هل انتفت دواعي الحد من القبول في التعليم العالي؟
هل انتفت دواعي الحد من القبول في التعليم العالي؟
عوض آل سرور الأسمري
تطرقنا في مقالنا السابق - هل اختزلنا التعليم العام في امتحانات التحصيلي والقدرات؟ - إلى المنهجية المتبعة في قبول الطالب في مراحل التعليم العالي المختلفة، وكيف أن محصلة التعليم العام أصبحت لا تمثل إلا نسبة قليلة من معدل القبول العام، أو ما يعرف بالنسبة المكافئة أو الموزونة، رغم ما تبذله الأسرة والمدرسة والوزارة من عناء وتكاليف باهظة. كان يجب أن تُعطى نسب المرحلة الثانوية وزناً أكبر أو نسبة أعلى مما هي عليه حالياً.
تدني المستوى التحصيلي لدى طلبة التعليم العام، ورغبة معظم خريجيه في الالتحاق بالجامعات بغض النظر عن الشهادة أو التخصص أو المستقبل، المهم شهادة جامعية، وقلة عدد الجامعات - في حينه -، وكثرة أعداد الخريجين، كانت من الأسباب الأساسية في تقرير وفرض امتحانات قبول تقيس قدرات الطالب. وذلك لأنه وجد أن المعدلات العالية التي يحصل عليها الطالب في المرحلة الثانوية لا تعكس مستواه الحقيقي، ولا تقيس قدراته الذهنية.
الآن تغيرت الأحوال وأصبح لدينا عدد كبير من الجامعات، وفتحت فرص الابتعاث الخارجي. لذا فإنه يجب التركيز على مخرجات التعليم العام وبما يناسب المرحلة الحالية. لدينا جامعات وكليات في معظم أرجاء الوطن. ولا بد من أن تقبل عدد كبير من خريجي التعليم العام الثانوي - بغض النظر عن النسبة، فقد يُقبل الطالب في بعض الكليات البعيدة عن المدن الكبيرة بنسبة مكافئة أو موزونة أقل من 75 في المائة.
إذاً انتفت دواعي قبول المتميزين فقط، والحد من قبول الطلبة في التعليم العالي إلى حداً ما.
الجامعات الكبيرة والمتميزة لها أن تبحث عن الطالب المتميز، ولها أن تضع شروطها كما تشاء. ولكن هناك جامعات أو كليات قد تضطر إلى قبول طلبة رغم أن نسبهم متدنية. وهذا أمر طبيعي. المشكلة تكمن في أنه قد نضطر إلى مواكبة مستوى الطالب، بدلاً من أن يواكب المستوى المطلوب والفعلي للتعليم العالي.
الحقيقة كانت هناك ردود كثيرة على مقالنا السابق وجميعها تتفق على أن هناك مشكلة ويجب حلها بأقل تكلفة على الطالب والأسرة والوطن. هذا الشاب هو لبنة المستقبل وساعدنا القوي في البناء وهو مشارك وخليفة ويمكن تشكيله لكي يكون لبنة صالحة وقوية. اتفق الجميع على أن مخرجات التعليم العام لا تواكب متطلبات التعليم العالي، كذلك النسبة العامة للتعليم العام خصوصاً المرحلة الثانوية-، يجب أن تُعطى نصيباً أعلى ممّا هي عليه حالياً، لكي يحرص الطالب على النهل من معين المعرفة بطريقة صحيحة تسمح بتركيز المعلومات والتفكير والبحث والتأصيل. ويتفقون على أن امتحانات القياس والتحصيلي ضرورة لا بد منها، ولكن مع شيء من التعديل البسيط وبما يناسب الواقع.
التعليم العالي حاول ردم الفجوة فيما بينه وبين التعليم العام عن طريق السنة التحضيرية. ولكن السنة التحضيرية ليست العصى السحرية لحل مشكلات التعليم العام، بل قد تكون مشكلة جديدة في التعليم العالي إن لم نحسن تصميم خططها الدراسية وبما يخدم التخصصات المختلفة. يجب أن يكون هناك عدد من السنوات التحضيرية المختلفة. سنة تحضيرية للعلوم والهندسة، وسنة تحضيرية للعلوم الطبية، وأخرى للشريعة والعلوم الإنسانية. ويكون الهدف الأساسي منها تعليم اللغة، ومهارات الاتصال والتفكير، وأساسيات العلوم، وبعض المصطلحات الضرورية. وبهذا نكون قد تكاتفنا ونجحنا في إخراج مواطن صالح ولبنة بناء قوية ومضادة للصدمات.