقامة حفله في أي منشأة من المنشآت سواء كانت هذه المنشاة حكومية أم أهلية . أكاديمة أم غيرها .
بل أن مثل هذه الاحتفالات مطلوبة لتجديد النشاط ، ولتوثيق العلاقات ، ولدفع الملل والسئامة . وهذا تقليد تعمله كل المنشئات في الدنيا كلها . ولا يعني ذلك تقصيرا في أداء العمل أو الواجب أو استقطاع الوقت لغير صالح العمل . ولقد شاهدنا ذلك كثيراً في دول عدة . حتى أننا في بعض الأحيان نصل إلى درجة الملل من كثرة تلك الاحتفالات . والقائمون على تلك الاحتفالات يعتبرونها من ضرورات العمل والإنتاج .
فلست ادري ما وجه إنكارك على الرئاسة في إقامة هذا الاحتفال .وهل الوقت المخصص له هو الكفيل بحل كل المشكلات القائمة . وإن إقامته ستعطل عمل الرئاسة . نحن في جامعاتنا السعودية . نقيم حفلات عدة حفل تخرج . حفل استقبال الطلاب الجدد . حفل تكريم المتفوقين . حفل التعارف . حفل توديع . حفل استقبال . .. الخ .
ولم تعطل العملية التعليمية . ولاالبحث العلمي ولاالإنتاج . والشركات الكبرى والمصانع تقيم هي الأخرى حفلات متتابعة بمناسبات عدة .
فلماذا خصصت هذه الرئاسة بالإنكار في حين أن ذلك عرفاً محلياً وعالمياً .
وبدلا من اتهام الرئاسة بالتباطؤ في عملها . وددت لو أن هذا الاهتمام وجه إلى الهيئات والمؤسسات التي تتسبب في إفساد البيئة وتلويثها . بدلاً من تحميل الرئاسة تبعة معالجة أخطاء الآخرين .
دعني أذكر لك وللقارئ الكريم حالة واحدة أعرفها قامت بها الرئاسة .
لقد أعطت إحدى الوزارات الحكومية شركة وطنية امتيازا للتعدين . في منطقة آهلة بالسكان . والمنازل والمزارع والمساجد والمقابر والمدارس . وخطوط الكهرباء . والإسفلت . وضم الامتياز غابات كثيفة جدا من أشجار الزيتون والعرعر والأشجار الأخرى دائمة الخضرة . وضم الامتياز أصنافا شتى من أنواع الحياة الفطرية . والمنطقة كلها مغطاة بغطاء نباتي كامل .
والتعدين في هذه المنطقة يعني بالضرورة تهجير سكانها والقضاء على الغطاء النباتي والغابات . والحياة الفطرية وتدمير البيئة والتربة . فضلاً عما قرره العلماء من ان التعدين في تلك المنطقة سيتسبب في حصول زلزال . وانبعاث غازات سامة . لقد وقفت الرئاسة موقفا صامدا لمنع التعدين هناك وإلغاء الامتياز بمتابعة مباشرة من سمو الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز .
ومواصلة مستمرة من سعادة نائب الرئيس الذي وصفته بالثقيل والارستقراطي . واستمر الجدل والمتابعة قرابة تسع سنوات لم تتخل فيها الرئاسة لحظه واحدة . وهي تدافع عن إنسان هذه الأرض وحقه في العيش في أرضه بطمأنينة.وسلام . وألا يجتث من أرضه وموطنه .
لمصلحة خاصة للشركة . ثم دافعت الرئاسة عن الأرض وحمتها من العبث . والخراب .
فالرئاسة يا أخ تركي . قد دافعت عن الإنسان قبل أن تدافع عن الأرض ثم أتبعت ذلك دفاعها عن الأرض . لتبقى مستمرة في عطائها لأهلها . وللزائرين لها . وادعوك لزيارة تلك المنطقة لترى بأم عينك حجم العمل الذي قامت به الرئاسة لحماية الإنسان والأرض .
ولتعلم انه قد جانبك الصواب حينما ظنت عليها بلحظه سعادة مع منسوبيها ، في احتفال يضفي البهجة والسرور . واتهمتها بالتباطؤ في عملها ووصفت نائب رئيسها بما وصفت .
أذكركم بقوله تعالى (( وينزل الغيث ))
وبقوله صلى الله عليه وسلم " ما بال أقوام يفعلون كذا "
وأخيراً : ما هكذا تورد الإبل يا تركي .
د. عبدالرحمن محمد الشهري
الحرية الفكرية المسئولة والنقد الهادف البناء . مطلب حضاري تحرص عليه الدول والأفراد . ومعلم من معالم التطور والارتقاء .
وبلادنا والحمد لله قطعت شوطا كبيرا في هذا الاتجاه . والدليل ما تطالعنا به وسائل الإعلام كل يوم على مختلف أنواعها من آراء الكتاب والمفكرين وقد أسهمت هذه الآراء وهذه المقترحات وهذا النقد في تصحيح كثير من السلبيات القائمة . ودفعت بالكثيرين من المسئولين إلى تحسس السلبيات الموجودة في إداراتهم . وإيجاد الحلول المناسبة .
ولكن الكتاب والمفكرين . بشر يخطئون ويصيبون ويجتهدون . والمجتهد يخطئ ويصيب .
ولقد قرأت مقالاً للأستاذ تركي الدخيل في جريدة الوطن يوم السبت 18 / 4 / 1431 هـ بعنوان ( حفلات رئاسة الأرصاد ) والذي أنكر فيه على الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة . احتفالها بيوم الأرض . وعرض بتباطؤ الرئاسة في القيام بمهامها ،ووصف نائب الرئيس بالثقل والارستقراطية المفرطة .
وأكد الأستاذ تركي أنه لا يدري عن طبيعة الاحتفال وماهيته وبرنامجه .
أقول للأستاذ تركي :
إنني من المتابعين لكتاباتكم ولبرنامجكم التلفزيوني . وأعجب بالكثير من أفكاركم ومعالجتكم لكثير من السلبيات كما أعجب بحواراتكم التلفزيونية .
ولكن آمل منكم أن تقبلوا مني هذا المثل السائد لكل جواد كبوه ولكل عالم هفوة .
وأكد أنني لست مفوضا من الرئاسة ولست أحد منسوبيها .
ولكنني اعلم مواقف جليلة لها أنقذت فيها الوطن والمواطن من كارثة بيئية كادت تقضي على الحرث والنسل وتزلزل الأرض والإنسان .
وانطلاقا من معرفتي ببعض أعمال هذه الرئاسة وتقديري العالي لما قامت به الرئاسة أردت أن أكشف لك وللقارئ الكريم طرفاً وجيزاً من أعمالها .
ليكن في مقابل السلبية التي ذكرتموها عن الرئاسة وعن تباطؤها في أداء عملها .
عزيزي تركي :
لقد لاحظت تناقضاً في مقالكم . إذ ذكرتم أنكم لا تدرون شيئاً عن طبيعة الاحتفال وماهيته وبرنامجه . ثم قلتم بعد اسطر من هذا ( يمكن أن يستغل الوقت الذي سيستغرق في تنظيم الحفل ، وإلقاء القصائد والمدائح وتبادل الدروع والمجسمات والمحنطات ، واستئجار سجاجيد الجلوس والتعاقد مع شركات الكراسي والاتفاق مع المطاعم على سوق المفاطيح ...)
وهذا التفصيل في برنامج الحفل يوحي بأنك قد استلمت نسخة من برنامج الحفل .
عزيزي تركي :
لا أجد وجهاً لإنكار إقامة حفله في أي منشأة من المنشآت سواء كانت هذه المنشاة حكومية أم أهلية . أكاديمة أم غيرها .
بل أن مثل هذه الاحتفالات مطلوبة لتجديد النشاط ، ولتوثيق العلاقات ، ولدفع الملل والسئامة . وهذا تقليد تعمله كل المنشئات في الدنيا كلها . ولا يعني ذلك تقصيرا في أداء العمل أو الواجب أو استقطاع الوقت لغير صالح العمل . ولقد شاهدنا ذلك كثيراً في دول عدة . حتى أننا في بعض الأحيان نصل إلى درجة الملل من كثرة تلك الاحتفالات . والقائمون على تلك الاحتفالات يعتبرونها من ضرورات العمل والإنتاج .
فلست ادري ما وجه إنكارك على الرئاسة في إقامة هذا الاحتفال .وهل الوقت المخصص له هو الكفيل بحل كل المشكلات القائمة . وإن إقامته ستعطل عمل الرئاسة . نحن في جامعاتنا السعودية . نقيم حفلات عدة حفل تخرج . حفل استقبال الطلاب الجدد . حفل تكريم المتفوقين . حفل التعارف . حفل توديع . حفل استقبال . .. الخ .
ولم تعطل العملية التعليمية . ولاالبحث العلمي ولاالإنتاج . والشركات الكبرى والمصانع تقيم هي الأخرى حفلات متتابعة بمناسبات عدة .
فلماذا خصصت هذه الرئاسة بالإنكار في حين أن ذلك عرفاً محلياً وعالمياً .
وبدلا من اتهام الرئاسة بالتباطؤ في عملها . وددت لو أن هذا الاهتمام وجه إلى الهيئات والمؤسسات التي تتسبب في إفساد البيئة وتلويثها . بدلاً من تحميل الرئاسة تبعة معالجة أخطاء الآخرين .
دعني أذكر لك وللقارئ الكريم حالة واحدة أعرفها قامت بها الرئاسة .
لقد أعطت إحدى الوزارات الحكومية شركة وطنية امتيازا للتعدين . في منطقة آهلة بالسكان . والمنازل والمزارع والمساجد والمقابر والمدارس . وخطوط الكهرباء . والإسفلت . وضم الامتياز غابات كثيفة جدا من أشجار الزيتون والعرعر والأشجار الأخرى دائمة الخضرة . وضم الامتياز أصنافا شتى من أنواع الحياة الفطرية . والمنطقة كلها مغطاة بغطاء نباتي كامل .
والتعدين في هذه المنطقة يعني بالضرورة تهجير سكانها والقضاء على الغطاء النباتي والغابات . والحياة الفطرية وتدمير البيئة والتربة . فضلاً عما قرره العلماء من ان التعدين في تلك المنطقة سيتسبب في حصول زلزال . وانبعاث غازات سامة . لقد وقفت الرئاسة موقفا صامدا لمنع التعدين هناك وإلغاء الامتياز بمتابعة مباشرة من سمو الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز .
ومواصلة مستمرة من سعادة نائب الرئيس الذي وصفته بالثقيل والارستقراطي . واستمر الجدل والمتابعة قرابة تسع سنوات لم تتخل فيها الرئاسة لحظه واحدة . وهي تدافع عن إنسان هذه الأرض وحقه في العيش في أرضه بطمأنينة.وسلام . وألا يجتث من أرضه وموطنه .
لمصلحة خاصة للشركة . ثم دافعت الرئاسة عن الأرض وحمتها من العبث . والخراب .
فالرئاسة يا أخ تركي . قد دافعت عن الإنسان قبل أن تدافع عن الأرض ثم أتبعت ذلك دفاعها عن الأرض . لتبقى مستمرة في عطائها لأهلها . وللزائرين لها . وادعوك لزيارة تلك المنطقة لترى بأم عينك حجم العمل الذي قامت به الرئاسة لحماية الإنسان والأرض .
ولتعلم انه قد جانبك الصواب حينما ظنت عليها بلحظه سعادة مع منسوبيها ، في احتفال يضفي البهجة والسرور . واتهمتها بالتباطؤ في عملها ووصفت نائب رئيسها بما وصفت .
أذكركم بقوله تعالى (( وينزل الغيث ))
وبقوله صلى الله عليه وسلم " ما بال أقوام يفعلون كذا "
وأخيراً : ما هكذا تورد الإبل يا تركي .