×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

العاقل من اتعظ بغيره !

علي بن هشبول
بواسطة : علي بن هشبول
العاقل من اتعظ بغيره !




أيها التنوميون تحية طيبة:
المطر نعمة من نعم الله، وقد يكون نقمة في بعض الأحوال، وقد يكون عذاباً في أحوالٍ أخرى يصيب به من يشاء، كفانا الله جميعاً شر ذلك .
ومن السنن الكونية أن المطر إذا انهمر على الأرض بحث عن طريق ليجري فيه، ولا بد أن يفتح طريقه غير آبه بما ومن أمامه، فهو جماد لا يرحم .

أيها الأحبة:
مدينتنا العزيزة تنومة تشتكي ندرة المطر الغزير المتواصل منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، يوم أن كانت أنهاراً تحوي الأسماك وغدراناً يرتادها السباحون، وسيولاً وشلالات لا تهدأ، وجداول رقراقة تثير شجون العاشقين، وتلهب جذوة الشعر في قعر وجدان الشعراء .
وبعد ذلك ومع الزخم الحضاري والنمو السكاني والعمراني في المدينة وانحسار الاهتمام بالزراعة والرعي وسطوة الهجرة إلى المدن الكُبرى، وتقدم سن المزارعين، وتدفق الأرزاق في الأسواق وظهور جيل جديد لا يعرف معالم الأرض، فقد نسي القومُ الأودية، وغاب عن الكثير اتجاه السيول ومنحدرات المياه.
وفي ظل البحث عن أراضي للبناء فلم يدرك البعض خطورة الأمر فأُنشئت الأبنية في بطون الأودية، وامتطت بعض الشوارع أكباد الشعاب . ويحضرني بعض الأماكن القابعة في أوساط الأودية، وعلى الضفاف الملاصقة لها. فمنها ما هو في قلب حاضرة المدينة !ومنها ما تنحى قليلاً . انظروا البيت الواقع غرب مبنى الجمعية الخيرية في السبت ،والبيوت المجاورة لمجرى الماء، والبيوت الملاصقة لوادي الملحاء ، ووادي العشر امتداداً إلى العوصاء ، ولا أستبعد وادي مليح وما شابه ذلك في تنومة كلها ، وحتى ما يُعتقد أنه بعيد عن السيل فهو في الحقيقة قريب جداً من متناول سيول أمطار عاصرها ويعرفها من هو في سني .

أيها العقلاء:
إن العاقل من اتعظ بغيره ، ولا مانع من أن يَعمَل لما قبل الموت من المباحات بل من الواجبات والاحترازات التي تدخل في باب التوكل .
البناء في أكباد الأودية خطأ جسيم ، والسكوت عنه ممن يعلم ذلك جريمة ، والتدخل العلاجي بعد وقوع الكارثة دون إجراءات وقائية إجراء ناقص مثلوم ، فالوقاية عمل توكلي شرعي وحضاري واقتصادي وتنموي ينادي به المنطق. وهو منهج العقلاء.
ومن هذا المبدأ وجب الانطلاق نحو النظر في الأمر وتصحيح الواقع من المسؤولين والمواطنين، وتوجيه ومساعدة من لا يعلمون خطورة المآل القاسي، بل وتبصيرهم بما سيترتب على مكوث الحال على ما هو عليه من كوارث متوقعة لا قدر الله. الأمر من الخطورة بمكان والروح البشرية غالية عند الله قبل خلقه .
والله حَفِيُّ بالمقصد .

علي بن محمد بن هشبول
بواسطة : علي بن هشبول
 0  0  8197