×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

لماذا لا نتحرك إلا بكارثة ؟

لماذا لا نتحرك إلا بكارثة ؟

يؤسفني أن أقول إننا أمة لا يحركها إلا قضية , ويؤسفني أكثر أننا نحتاج إلى عشرات الكوارث حتى نتحرك لأننا ــ والأمثلة كثيرة ــ لا نبحث عن المجرمين إلا إذا انتهوا من سرقات المحلات والمدارس والسيارات , ولا نتحرك لإصلاح المباني المدرسية إلا إذا احترقت أو سقطت على رؤوس أبنائنا , ولم نسأل عن النظافة والوقاية والتطعيمات إلا بعد أن اجتاحتنا إنفلونزا الخنازير, ولم نفعل شيئًا لإيقاف الفاسدين ومساءلتهم إلا بعد أن طمرت السيول مدينة بأكملها لم تجد أمامها إلا أودية آهلة بالسكان فلماذا كل هذا ؟
المشكلة ليست في المال فنحن من أغنى دول العالم ــ ولله الحمد ــ وليست في القيادة العليا فقد سخرت كل شيء في خدمة هذا البلد
المشكلة عندنا في الإدارة المتوسطة والدنيا من الوزير إلى المدير نعم نحن نعاني من أزمة إدارية طاحنة حين سادت إدارة المجاملات ومراعاة الخواطر ومشها يا شيخ لا تعقد الناس وتقطع رزقهم حين يخطئ الموظف الصغير فإذا أراد مديره المباشر معاقبته التف عليه بالواسطة فإذا بالمدير هو الذي اقترف الخطأ حين سادت إدارة الفساد والواسطة والرشوة وصلنا إلى هذا الحد... حين افتقدنا إلى أهم العمليات الإدارية التي وصلت بها الدول المتقدمة إلى القمة مثل التخطيط والتنسيق والتنظيم والرقابة وإدارة التغيير وثقافة الجودة كل هذه العمليات مقتولة في إداراتنا قتلتها الاجتهادت الشخصية وحب الزعامة والإفراط في العلاقات الشخصية والمدح على حساب مصلحة العمل والإنتاج
إذا بقي الوضع على ماهو عليه فلن نتحرك إلا حين تجبرنا الكوارث على الحركة وتكشف المستور الذي ربما خفي على البشر ولكنه لا يخفى على رب العالمين المشروعات المتعثرة منذ سنين دون أسباب جوهرية والتي استلمها أكثر من مقاول من أقرب الأمثلة إلى الذهن على غياب المحاسبة بعض هذه المشروعات استلمها 4 مقاولين ثم انسحبوا وتركوها بكل بساطة ولم نسمع أن أحدًا سألهم لماذا وهم الذين وقعوا عليها برغبتهم واختيارهم ...سمعنا أنهم تعثروا في التنفيذ أو انسحبوا ولكننا في المقابل لم نسمع أن أحداً منهم أحيل إلى القضاء أو شهربه أو دفع غرامة أو منع من دخول المناقصات بل إنه ربما استلم مشروعًا آخر لن يكون أوفر حظاً مما سبقه من مشروعات .
هل نحتاج إلى كارثة جوية حتى نستطيع استيعاب آلاف المسافرين المتكدسين في مطاراتنا في مواسم الإجازات؟ هل نحتاج إلى كارثة حتى نستوعب آلاف الشباب العاطلين عن العمل؟ هل نحتاج إلى كارثة أخرى حتى نقضي على فساد المقاولين ومشروعات الباطن؟ هل نحتاج إلى كارثة لحل كل قضية من قضايانا؟ الأسئلة كثيرة ولكنني أدعو الله ألا تحصل هذه الكوارث, وأن ننتبه من غفلتنا, وأن نراقب الله فيما استأمننا عليه ولي أمرنا , وأن تبدأ مؤسساتنا القيادية في وضع نظام إداري جديد يستوعب مشكلات الحاضر ويعمل على حلها مستفيداً مما وصلت إليه نظريات الإدارة الحديثة من أفكار , نظام متوازن يقوم على التحفيز والتشجيع بحيث لا يتساوى الجاد مع المهمل , وفي نفس الوقت لا يغرق في العواطف والمثاليات , نظام لايفلت فيه الفاسدون والمتهاونون من المحاسبة


بقلم الأستاذ/ عبدالله بن مرعي الشهري
 0  0  7734