×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

كيف نستثمر طاقات الشباب العربي؟

ابو فراج
بواسطة : ابو فراج

كيف نستثمر طاقات الشباب العربي؟

تمهيد :
الشباب هم اللذين يحتلون جانب القوة في الأمة, وهم عتادها وذخيرتها وزادها وزنادها, فهم وجهها المشرق, ومفجروا طاقاتها, ومحور تطورها, بسواعدهم تتحقق رفعة الأوطان ويسمو شأنها, تتجسد الإرادة المبدعة المنتجة في لمعان عيونهم, وقوة عضلاتهم, وسلامة عقولهم, ويقضه ضمائرهم, ويقين قلوبهم.. إنهم العُمَد التي يبنى عليها مجد الوطن, بل هم حجر الزاوية في بناء نهضة كل امة وتقدم كل مجتمع. ويزداد دور شبابنا أهمية حينما نتذكر أنهم يشكلون الغالبية العظمى للسكان في وطننا العربي.
الشباب العربي اليوم :لاشك أن الشباب العربي يعيش اليوم مجموعة من المشاكل المختلفة, ومن أهم تلك المشاكل مشكلة أوقات الفراغ الضائعة, وهل هناك أثمن من الوقت الذي هو مادة الحياة, خاصة في عصر سريع التطور, مطلوب فيه أن نسد الهوة التي تتعاظم بيننا وبين البلاد المتقدمة تقنيا؟
أن الشباب العربي ما عدا فئة قليلة متنورة لا يحاول أو لا يعرف كيف يستفيد من أوقات فراغه, لأنه تعود ألا يحسب للزمن حسابا ولا يقدر له قيمة, وهو يقف موقف الحائر من التطور الحضاري السريع من حوله, وموقف الوابل من البطالة التي تنتظره..
فأغلب الشباب يقضون أوقات فراغهم إما في مقهى يقتلون به وقتهم, أو مشاهدة فلم رخيص, أو قنوات فاسدة ويا كثرها هذه الأيام أو على المشين من وسائل التقنية التي تعرض على الإنترنت, واستخدامه فيما يضر ولا ينفع رغم فوائده المتعددة, أو في تبادل الأحاديث التافهة, أو التسكع في الشوارع والأحياء والأسواق, أو في متابعة القصص الغرامية والبوليسية والكتب والصحف غير الجادة التي ليست مطالعتها بأحسن نتيجة من الفراغ نفسه.. وترى كثيرا منهم قد انغمس في ممارسة عادات سيئة كالتدخين وشرب المسكرات, وتعاطي المخدرات وممارسة أنماط الشذوذ, وتقليعات لا تليق بمجتمعاتنا العربية الأصيلة والعادات والتقاليد الابَّيه, فهم يستغرقون في اللهو والراحة والهروب من الواقع, مع انه لا شيء يفسد على المرء ويفني جسده كالفراغ والانغماس في الملذات.. مما يبدد طاقاته ونشاطاته, ويفوت عليه فرصاً من حياته ويضطره إلى أن يدفع الثمن غاليا من كهولته وشيخوخته, ويجعله عبئا على مجتمعه بدل أن يكون عمادا له.
مسؤولية من؟
أن الشباب في الحقيقة يكتسبون قيمتهم الاجتماعية الموجهة لسلوكهم منذ طفولتهم من خلال الأسرة أولا ثم المدرسة, ثم المعاهد العليا, والكليات والجامعات.. وكذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة تلفزيون, إذاعة, صحف, مجلات, ومن خلال النماذج السلوكية التي يقدمها لهم كل المحيطين بهم في كافة المجالات.. وبشكل مختصر فإن (البيئة) التي تحيط بالشباب وينشأ فيها, توجه سلوكه وأفعاله, وتطبع أفكاره ومعتقداته بطابعها الخاص سواء أكان هذا الطابع سليماً أو مريضاً.
ومن هنا فإننا يجب أن ننطلق في تحسين أوضاع الشباب من البيئة نفسها, فنعالجها ونطورها من خلال تطوير مؤسستها ووسائلها التربوية والتعليمية والتثقيفية, وبعد أن نوفر البيئة الصالحة يمكننا أن نوجه الشباب لما فيه خير لهم وخير لوطنهم وأمتهم.
كيف نعالج البيئة ونطورها :لابد من تنمية وتشجيع الهوايات عند الشباب منذ الطفولة, وتربيتهم على تقدير الزمن ومحاولة الاستفادة من كل دقيقة تمر, وتعريفهم بدورهم المصيري في المجتمع وبث الثقة في نفوسهم, ولا يتم هذا إلا بتعاون البيت مع المدرسة حتى لا يهدم احدهما ما بناه الآخر.
كذلك لابد من إقامة معسكرات للشباب ورحلات منتظمة, وتشجيع النوادي الرياضية والثقافية والفنية, ومحاربة التعصب وبث الألفة وتنظيم إذاعات خاصة بالشباب تعالج مسائلهم وترسم أمامهم مثلا حيا من تاريخ الأبطال والعظماء. وقنوات فضائية شبابية مدروسة تعمل على تعريفهم بالتراث الحضاري الخالد للأمة العربية والإسلامية وكذلك نساعدهم في تنمية مواهبهم وأفكارهم وإبرازها والعناية بها وتقديم العون والمساعدة لمن يقدم عملاً مميزاً أو نشاطاً مميزاً. كما يستحسن مراقبة جميع وسائل التقنية الحديثة من أشرطة سينمائية أو ممغنطة أو سيديهات أو مطبوعات غير سليمة وكذلك وسائل الإعلام غير السليمة والضارة مراقبة موجهة نحو إعداد المواطن العربي الصالح من حيث توفير الأفلام والبرامج الثقافية والكتب الهادفة التي تنمي مدارك الشباب وتعالج مشاكلهم وواقعهم, ويحبذ الابتعاد عن نشر الأفلام الرخيصة والمجلات التافهة التي تسمم أفكار الشباب وتحلق بهم في عالم خيالي أو أجنبي بعيد عن واقعهم ومجتمعهم.
التربية والتعليم :
إن التربية العربية الحالية مازالت تتجاهل الكثير من علوم الثلث الأخير من القرن العشرين وبداية الواحد والعشرين كعلم الكمبيوتر وعلم البيئة وعلم الفضاء وعلم البحار وعلم السكان وأن نجاحها في صقل أخلاق الشباب وتطوير مفاهيمهم الاجتماعية والوطنية والإنسانية وتمكينهم من التعامل مع عالم معقد سريع التغير مازال محدوداً, كما أن حصيلة التعليم لا تزال عاجزة عن مساعدة الفرد في التعرف على مواهبه, وتنمية شخصيته من الوجهتين النفسية والاجتماعية.
إننا في الحقيقة بحاجة إلى ثورة تربوية تهدف إلى تعليم من أعلى مستوى.. تعليم يوفر للشباب فرص التفكير بحرية والانتقاد والنقاش كبديل عن التعليم القائم على التلقين والتبعية في التفكير.
التعليم يمكّن الشباب من إظهار قدراتهم على التحليل والخلق والإبداع.. نعم الإبداع.. وهل هناك شيء سوى الإبداع يمكن أن ينهض بالأمة من الحضيض إلى قمة المجد ؟!!.
إن لنا في تاريخ حضارتنا العربية الإسلامية وإبداع علمائنا العرب العظام أسوة حسنة. وإذا كانت حاجاتنا الماسة في بناء مجتمعاتنا الجديدة أولا إلى الشباب وإلى المتفوقين المبدعين منهم بوجه خاص, فجدير بنا أن نبحث عن هؤلاء, وأن نذلل ما يعترضهم من عقبات, وأن نوجههم حسب ميولهم وقدراتهم واستعداداتهم, ومن حقهم علينا أن نهيئ لهم فرص الإبداع والابتكار والعمل المنتج وأن نؤمن لهم المناخ الاجتماعي الصالح والوضع النفسي المريح من أجل تحقيق ذواتهم واستغلال قدراتهم ومواهبهم. لابد أن نجري المسابقات ونقيم المباريات, وأن ننمي دوافع الشباب للعمل والإنتاج عن طريق المكافآت التشجيعية المادية والمعنوية وبشكل دائم ومستمر.
كما يجب أن نطور المدارس والجمعيات ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية لتأخذ على عاتقها إتباع أفضل الأساليب التثقيفية التي توصَّل إليها العلم الحديث من أجل توسيع مدارك الشباب وخبراتهم وتطوير أساليب استثمار طاقاتهم بأفضل شكل ممكن, وتطبيق إلزامية التعليم حتى نهاية المرحلة الثانوية.
ولا بد أن نربط بين هذه المؤسسات التعليمية وبين المجتمع ومشكلاته وهمومه ومتطلباته: المصالح العامة التي ينبغي توفرها, والحياة المقبلة التي يسعى تحقيقها, والمفاسد التي يرجو الخلاص منها, حتى يتصل التعليم بالأهداف الاجتماعية المطلوبة منه.
ولا ننسى ضرورة توفير فرص الاحتكاك والتعاون الثقافي وتبادل الخبرات مع الدول المتقدمة والمتطورة من أجل الاستفادة وإتاحة الفرصة للنمو والتطور أمام الشباب, من أجل تحقيق السلام العادل بين الشعوب.
أن هدفنا في مجال التربية هو خلق جيل من الشباب متحرر من كل الأمراض والرواسب الاجتماعية البالية مع المحافظة على الأصالة, نتسلح بالفكر العلمي الحديث والنظرة الموضوعية, فخور بتاريخه وتراثه, واثق من نفسه وقدراته وإمكاناته, مؤمن بقضايا أمته, مناضل لتحقيق أهدافه.
إرشادات للشباب:
على كل شاب عربي مسؤولية تطوير وتنمية شخصيته بنفسه من جميع جوانبها الروحية والخلقية والجسمية والاجتماعية.
وعلى كل شاب حفظ صحة جسده, وتثقيف عقله, وتقوية إرادته, وتنمية قدرته على بذل الجهد وتحقيق شعوره بالمسؤولية, وتنمية روح النظام والثبات في العمل والإخلاص للوطن والاعتزاز به وتراثه, والاتصاف بالصبر والثبات والإيمان والتفاؤل.
ينبغي أن يُعوّد شبابنا أنفسهم على التفكير الموضوعي والتسامح الفكري وضبط النفس والبعد عن التقليد والتعصب, والاعتراف بالخطأ وتقبل الحقيقة وأن كانت مخالفة لمصالحهم, والتمسك بالتعاليم الدينية والتحلي بالأخلاق الفاضلة من عفة وشجاعة وعدالة وحكمة وصدق ونظام وإقدام وأمانه وإخلاص ووفاء ومروءة.. يقول أحمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

في الصحة :
لاشك أن الصحة الجيده هي سبيل الانتاج المثمر والحياة البناءة \\\" والعقل السليم في الجسم السليم \\\". فعلى الشاب أن يتمرس في الثقافة البدنية ليحفظ جسمه من المرض والوهن.. عليه أ يتبع نظاماً غذائياً متنوعاً يراعي فيه تأمين حاجات الجسم من العناصر الغذائية الاساسية ( وعلى المجتمع أن يؤمن له ذلك ), ويتحاشى فيه الإفراط في المآكل والمشارب..
عليه أن يقوم بالتمارين الرياضية المنتظمة وينبذ الكسل والخمول, وعليه أن يرجع إلى الطبيب كلما دعته الحاجة ( وهذا أيضاً جزء من مسؤولية الدولة والمجتمع ).
قيمة العمل :
أن العمل هو خبز الحياة, بواسطته يحقق الإنسان ذاته ويساهم في بناء مجتمعه ووطنه, ولابد أن يوجّه الشباب في سن باكرة وجهة العمل الذي يتناسب وقدراته وميوله حتى يسعد ويساهم في سعادة أمّته, لا أن تقرر مصيره عوامل عشوائيه مثل مجموع العلامات والضغوط العائلية.
يجب أن لا يعيش الشاب دون هدف يسعى إليه ويعمل من أجله ويسخر له كل طاقاته, هذا الهدف يجب أن نبحث عنه في امكاناته ومميزاته الخاصة, ومتى تعرّف الشاب على مهنته المفضلة عليه أن يتقنها ويعتز بها.. وفي أوقات فراغنا يجب أن ننتج كما ننتج في أوقات عملنا.. لا تقل أيها الشاب انه ليس هناك شيء تفعله.. اذهب وتطوع في أحدى فرق الدفاع المدني, أو أحد اللجان المسؤوله عن التنقيب عن الثروات في البلد وموارده الطبيعية, شارك في معسكرات الكشافه, انخرط في احدى دورات محو الأمية.. إزرع الأشجار.. صمم فكرة بناء ونفذها.. قم بنشاط تفخر به وتعلم أن مردوده حسن عليك وعلى غيرك.
فلسفة الحياة :
على كل شاب أن يتخذ لنفسه فلسفة حياة خاصة به تعينه في مسيرته حياته, وما أروع هذه الصيغه التي وجدتها في أحد الكتب:
\\\" أنا أتوقع أن أعيش في هذا العالم مرّة ليس غير.. وإذاً.. فأيما خير استطيع أن أقوم به, وأيما معروف استطيع أن ؤأديه للإنسانية فلأخططه الأن.. علي أن لا أخضع إلى التأجيل أو الاهمال لأنني لن أمر بعد في هذا الطريق.. طريق الحياة.. مرّة ثانيه \\\".
أيها الشباب عليكم بالجد والعمل.. إعملوا.. إعملوا فهناك الكثير مما يمكن أن تعملوه في سبيل خدمة وطنكم وأمتكم..
رسالة إلى المجتمع:
ساعدوا الشباب في التغلب على مشاكلهم قفوا معهم بالنصح والإرشاد دون إهانة أومذلّة دلوهم لدروب الخير, إصبروا عليهم , لا تكثروا من الإنتقادات.. ادعوا لهم بالصلاح صباح ومساء فهم عماد الأمة بعد الله ومستقبل أوطاننا بأيديهم أرجو ذلك \\\" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون \\\"


عقيد م/ محمد فراج الشهري
Alfrrajmf@hotmail.com
بواسطة : ابو فراج
 0  0  3474