وجه الشبه بين ضفادع أستراليا القاتلة والمتسللين
وجه الشبه بين ضفادع أستراليا القاتلة والمتسللين
كنت قد أعددت نفسي لكي أكتب موضوعا جديدا في مجال تقنية الرجل الآلي وآخر ما توصل إليه العلم في هذا المجال، ولكن أجبرتني خواطري وأفكاري نتيجة للظروف الحالية التي تمر بها بلادنا الحبيبة على حدود اليمن وما يحصل هناك من أعداء الإنسانية والنجاح، أعداء التلاحم والألفة، إلى الكتابة عن هذا الحدث ومقارنته مع أحداث أخرى أشد ضراوة وأكثر خطر، ولكن تكاتف المواطنين وعزمهم وإصرارهم على ردع المعتدي مكنهم من إجهاضه مخططاته والقضاء عليه. نحن نتعامل مع مخلوقات غريبة لا يمكن التنبؤ بما تعمل. ولكننا نعرف تمام المعرفة أن الخراب والدمار والتخلف والفرقة عقيدتها. كذلك نعلم أن من ليس له خير في أهله فلن يكون له خير للآخرين. هم عدو وطنهم وشعوبهم وينهشون في وحدته. فمن باب أولى أن يكونوا أعداء للجميع. وخصوصاً الجار الصادق الناجح العادل لأن هذه المبادئ ضد عقيدتهم وليست من مذهبهم ولا من أخلاقهم.
أورد في مقالي هذا قصة علمية قد تكون أبلغ من التعبير عن شعوري أو شعور أي مواطن مخلص. فيها الكثير من العبر، فقد استخدمت التقنية في دحر العدو ولكنه كان أقوى من هذه التقنيات والسموم. إذاً كيف تم القضاء عليه؟
القصة: أستطيع أن أطلق عليها «غزو الضفادع القاتلة»، هذه حقيقة وليست من نسج الخيال. تعرضت أستراليا لغزو خطير، ليس من قبل أعداء يسهل تحديد مواطنهم والقضاء عليهم, أو من قبل بشر يمكن التفاوض معهم أو تهديدهم أو التعامل معهم بالمثل. إنه غزو من كائنات يصعب معرفتها والتعامل معها. بل يصعب تحديد أماكنها، ومعرفة سلوكها. إنه غزو الضفادع القاتلة. فقد قضت على قطعان كبيرة من الماشية لأنها سامة، بل وصل مدى تأثيرها إلى الحياة الفطرية في الغابات. فقد قضت على معظم حيوانات الغابة آكلة اللحوم. فعندما تأكلها تتسمم وتموت.
بدأ العلماء بإنتاج لقاح خاصة لحيوانات الغابة ولكنه لم يفد. حاولت إحدى المدن في شمال أستراليا عمل سياج طبيعي وخنادق عميقة لكي تصيد هذا العدو الخطير ولكن فوجئ سكان المدينة بوجود كم هائل منها في وسط المدينة.
كيف وصلت إلى وسط مدينتهم؟
ببساطة تمكن زوجان (ذكر وأنثى) من التخفي داخل إحدى المركبات التي نقلت الزوج أكثر من 80 كيلو. بعد ذلك أنتج هذا الزوج عشرات الآلاف في فترة قصيرة جداً. من هنا بدأ يدق ناقوس الخطر. وأصبحت هذه المقاطعة مثلها مثل جاراته من المقاطعات يهددها الخطر. ولكن تصميم أبناء المقاطعة وتكاتفهم قلب المعادلة لصالحهم. صمم الجميع على المشاركة في قتال هذا العدو الغاشم الذي لا يرحم إنسانا ولا حيوانا.
وضعوا عدة عناصر وشروط - يجب أن يتبعها كل مواطن - للخلاص من هذا العدو الآثم.
الشرط الأول: أن يكون هناك فحص شديد للمركبات على حدود الولاية ومن يتضح أنه قد نقل هذه الضفادع إلى داخل الحدود، فإنه يغرم ويسجن ويدفع جميع الخسائر التي تسبب فيها.
الشرط الثاني: مشاركة الجميع في صد هذا العدو الخطير. اتفق أبناء المقاطعة جميعاً بالوقوف صفا واحدا وفي وقت واحد على حدود المدينة المهددة والقضاء على جميع الضفادع المتسللة. بعد فترة قصيرة من الزمن، تمكن أبناء المدينة من صيد أكثر من 700 ألف ضفدعة. بل استطاع علماء هذه المدينة بناء على خبراتهم السابقة - الاستفادة من هذه الضفادع وتحويلها إلى سماد طبيعي لا يقدر بثمن.
الحقيقة لم أتطرق إلى التفاصيل العلمية بالكامل، ولكن ما يهمني هو الدرس الذي يجب أن نتعلمه من هذه القصة العلمية. ضفادع أستراليا المتسللة أصعب من المتسللين، واستطاع أبناء المقاطعة من القضاء التام على هذه الضفادع بقوة التصميم والإرادة والإخلاص. فنحن من باب أولى يجب أن نقضي على من أراد أمننا وبلادنا بسوء لوطنه معاقبة من يساعد المتسللين معاقبة صارمة. لأنه صديق الضفادع المتسللة، وعدو آثم لوطنه.
بقلم أ.د عوض آل سرور الأسمري