×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

حفلة الحذاء .. ووهم الانتصار العربي

حفلة الحذاء .. ووهم الانتصار العربي

بعد أيام من حادثة الحذاء التي استهدفت الرئيس الأمريكي جورج بوش في بغداد أثناء المؤتمر الصحفي الذي سقطت مفرداته السياسية أمام \"فردتي\" حذاء الصحفي منتظر الزيدي والذي تحول بين عشية وضحاها إلى بطل قومي في نظر العراقيين ومعهم الكثير في الشارع العربي ووسائله الإعلامية.
بعد هذا المشهد برز تباين فاضح لمفهوم المقاومة العربية.. وثقافة المقاومة العربية.. والفوارق بين وسائل المقاومة العربية.. والمشروع منها والمرفوض.
منتظر الزيدي بطل في نظر هؤلاء .. لأنه قاوم بالحذاء.. أما الذين قذفوا بأنفسهم أمام الدبابات الأمريكية ورفاقهم ممن حملوا السلاح في وجه الجنود الأمريكيين في العراق فهم إرهابيون وصداميون وغوغائيون!!
وهنا يعكس لنا المشهد العام حجم هذا التباين العجيب في التفكير العربي ما بين التفاعل مع سلاح الكلام وسلاح النار.. وسلاح الحذاء.. ليكون الأخير هو الأكثر شعبية وقبولاً.. والأكثر انتصارًا حيث وصفه بعض المثقفين في العراق وفي بعض الأقطار العربية بأنه قد أعاد للعراق ـ الأرض والإنسان ـ كرامة كانت مفقودة بفعل الاحتلال، في إيغال مؤسف لتسطيح الفكر العربي، وإضفاء الظاهرة \"الحذائية\" على الظاهرة \"الصوتية\" في نضالنا الثقافي .. وهذا يعني أننا ننساق خلف المشاهد غير المألوفة.. وهذا يعني أيضاً أننا عاطفيون غارقون في أوهام الانتصار من خلال مشهد لا يعيد بأية حال من الأحوال جزءًا بسيطًا من الحقوق المسلوبة.. بما في ذلك الإهانات والهزائم التي تعرضت لها الأمة العربية على مدى التاريخ.
لقد صفقنا على امتداد الوطن العربي لأطفال الحجارة في فلسطين.. ولكننا لم نستطع الوقوف امام الطائرات والدبابات الإسرائيلية في ردة فعل قاسية اجتاحت الأطفال وحجارة منازلهم معًا. ومع ذلك استمر التأييد لأبطال الحجارة حتى آخر طفل فلسطيني !! في حين عجز العرب عن المقاومة الحقيقية، سواء على الأرض أو على طاولة المفاوضات!!
وإذا كان الرئيس الأمريكي قد تعرض إلى إهانة في ثوانٍ محدودة فإنه قد نجح في فرض الاحتلال واختطاف العراق بكامله ليس لسبع سنوات مضت.. ولكن على مدى تاريخ قادم وطويل وربما إلى الأبد . وذلك من خلال اتفاقية تكرس مبدأ استمرار الاحتلال!! وهو الإنجاز الذي حرص بوش على توقيعه في بغداد في آخر أيام حكمه. وغادر تاركًا خلفه الاحتفال بحذاء منتظر الزيدي ووهم الانتصار العربي!!


ناصر الشهري
مدير تحرير صحيفة البلاد السعودية
nsr2015@hotmail.com

 0  0  3235