×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

ذاكرة المنطقة وتاريخها على شفا الطمس والضياع



ذاكرة المنطقة وتاريخها على شفا الطمس والضياع

إن الأسماء التاريخية للمدن والقرى والقلاع والجبال والأودية والمزارع وما في حكمها في أي منطقة هي بمثابة العنوان التاريخي والجغرافي والحضاري والثقافي الأصيل الذي يمثل بعداً لهوية الإنسان وذاكرة المكان والزمان فجلها يحمل تاريخا موغلا في القدم وأحداثا وقصائد شعرية مرتبطة بها وبساكنيها وتحمل دلالات تلك الأسماء أبرز مفاتيح فهم مختلف تفاصيل الأحداث التاريخية والوقائع الاجتماعية في سياق تفاعلاتها المتعددة مع المجال والفضاء الذي كان مسرحاً لتلك الأحداث لذلك يخطئ من يحاول التنصل من تلك الأسماء ويعمل على طمسها وتحريفها وتشويهها واستبدالها ظناً بأنها ليست ذات معنى أو أنها تمثل رجعية قديمة ينبغي تحديثها بما يتوافق مع مستجدات العصرإن ما يميز الأسماء القديمة أنها ليست وليدة حقبة تاريخية قريبة بل أنها ظاهرة مستمدة من أعماق تاريخ المنطقة وساكنيها وقد بذل كثير من المؤرخين والرحالة والمؤلفون القدماء أمثال الأصفهاني والهمداني وغيرهم جهوداً مضنية في دراسة الأسماء وتحديد مواقعها وبيان الأحداث المرتبطة بها والمجموعات البشرية التي تسكنها وإن ما يحدث حاليا من تحول في تخطيط المدن وما ينبثق عنه من شق للطرق واستيطان أحياء جديدة وترك القرى القديمة لا يعطي المبرر ابداً في ترك الأمور تسير بشكل غير مدروس . ومن هنا يظهر أهمية إعداد الخطط الشاملة خاصة فيما يتعلق بخطة إدارة التنمية الحضرية حيث ينبغي عند إعداد المخططات الحفاظ على المسميات التاريخية القديمة كما هي . أما فيما يخص ما يستجد من الأحياء والطرق والميادين فيمكن تزويدها بأسماء محلية تناسب التاريخ والجغرافيا وهوية المكان مستوحاة من طبيعة المنطقة وتراثها ومن أسماء الصحابة والقادة ومن أبنائها المبدعين وأدبائها ومؤرخيها وما في حكم ذلك وبه تكون الأسماء متوافقة مع هوية المكان والإنسان بعيداً عن الأسماء المستهلكة في كل مدينة وضاحية أمثال ( حي الورود والزهور والروضة والنسيم والحمراء والصفراء وغيرها ويدرك كل ذي إطلاع كم عانى ويعاني المؤرخون للمعاجم الجغرافية من أجل الوصول إلى الأسماء الحقيقية للاماكن لذلك نجد أن كثيرا من الشعوب الواعية تحرص كل الحرص بالمحافظة على تاريخها ومخزونها التراثي والثقافي الذي يعكس أصالتها وأساس معاصرتها ليكون بمثابة الأمانة التي يحملونها للأجيال القادمة وعلى هذا الأساس فان الحفاظ على تلك المسميات أمر لا ينبغي التهاون فيه بل يعتبر أمانة كبيرة ومسؤولية يتحملها أبناء المنطقة بشكل عام والمسؤولين عنها بصفة خاصة ويضاف عليه تشجيع الباحثين على دراستها وتوثيقها حتى لا تغيب إلى غير رجعة وحتى تبقى للأجيال القادمة عوناً لها على فهم تاريخها وأصولها وهويتها الثقافية وذاكرتها الجماعية وربطها بتسلسل حلقات ماضيها والوقوف على دقائق وتفاصيل جغرافية المكان الذي قطنه وعمره الأجداد منذ آلاف السنين .


بقلم الأستاذ
علي بن عبد الله بن يوسف الشهري
 0  0  7789