×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

كارثة «جدة» حساب الإنترنت العسير

كارثة «جدة» حساب الإنترنت العسير

لو علم كل مسئول أوكلت إليه مصالح صغار الناس ما ينتظره على شبكة الانترنت لتردد كثيرا قبل قبول المنصب والسعي وراء كرسي \"المسؤولية\"، نعم فالانترنت \"إعلام بديل\" يبث الناس همومهم من خلاله للناس لتتقدم بذلك مفاهيم السلطة الرابعة إلى أقوى سلطة شعبية للمتابعة والرقابة عرفها تاريخ الاتصال وكل ذلك يتم بكل بساطة من خلال مدونة أو منتدى أو حتى عدسة كاميرا هاتف محمول أو رواية شاهد عيان ليطير الخبر والمعلومة مشرقا ومغربا عبر \"اليوتويوب\" وخدمات البريد الالكتروني إلى كل أركان المعمورة، كان يسهل فيما مضى على أي مسئول هنا أو هناك أن يستصدر تعليمات باسم \"المصلحة العامة\" لمنع صحيفة من نشر خبر أو قصة وربما حتى قمع صحفي ومنعه من كتابة خبر أو مقالة لأن طبيعة الإعلام التقليدي تحتم عليه أن يتكيف ليعيش ضمن حسابات المؤسسات والمصالح.

أما في واقع الإعلام الجديد فالأمر مختلف ومعقد إلى حد كبير فعلى سبيل المثال نجد كيف تناثرت بصورة سريعة مواقع مناقشة وبث أخبار كوارث سيول جدة على صفحات الانترنت بشكل عام وعلى موقع \"فيس بوك\" بشكل خاص إذ تجاوز عدد أعضاء إحدى المجموعات التطوعية أكثر من 30 ألف عضو في غضون أيام، والعجيب هي مرونة وقدرة أعضاء هذه المجموعات على تشكيل فرق فرعية ما يبين وضوح رسالة منشئي هذه المواقع خاصة لجهة تقسيم المهام بين الأعضاء بحسب الأحوال الطارئة في أحياء جدة المتضررة فهناك قانونيون وإعلاميون وأطباء يتبادلون المعلومات ويتنادون للتطوع في المواضع المنكوبة.

ومن حيث التوثيق المصور للأحداث المأساوية باتت قنوات \"يوتيوب\" المصدر المتجدد للباحثين والمتصفحين إذ تجد الصور والمقاطع المؤلمة تتدفق كل ساعة لتبين حجم الكارثة وفداحة الخطايا التي ارتكبها من تولوا مهام خدمة الناس في سنوات خلت فضيعوا الأمانة في هذه المدينة المنكوبة.

وعلى ضفة أخرى كان ابتهاج وترحيب مجتمع الانترنت واضحا بعد صدور الأمر الملكي بتشكيل لجنة للتحقيق في كارثة جدة وتعويض المتضررين ولم يكتفوا بهذا بل بدت أصوات ومواقع تتداعى لمساعدة اللجنة في أداء عملها وترجمة أمر خادم الحرمين الشريفين إلى واقع من خلال كشف ملفات الفساد وأسماء من ساهموا في تحويل جدة الباسمة إلى مدينة الدمار والدموع والندم.

والعبرة هنا أن ما جرى ويجري في مدينة \"جدة\" الجريحة لن تمحوه الأيام في عصر الانترنت فستظل الصور والجثث والدموع شواهد على من تسبب فيها بإهمال أو تقصير أو فساد وستحفظ الانترنت وهي أرشيف الحضارة الإنسانية المعاصرة كل ما كتب ونشر وسيعلم الذين تسببوا أي منقلب ينقلبون كلما رأوا هذه المشاهد فهذا عصر الانترنت وحسابها لا تطويه الأيام.


مسارات
قال ومضى: (يا سائلي) العمر يمضي وقد نسيت من (أساء لي)


بقلم الدكتور/ فايز عبدالله الشهري

المقال منشور في جريدة الرياض 13/12/2009م
 0  0  2938