أعظم إنجازات البشرية ماذا صنعنا بها؟
أعظم إنجازات البشرية ماذا صنعنا بها؟
في نهاية عام ومفتتح عام جديد يجد المتأمل كيف حاصرتنا الانجازات العلمية والحضارية الكبرى من كل مكان. والعجيب ان كثيرين منا قد لا تثير هذه المنجزات الكبرى عجبه بسبب عادية وجودها في حياتنا وكون معظمنا عاش ونشأ واستمتع بها في مختلف مراحل حياته فلم تعد تلفت الانتباه الا في حال فقدها. وعلى سبيل المثال أنت لو حدّثت اليوم شابا عن عظمة جهاز الحاسوب هل سيدرك مغزى كلامك وهو يراه بين يديه وفي ركن المنزل منذ طفولته.
ومن عجائب المنجزات أن أعظم انجازات البشرية تاريخيا كانت في مجال الاتصال والمواصلات. ولو قلت لسامع اليوم أن اختراع الكتابة والمطبعة ووسائل الاتصال منجزات كبرى لربما طال بك الجدال معه. ولو رجعت بصاحبك الى الوراء قليلا وقلت له أن العجلة التي اخترعت قبل أكثر من خمسة آلاف سنة قفزت بالتواصل الإنساني وبالتالي الحضارة البشرية أشواطا بعيدة لتعجب واندهش ناسيا تفرد فكرة العجلة المستديرة التي أعلنت ميلاد وسائل النقل في تلك الأزمنة الغابرة حتى عصر السيارات والطائرات اليوم.
وفي المجال الطبي تضع الكتب العلمية اختراع \"المضادات الحيوية\" ضمن صف المخترعات الكبرى في التاريخ جنبا إلى جنب مع اختراع التلفون والمطبعة والحاسوب. ولكن يبدو ان اعظم الانجازات البشرية مكان لا يحتله سوى الحاسوب فقد احدثت ثورة الحاسوب ثورات اخرى في التعليم والتجارة والطب والنقل لم تكن لتحدث لولا تقدم الانجازات العلمية في مجال الحاسبات العملاقة والشخصية. بل لقد ادت هذه الثورات الى اعادة تعريف المجتمع الانساني واصبحنا نطلق على مجتمعات اليوم مجتمع المعرفة وعصر المعلومات كون صناعة الحاسوب وبرمجياته وخدماته باتت الركن الأساس في كل ذلك.
وما كان لحركة السفر والنقل والتفاعل الانساني الاتصالي عبر التلفونات وشبكات المعلومات والاتصال الفضائي ان تتشكل بهذه الصورة التاريخية الفريدة لولا وجود الحاسبات وخدماتها المذهلة. ومن جهة التجارة والاقتصاد نجد ان صناعة الحاسبات وخدمات المعلوماتية تعد اليوم الاقتصاد الأول في العالم ويكفي النظر الى قوائم الشركات والثروات الأكبر على مستوى العالم لتجد صناعة وصناع التقنية المتطورة تحتل النسبة الأكبر في كل القوائم. بل ان صناعة المعلوماتية باتت من حيث القوة السيادية للدول اهم من الجيوش وهذا ما جعل دولا مثل الهند والصين واسرائيل تقفز الى مراتب متقدمة في التأثير الدولي شئنا ام ابينا نتيجة التطور الكبير في صناعة المعلوماتية والتقنيات المتطورة.
هذه المنجزات الانسانية وجدت بين يدينا من قبل امم أخرى لتسهل حياتنا فهل احسنا استخدامها؟ وهل مظاهر الابتزاز والتشهير الالكتروني والعبث باسم الفكر ومظاهر توظيف الانترنت والهاتف المحمول في إيذاء الذات والآخرين تدل على تقدير بعضنا لأعظم الانجازات البشرية؟
مسارات
قال العقل للقلب ومضى: لا تحزن على من جعل الخطايا مطايا.
د. فايز بن عبدالله الشهري