طموح أهالي القرى كبير في الخدمات ذات الجودة العالية
طموح أهالي القرى كبير في الخدمات ذات الجودة العالية
أقبلت على أبها ثاني أيام عيد الأضحى المبارك من طريق المطار والوطن يزهو بالعيد السعيد، وبنجاح حج هذا العام، فلاح لي جمال أخاذ كأني لم أره من قبل، وأنا ابن المنطقة حيث نشأت ودرجت على ثراها الغالي، فقلت في نفسي أجل إنها أبها، لا يرى الناظر فيها إلا جمالاً، ولا يسمع السامع إلا جميلا، والشمس ترسل أشعتها تعانق الجبال والهضاب والسفوح، على مد البصر، ثم تطوف على المباني الجميلة التي ترفع هاماتها وتعلو على مرتفعاتها وفي منخفضاتها المكسوة بالحلل والنضارة، والمغطاة بالحسن والجمال والوقار، إنها بحق مدينة رائعة بسمتها وشموخها، وطيب هوائها، وروعة مناظرها حيث ترى المزن من بعيد يملأ شعاب الجبال، وترى خضرة الجبال من خلال فجوات المزن، تزيد روعة وجمالاً، وتشعر وأنت مقبل عليها بنفحات عبيرية ونشوة وابتهاج يأخذان بشغاف القلوب.
ودعت أبها البهية قاصدا مسقط الرأس مروراً ببللحمر وبللسمر ثم بتنومة الزهراء، والنماص العريق ببني شهر.
بعد أن تجولت في أنحائها سالكا الطريق الرئيس إلى الطائف الذي تتم توسعته وتحديثه وتأهيله ليصبح مزدوجاً عما قريب إن شاء الله، بيد أنه لا تخلو تحويلاته من مخاطر، وتمنيت لو وقع نظري على من رسا عليه تنفيذ المشروع لصرخت فيهم صرخة يتردد صداها في السودة وجبال السراة مطالبا بسرعة الإنجاز، والجودة، وإعطاء مستخدمي الطريق حاليا حقوقهم، ونشر اللوحات الإرشادية على جانبي الطريق، مذكراً لهم بمخافة الله، وأن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا.. فهنيئا وبشرى لمن هم من فزع يومئذ آمنون، وعند التسليم النهائي يكرم المرء أو..
ثم إنه قد لفت نظرنا في قرى وأرياف أهالي رجال الحجر وينطبق على غيرهم من أهالي المنطقة، خلو قراهم ومنازلهم ومزارعهم من الحركة والتواجد حيث هجرها بعضهم إلى حيث استقر بهم المقام في مدننا الكبرى مثل: الرياض، جدة، الدمام وغيرها، وأصبحوا لا يعودون إليها إلا في إجازة الصيف، وبعضهم زهد في العودة حتى في إجازة الصيف، ثم لمحت أرتالاً من العمالة الوافدة وهي تذرع الشوارع جيئة وذهاباً، وتتجول هنا وهناك بحثا عن عمل، وبالكاد ترى سعوديا في تلك القرى المأهولة بالأجانب وكأنهم موكلون بحياتنا، ومستقبلنا. خرجت من السيارة استشطت غاضباً أسفا، ودخلت سوقا محاذيا للشارع العام، فرأيت البائعين والمشترين من الأجانب.. فأحسست بهول المسألة، فإذا بمواطن كبير في السن، يمشي الهوينا فتحدثت إليه أين المواطنون في هذه الأنحاء التي قلما أن نشاهد أحدا منهم فيها؟ فقال: بنبرة الحزين الملتاع على فراق جيرانه وأبنائه \"تركونا ورحلوا إلى الدمام\".
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الأسباب الداعية إلى كل هذا النزوح الريفي؟ ومن تلك الأماكن الجميلة؟.. لقد كشفت بعض الدراسات أن المدن العربية الرئيسية تشكل جواذب شديدة لسكان الأرياف وأطراف البلاد، بحيث أصبحت تبتلع براءة الأرياف، وتفرغ سكانها، فبرزت على السطح في المدن الجاذبة مستجدات سلبية مثل: البطالة، الضغط على الخدمات، والتكدس السكاني، والأحياء العشوائية، وارتفاع الطلب على المساكن والمؤثرات البيئية، وأضرار متنوعة اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وزراعياً..
إن طموح الأهالي في القرى والأرياف كبير في البحث عن الخدمات الميسرة ذات الجودة العالية، وحياة الرفاهية في المدن مثل: توفر الماء، والعلاج، والتعليم العالي، والمياه المحلاة، وشبكة طرق حديثة، والصرف الصحي، وقائمة أخرى يطول شرحها مما قد لا يتوفر لهم في مواقعهم وتشكل قواسم وجواذب لا يمكن تجاهلها نحو المدن الكبرى.
وبنظرة فاحصة فإن مراكز ومحافظات كثيرة تعاني من الشيخوخة بتحول تلك المجمعات الريفية إلى مناطق مخصصة لبعض كبار السن، والعمالة الوافدة، والعجلة مستمرة ما لم يوقف هذا النزيف بتوفير الاحتياجات الخدمية الراقية، وإقامة مشاريع صناعية وزراعية تستقطب الأيدي الوطنية.
إن تنومة والنماص وما حولهما مثلا أصبحتا خاليتين تقريبا إلا من الأجانب وبعض المواطنين، وربما تقفل بعض المدارس أبوابها. لا سمح الله. لعدم توفر الطلبة وإن غدا لناظره قريب.
إن الدولة وفقها الله جادة في إيصال الخدمات إلى من تنقصهم الخدمات الرئيسية، وتفعيل القرار السامي إزاء التنمية المتوازنة والمستدامة. ولذلك فإن تطوير تلك الأنحاء من الوطن من حيث توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، واستغلال خامات البيئة في إقامة أنشطة اقتصادية وصناعية مناسبة، وتحسين العمل الزراعي بات مطلباً استراتيجياً في حل هذه الظاهرة، فالوضع يستدعي ودون إبطاء إعداد دراسة استراتيجية من قبل مجلس المنطقة الموقر لتسهم في الحلول الناجعة، والخروج بتوصيات عملية تعين صناع القرار والجهات الحكومية على سرعة احتوائها ومعالجتها، وفق منهجية علمية بعيدة عن الاجتهادات الشخصية. لاسيما وللأسف الشديد أن مراكز البحوث والدراسات في الجامعات والجهات الأخرى قد أهملت دراسة هذه الأزمة.
أما الإشكالية الأخرى ذات الصلة، فهي تلك الممارسات الخاطئة التي يتعين أن تتغير من خلال تطبيق عقوبات رادعة، وإيقاظ الوازع الديني في النفوس، وتكثيف التوعية بخطورتها على كافة المستويات وهي: الشكاوى الكيدية والحسد، والنعرات القبلية، والعنتريات التي يمقتها الإسلام، والإساءة إلى البيئة والسياحة، وإصرار البعض هداهم الله على شعار إبليس اللعين: أنا أفضل منه خلقتني من نار وخلقته من طين.. ومزاعم أخرى ليست إلا أوراماً خبيثة تعرقل تنفيذ المشاريع.. وتجلب التخلف، وتجعل أعداداً كبيرة من السكان يؤثرون السلامة بالانتقال إلى المدن المركزية حفاظا على سلامة الصدر، ونقاء سريرة أبنائهم حتى وإن كلفهم ذلك حنينهم إلى مسقط الرأس. ثمة من قد يلاحظ أن البعض أشغل نفسه والدوائر الرسمية بالدعاوى الباطلة والمعارضات التي تجد لدى بعض العناصر في تلك الدوائر من يساندها ويصفق لها، مما يقتضي تفعيل نظام الشكاوى الكيدية بكل حزم وعزم من قبل رؤساء المراكز ومحافظي المحافظات، ومن أمن العقاب أساء الأدب.
ودعت أبها البهية قاصدا مسقط الرأس مروراً ببللحمر وبللسمر ثم بتنومة الزهراء، والنماص العريق ببني شهر.
بعد أن تجولت في أنحائها سالكا الطريق الرئيس إلى الطائف الذي تتم توسعته وتحديثه وتأهيله ليصبح مزدوجاً عما قريب إن شاء الله، بيد أنه لا تخلو تحويلاته من مخاطر، وتمنيت لو وقع نظري على من رسا عليه تنفيذ المشروع لصرخت فيهم صرخة يتردد صداها في السودة وجبال السراة مطالبا بسرعة الإنجاز، والجودة، وإعطاء مستخدمي الطريق حاليا حقوقهم، ونشر اللوحات الإرشادية على جانبي الطريق، مذكراً لهم بمخافة الله، وأن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا.. فهنيئا وبشرى لمن هم من فزع يومئذ آمنون، وعند التسليم النهائي يكرم المرء أو..
ثم إنه قد لفت نظرنا في قرى وأرياف أهالي رجال الحجر وينطبق على غيرهم من أهالي المنطقة، خلو قراهم ومنازلهم ومزارعهم من الحركة والتواجد حيث هجرها بعضهم إلى حيث استقر بهم المقام في مدننا الكبرى مثل: الرياض، جدة، الدمام وغيرها، وأصبحوا لا يعودون إليها إلا في إجازة الصيف، وبعضهم زهد في العودة حتى في إجازة الصيف، ثم لمحت أرتالاً من العمالة الوافدة وهي تذرع الشوارع جيئة وذهاباً، وتتجول هنا وهناك بحثا عن عمل، وبالكاد ترى سعوديا في تلك القرى المأهولة بالأجانب وكأنهم موكلون بحياتنا، ومستقبلنا. خرجت من السيارة استشطت غاضباً أسفا، ودخلت سوقا محاذيا للشارع العام، فرأيت البائعين والمشترين من الأجانب.. فأحسست بهول المسألة، فإذا بمواطن كبير في السن، يمشي الهوينا فتحدثت إليه أين المواطنون في هذه الأنحاء التي قلما أن نشاهد أحدا منهم فيها؟ فقال: بنبرة الحزين الملتاع على فراق جيرانه وأبنائه \"تركونا ورحلوا إلى الدمام\".
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الأسباب الداعية إلى كل هذا النزوح الريفي؟ ومن تلك الأماكن الجميلة؟.. لقد كشفت بعض الدراسات أن المدن العربية الرئيسية تشكل جواذب شديدة لسكان الأرياف وأطراف البلاد، بحيث أصبحت تبتلع براءة الأرياف، وتفرغ سكانها، فبرزت على السطح في المدن الجاذبة مستجدات سلبية مثل: البطالة، الضغط على الخدمات، والتكدس السكاني، والأحياء العشوائية، وارتفاع الطلب على المساكن والمؤثرات البيئية، وأضرار متنوعة اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وزراعياً..
إن طموح الأهالي في القرى والأرياف كبير في البحث عن الخدمات الميسرة ذات الجودة العالية، وحياة الرفاهية في المدن مثل: توفر الماء، والعلاج، والتعليم العالي، والمياه المحلاة، وشبكة طرق حديثة، والصرف الصحي، وقائمة أخرى يطول شرحها مما قد لا يتوفر لهم في مواقعهم وتشكل قواسم وجواذب لا يمكن تجاهلها نحو المدن الكبرى.
وبنظرة فاحصة فإن مراكز ومحافظات كثيرة تعاني من الشيخوخة بتحول تلك المجمعات الريفية إلى مناطق مخصصة لبعض كبار السن، والعمالة الوافدة، والعجلة مستمرة ما لم يوقف هذا النزيف بتوفير الاحتياجات الخدمية الراقية، وإقامة مشاريع صناعية وزراعية تستقطب الأيدي الوطنية.
إن تنومة والنماص وما حولهما مثلا أصبحتا خاليتين تقريبا إلا من الأجانب وبعض المواطنين، وربما تقفل بعض المدارس أبوابها. لا سمح الله. لعدم توفر الطلبة وإن غدا لناظره قريب.
إن الدولة وفقها الله جادة في إيصال الخدمات إلى من تنقصهم الخدمات الرئيسية، وتفعيل القرار السامي إزاء التنمية المتوازنة والمستدامة. ولذلك فإن تطوير تلك الأنحاء من الوطن من حيث توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، واستغلال خامات البيئة في إقامة أنشطة اقتصادية وصناعية مناسبة، وتحسين العمل الزراعي بات مطلباً استراتيجياً في حل هذه الظاهرة، فالوضع يستدعي ودون إبطاء إعداد دراسة استراتيجية من قبل مجلس المنطقة الموقر لتسهم في الحلول الناجعة، والخروج بتوصيات عملية تعين صناع القرار والجهات الحكومية على سرعة احتوائها ومعالجتها، وفق منهجية علمية بعيدة عن الاجتهادات الشخصية. لاسيما وللأسف الشديد أن مراكز البحوث والدراسات في الجامعات والجهات الأخرى قد أهملت دراسة هذه الأزمة.
أما الإشكالية الأخرى ذات الصلة، فهي تلك الممارسات الخاطئة التي يتعين أن تتغير من خلال تطبيق عقوبات رادعة، وإيقاظ الوازع الديني في النفوس، وتكثيف التوعية بخطورتها على كافة المستويات وهي: الشكاوى الكيدية والحسد، والنعرات القبلية، والعنتريات التي يمقتها الإسلام، والإساءة إلى البيئة والسياحة، وإصرار البعض هداهم الله على شعار إبليس اللعين: أنا أفضل منه خلقتني من نار وخلقته من طين.. ومزاعم أخرى ليست إلا أوراماً خبيثة تعرقل تنفيذ المشاريع.. وتجلب التخلف، وتجعل أعداداً كبيرة من السكان يؤثرون السلامة بالانتقال إلى المدن المركزية حفاظا على سلامة الصدر، ونقاء سريرة أبنائهم حتى وإن كلفهم ذلك حنينهم إلى مسقط الرأس. ثمة من قد يلاحظ أن البعض أشغل نفسه والدوائر الرسمية بالدعاوى الباطلة والمعارضات التي تجد لدى بعض العناصر في تلك الدوائر من يساندها ويصفق لها، مما يقتضي تفعيل نظام الشكاوى الكيدية بكل حزم وعزم من قبل رؤساء المراكز ومحافظي المحافظات، ومن أمن العقاب أساء الأدب.
الدكتور علي فايز الجحني ــ أكاديمي في جامعة نايف للعلوم الأمنية