تطوير دور الرقابة لمواجهة الفساد
تطوير دور الرقابة لمواجهة الفساد
ناصر الشهري
بعد ظهور الإخفاق في تنفيذ بعض المشاريع وخاصة البلدية منها فإنه يبدو إننا أمام الكثير من التعديلات التي يجب القيام بها لتفعيل الرقابة على المشاريع الحكومية وتحقيق الأهداف السامية التي تنشدها الدولة من اعتماد هذه المشاريع.
ومن أجل ذلك فإن الواقع يقول : إن طريقة اعتماد المشاريع و\"تعرفة\" التقبيل من الباطن بحاجة إلى نظام مالي مختلف في اشتراطاته وبنوده وطريقة عطاءاته ومستخلصاته وكذلك تنظيم عمل الجهة الحكومية التي تقوم باستلام المشروع عند الانتهاء بعد مراقبة سير التنفيذ طبقاً للمواصفات. ولها مرجعيتها المحايدة التي تكون على مستوى عال في الدولة.
ولعل مثل هذا التنظيم يمنع تداول العقود في \"السوق السوداء\" من قبل السماسرة والمنتفعين وصولاً إلى مقاولي الباطن!! وعلى الجانب الآخر لابد أن نعترف إن تجربة المجالس البلدية لم تكن ناجحة بالشكل الذي يمكن القول إنها مارست دورها في الرقابة على المشروعات حتى أن الذين دخلوا ببرامج انتخابية في هذه المجالس قد \"تبخرت\" أوراقهم بكل ما كانت تحمله من برامج وذلك بمجرد وصولهم إلى العضوية.
وهنا يمكن القول : إن ارتباط الأعضاء بأمين أو رئيس البلدية هو من المعوقات لدور هذه المجالس.
ومن ثم فإن عملية فصل المرجعية من الأمور التي سوف تعطي مساحة أوسع وقدرة أكبر على الممارسة الإشرافية الأهلية بعيداً عن رئاسة الأمانات والبلديات لهذه المجالس وان يتم الاكتفاء بمراجعة أمير المنطقة باستقلالية تامة في تقاريرها عن البلديات.
وفي الوقت نفسه يتم منح المجالس البلدية دوراً أكبر في متابعة مشاريع جميع الإدارات الحكومية الأخرى وفق استقلالية تامة أيضا.
وفي نظري انه لو تم تطوير الجانبين الأول: وهو النظام المالي والثاني دور المجالس البلدية فسيكون في ذلك نقلة نوعية لمستوى الأداء على مستوى مناطق المملكة.
ثم إن لدينا في المملكة ما يعرف بديوان المراقبة العامة.. وتحت هذا العنوان نحتاج إلى دور لهذا المرفق يتجاوز مهمته في ممارسة مراقبة دوام الموظفين ومخالفاتهم العادية.. ولكننا نحتاج إلى تدخل هذه الجهة الحكومية في مفهوم المراقبة العامة. وتضع يدها هي الأخرى في مراقبة المشاريع ومحاربة الفساد. وهذا الحرب يجب أن يكون جماعياً ضد كل من يتلاعب أو يتهاون في أمانته ومسؤوليته.. وهي مهمة تدعم توجهات قائد هذه الأمة نحو بناء وطن بلا فساد ينطلق من أخلاقياته الإسلامية والانتماء الذي تحكمه القيم الإنسانية ومصالح المجتمع. والبعد الاستراتيجي لخدمة الأجيال القادمة . نعم نحن بحاجة إلى مراقبة فاعلة للتنفيذ قبل أن ننتظر حوادث تكشف المستور كما حصل في جدة.