×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

خطر يداهمنا ويهدد حياتنا واقتصادنا الوطني


خطر يداهمنا ويهدد حياتنا واقتصادنا الوطني




د. عوض آل سرور الأسمري
أصبح التقليد والغش التجاري المتفشي في أسواقنا - في الوقت الراهن - ظاهرة ضحيتها المستهلك واقتصادنا الوطني. لن أتكلم عن جميع السلع. سأركز فقط على السلع الكهربائية، وعلى وجه الخصوص التركيبات الكهربائية داخل المنزل: الأسلاك، والقواطع، والمفاتيح، والقابسات الكهربائية، وكشافات الإنارة المختلفة. قضيت أكثر من شهر أطوف شوارع الرياض وطرقاته لكي أختار أجود أنواع التركيبات والسلع الكهربائية المطابقة للمواصفات والمقاييس العالمية وذات الجودة العالية. بعد عناء شديد قررت شراء بضاعة أوروبية وبأسعار باهظة التكلفة، ولكن عندما اطلع عليها أحد الباعة، والذي سبق أن سال لعابه بعد أن علم بأنني أحتاج إلى كمية كبيرة من المواد الكهربائية، وذكرت له بأنه استقر رأيي على الشراء من الشركة الفلانية، اهتزت فرائصه وغضب غضباً شديدا قائلاً: نحن أعلى جودة منهم، وأسعارنا منافسة، ومصنعنا ممكن أن يضمن لك السلع 25 سنة، أضف إلى ذلك سأعطيك تخفيضا بمقدار 20 في المائة. ذهبت إلى الشركة التي كنت قد قررت أن أتبضع منها، وقلت لمديرها: بصراحة أنا غيرت رأيي، وهذا عرض الشركة التي قررت الشراء منها. سبق وأن أخذت ثلاثة عروض إحداها بنحو 60 ألفا، أما العرضان الآخران فكانا أكثر من الضعف، نحو 130 ألفا. وذلك لكي أضمن الجودة العالية، ركزت على الشركتين ذات العروض الأعلى تكلفة. أخذني مدير الشركة بيدي وأدخلني مكتبه، وطلب مني الإنصات قليلاً، بعد أن قبل عذري. بدأ كلامه قائلاً: والله يا دكتور ما أريد إلا مصلحتك، بعد ما أتكلم معك لا تشتري مني ولكن لا تقول لأحد إني قلت لك هذا الكلام. أنا ما أخاف أحدا إلا الله، ولكن مادام إنك أستاذ في الهندسة الكهربائية، خذ عينات من بضاعة الشركة التي استقر رأيك عليها، واختبرها وستعرف النتيجة بنفسك. أما بالنسبة للضمان 25 سنة فهذا ضمان المصنع في أوروبا، ولن يعطيك ضمانا خطيا من شركته في السعودية، بل عند عودتك بعد فترة من الزمن ستجد المصنع مقفلا، أو خروج المستثمر بدون عودة.قررت تأخير تمديد وتوصيل الكهرباء إلى أن أقوم بمزيد من الدراسة. وللأسف الشديد كان كلام صاحبنا صحيحا. من أبرز المشكلات التي وجدتها الغش في التركيبات الكهربائية. إذ إن هناك مواد غير متوافقة مع التصميم السليم. نسب السبائك النحاسية والزنك غير متوافقة مع التقييس الكهروتقني والذي يهدف إلى السلامة والحد من المخاطر على النفس والممتلكات. فقد تجد أن هناك سبائك معدنية مطلية بالزنك لا يمكن اكتشافها بأي حال من الأحوال, وهذا فيه تضليل وخداع للمستهلك، إضافة إلى مخاطرها المستقبلية. بل وصل الغش إلى ما يسمى بالقاطع الكهربائي والذي هو العنصر الأساسي للحماية في منازلنا ومكاتبنا ومصانعنا. هناك مواد وتركيبات كهربائية مطابقة من حيث العناصر والمواد الداخلة في تركيبها، ولكن المصانع المنتجة لا توجد لديها التقنيات اللازمة لكي تختبر سلعها اختبارات دقيقة لعدم توافر الخبرة لدى المصنع، أو لكي ينتج مواد كهربائية رخيصة. أصبحت أسواقنا تعج بالمنتجات الكهربائية - المقلدة والمغشوشة - من كل حدبا وصوب، وهذا سيعود علينا بالخطر وعلى اقتصادنا الوطني بالدمار والخسارة، إضافة إلى أموالنا المهدرة. أنا لا أتكلم عن المنتجات الوطنية التي بذلت الكثير من المال والجهد في الدراسات والتصاميم والاختبارات، وأنتجت لنا كثيرا من التركيبات الكهربائية التي يفخر بها كل فرد. ولكن مع انفتاح وتفشي الغش، قد تخسر هذه المصانع الوطنية، أو يلحقها شيء - لا سمح الله - من المرض المتفشي في أسواقنا. آمل أن يكون هناك وقفة حازمة من الجهات المختصة للحد من هذه الظاهرة السيئة. أما بالنسبة لي، فقد مضى أكثر من ثلاثة أشهر ولم أقرر - بعد - شراء ما أحتاج إليه من سلع وتركيبات كهربائية.
 0  0  2949