×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

داء الوجاهة

ابو فراج
بواسطة : ابو فراج
داء الوجاهة

من افرازات موجة الطفرة السريعة , التي تلقيناها قبل اعوام ماضيه نماذج كثيرة من التصرفات , طمست خلالها اصول ثابته من الاعراف والتقاليد , واصبح على اثرها كثير من ذلك شيئاَ من المترحم عليه .
ولعل ابرز ما افرزته موجة الطفره , \"داء الوجاهة\" الذي اصبح منطلقاَ لما نقوله وما نفعله , بل تعدى ذلك ليشمل سائر امور حياتنا .. في مدارسنا ومنازلنا ومتاجرنا , حتى وصل الامر بنا الى ان ما نقرآه ونكتبه اصبح لـ\"الوجاهه\" فقط في غمرة ايام الطفره السالفة الذكر كنت ترا الزحام في معارض الكتب او في المكتبات التجاريه .. وكثيراَ ما كنت ترا جمعاَ من الناس يتأبطون الكتب ويخرجون بحمل \" ونيت\" وليس بحمل \"بعير\" .. لا لشيء الا لاكمال \"ديكور\" منازلهم وتحلية الارفف الموجوده بها , وتمضي بضعة اشهر بل بضع سنين والكتب لم تمس وكانها اصبحت لبنة من لبنات المباني .
في غمرة الطفرة وما بعدها اصبح التعليم للوجاهة .. ونسي الجميع في غمار هذه الموجه ان التعليم هدف ورسالة , ووسيلة لا غاية .. فاصبحت ترى من يسارعون في الحصول على الشهادات العليا هنا وهناك .. لا لشيء .. وانما ليقال : الاستاذ , والدكتور .. ودونما عائد يفيد منه امته ووطنه واصبحت القضية الاساسية الصراع على الالقاب .. واحياناَ شراء الشهادات والالقاب .
وفي ركب الطفره اصبحنا سوقاَ رائجة , بلغت فيها مبيعات الدول المنتجة ذروتها .. وتسابق اهل الشرق والغرب فأغرقونا بما لديهم .. واصبحنا نلهث على الاستقبال ونتسابق على الشراء لا لشيء .. الا للوجاهة !
فسيارة العام الماضي لم تعد صالحة لهاذا العام .. واثاث المنزل يحتاج هو الاخر الى تغيير .. وسائر الكماليات تحتاج الى تبديل !
وهدأت موجة الطفره .. وبقي داء الوجاهة يسري في اجسادنا .. ويتوغل في عروقنا يوماَ بعد يوم , واستفحل هذا الداء دون ان نسعى للدواء وهو امامنا , فهاهي مستشفياتنا تثبت تفوقها وريادتها العالمية في امور طبيه كبيرة وكثيرة .. ومع ذلك نرى من يتوجه للعلاج في الخارج , وهاهي مصائفنا في كامل اناقتها وجمالها ونجد من يشدون الرحال للخارج ليقال كان في اجازة خارجية . ولم يقتصر الامر على ذلك وليته اقتصر , بل تعدى ذلك الى ان ترى قلة من الشباب بدأوا في الابتعاد عن والديهم والانصراف عنهم لانهم لا \"يواجهون\" وان ملامح وجوههم القديمة لا تصلح لاصحابهم من ذوي الوجوه العصرية \"الملونة\" واشكالهم تختلف عن اشكال الاصدقاء والزملاء فلا بد من اخفائهم حتى لا يراهم احد .. انها مشكلة الوجاهة او قولو \"الفشخره\" نسأل المولى : ان تتلاشى من مجتمعاتنا هذه المظاهر ويحل محلها الجد والمثابرة والتواضع وعدم المكابرة والسمو في الخلق والعلم والادب وخدمة المجتمع والابتعاد عما يسيء الى شخصية الرجل المسلم الواعي بما يفعل ويقدم .. نتمنى ذلك ..


العقيد م / محمد بن فراج الشــهري
alfrrajmf@hotmail.com
بواسطة : ابو فراج
 0  1  2807