أيهما أخطر على حياة الإنسان التيار الثابت DC أم التيار المتردد AC؟
أيهما أخطر على حياة الإنسان التيار الثابت DC أم التيار المتردد AC؟
عوض آل سرور الأسمري
لا نستطيع الجواب المباشر ما لم نشرح خصائص كل تيار ونلم بدقائق الأمور بالتفصيل. فهناك من يعتقد أن التيار الثابت أخطر ويعطي مثالا على ذلك بوضع رأس الشخص في الماء لفترة طويلة، أما بالنسبة للتيار المتردد فقد وصفه بغمس الرأس في الماء بطريقة متقطعة، وهذا - على حد قول الباحث - يعطي فرصة للتنفس. طبعاً هذا كلام بعيد كل البعد عن الحقيقة. تخيل أنك تغمس برأس شخص 60 مرة في الثانية في الماء، كيف يستطيع أخذ فرصة للتنفس؟
كذلك هناك من يطرح اعتقادات وآراء تنافي النظريات والحقائق والقوانين الكهربائية، فمنهم من يعتقد أن الفولت أخطر من التيار، بدليل أن بطاريات السيارات 12 فولتا وتعطي 70 أمبيرا، وبطاريات اللحام تعطي تيارا عاليا جدا عند فولت منخفض.
والآن وبعد سرد الاعتقادات الخاطئة نبدأ بسرد الحقائق من دون الدخول في التفاصيل. الحقيقة الأولى أن الشمعة الكهربائية أو المصباح الكهربائي ينطفئ فيما بين 50 و60 مرة في الثانية، بينما لا تستطيع العين المجردة إدراك ذلك. الحقيقة الثانية هي أن التيار الثابت يتحرك باتجاه واحد ولا يمر بنقطة الصفر، بينما التيار المتردد يتحرك في اتجاهين - موجب وسالب - ويمر بنقطة الصفر. يقاس التيار والفولت المتردد بقيمة يطلق عليها (Root Mean Square (RMS)) ، فعندما نقول 220 فولتا، نعني القيمة الجذرية المتوسطة RMSوليست القيمة القصوى (Peak to Peak) قمة الموجة. إذا بالنسبة لبطارية السيارة عندما نمسكها بأيدينا فإننا لا نشعر بتيار والسبب مقاومة الجسد، إذ إنها تزيد على 5000 أوم، بينما لو قمنا بوصل القطبين مع بعضهما مباشرة، فإن التيار يصل إلى 70 أمبيرا نتيجة لقرب قيمة المقاومة من الصفر (short circuit). كذلك أحياناً نتعرض إلى لسعات كهربائية بسيطة نتيجة شحنات ثابتة (Static Charge) تصل قيمة هذه الشحنات إلى مئات الفولتات، ولكن قيمة التيار منخفضة جدا.
مما سبق يتضح أن التيار هو الأخطر، وحسب قانون أوم الذي يربط العلاقة بين التيار والفولت والمقاومة، حيث إن للجسم مقاومة كبيرة، ولكن عند تعرض الجسم لفرق جهد كبير فقد تتهتك بعض أجزائه وقد يتفحم حسب قيمة التيار ومقاومة الجسم. هناك دراسات حددت مقدار التيار الآمن الذي يستطيع أي شخص ناضج تحرير نفسه منه عند الترددات 50 و60 بقيمة تتراوح بين 10 و12 ميلي أمبير.
الدورة الدموية خلال الأوعية والشرايين والناتجة عن نبضات القلب تشكل شبكة شرايين متشعبة جدا ذات أقطار متفاوتة تراوح بين قطر بحجم قطر الشعرة إلى شرايين ذات قطر تصل إلى 2 سم، وهذه الشرايين لديها مقاومات مختلفة بحسب عرضها وسماكتها. دوران الدم في جسم الإنسان أساس الحياة، وهذا الدوران ينتج عن انقباض القلب وانبساطه. وقد أثبتت الفحوص المخبرية أنه عندما يتوقف الدم لفترة ثلاث إلى خمس دقائق، فقد يتسبب - في الغالب - في الوفاة. وهذا ما يسمى باختلاج عضلة القلب Ventricular fibrillation، نتيجة الانقباض غير المنتظم لأجزاء عضلات القلب والذي قد يصل إلى 300 - 500 انقباض في الدقيقة، وهذا قد يؤدي إلى توقف عمل القلب وبالتالي توقف الدم والوفاة. قد يمر التيار - عند حدوث صاعقة - من خلال القلب، وهذا بدوره قد يتسبب في حصول ظاهرة انقباض القلب وتوقفه.
سوف نعطي في المقال المقبل - إن شاء الله - مقالة مفصلة عن الفرق بين التيار الثابت والمتردد وأثرهما في الحياة.