×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الواصلون كيف وصلوا ؟

الواصلون كيف وصلوا ؟
قبل أن نشرع في الالتفات لما لدى الآخرين من مقومات حققت لهم كل ما يصبون إليه من نبوغ وتقدم ونجاح علينا أولاً أن نعي مقدار الإرادة لديهم في العمل ، ثم التبصر في كيفية توظيفهم للمقومات مع ما يختلجونه من إرادة ، أما الوقوف والتحسر على ما لدى الآخرين فإنه مدعاة للفشل ، وأي فشل .
في مشهد واقعي عملي حضرته شخصيا ، أحدنا كان يغبط شخصاً آخر لحصوله على وظيفة جيدة في شركة مؤقتة ، على الرغم أن مؤهلاتهما واحدة ، وقدراتهما متساوية ، بل إن الغابط لديه مهارات يفتقدها المغبوط كاستخدام معظم برامج الحاسوب فضلاً عما لديه من مقتنيات كامتلاك سيارة شخصية وسكن ملك ( مسكن والده أقصد )، وقد يبدو للحاضر الغير عارف بحال الاثنين أن الحظ لعب دوره مع الحاصل على الوظيفة ، أما أنا أفهم صاحبيّ وأعرف مسيرة كل منهما في طلب الوظيفة ، فأما الغابط فقد كان يسهر الليل بطوله على الإنترنت و الشات حتى مطلع الفجر ، ثم يغلبه الجهد والإعياء فيؤجل أمر البحث إلي اليوم الذي يليه ، ثم يعاود الكرة تلو الكرة ، وهو مابين العزم والتأجيل ، بينما المغبوط كان دأبه تجاهل مجلسنا حين يحين نومه غير آبه بما نحن فيه من أنس وسمر ، ومع كل إشراقة يوم جديد تراه في المدينة يسعى ، حتى وفق في ما سعى لأجله .
إذاً .. ليس للمقومات والإمكانات أي دور في غياب الإرادة ، فهي المحرك الرئيسي لعجلة التفوق والمرحلة الأولى لمراحل النجاح والتي علينا أن نبنيها حتى وإن تأخرنا في مسايرة نجاحات الآخرين . إذ ليس بالإمكان الوصول لقمة السُلم من دون المرور على أول درجة فيه .
وقد يسأل السائل حين يسأل عن المعيار الأسهل لقياس مقدار الإرادة الكامنة في الصدور ، نقول له بقدر عدد المرات التي نؤجل فيها القيام بما يجب علينا أن نقوم به حالاً يمكن لنا تحديد طاقات الإرادة فينا ، فإن كنا من المسوّفين على الدوام فاعلم أن خزائن وجداننا من زاد الإرادة مفرغ ولا يمكننا المضي قُدماً ولو لخطوة واحدة . واعلم أن ما يفرغ تلك الخزائن هي غياب الأهداف الصادقة في مخيلة كل أحد منا ، فالمرء من دون هدف كمن دخل في نفق لا يُعلم له مخرج ، واعلم أن المخارج قريبة منك وما عليك سوى التطلع للأمام بهمة ومواصلة رحلة البحث مهما كان النفق مظلماً صعباً أو مستحيلا ، فبارقة الأمل كالضوء المشع في آخر النفق ، وإيّاي وإيّاك أن تخاف وأنت في سرداب النفق ، فبقدر تخوفك يزداد البعد ويقل الأمل وينتهي الطموح.


بقلم الأستاذ
عبدالرحمن ظافر الشهري
 0  0  3008