×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

فراق الأخوة والاصدقاء

الحمد لله القائل: " كل نفس ذائقة الموت".
والصلاة والسلام على رسولنا الأمين وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان، وبعد:
فالدنيا أجل محتوم، وسير إلى الموت ليس فيه اعوجاج.
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب ... متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
والموت موعظة بليغة، وكفى بالموت واعظا.
ويقول بعض السلف: من لم يردعه القرآن والموت فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع.
والدنيا قنطرة للآخرة، والسائر العاقل فيها يعدُّ نفسه فيها من الغرباء الراحلين، وفي الحديث: «كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيلٍ».
ولا بد من الانتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، ومن دار التعب إلى دار الهناء، ومن دار العمل إلى دار الجزاء. فالعاقل من عرف حقيقة هذه الدار، فاشتغل بالتزود للرحيل، وبالتأهب للمسير، فلا مطمع للخلود في هذه الدار، وقد رحل منها الأنبياء والصالحون والأبرار.
في هذ الموقف قد نحتاج إلى كلام عن فراق الأخوة والاحباب ليشفي ما في النفس من آلام هذا الفراق، وقد يكون عونا للصبر وتحمل مصيبة الفقد.
ومِنْ أبلغ ما قيل في ذلك كلمة الإمام أحمد رحمه الله: «إذا مات أصدقاء الرجل ذل».
أقول ذلك وقد اخترمت المنية الأخ والصديق ورفيق الدرب والعمر:
فايز بن رامس رحمه وغفر له.
وعلاقتي بهذا الرجل الشهم، الورع، العفيف، تمتد لإكثر من (٣٠) عاماً، ولم يحصل ما يكدر هذه العلاقة، بل كانت الأيام تزيدها رسوخاً وثباتاً فلله الحمد والمنة.
عرفته مجتهدا في عمله، حريصا على طلابه، محبا للعاملين معه ومقدرا لهم تقديرا كبيرا.
عرفته متغافلا عن زلات الآخرين، والتغافل هو الحياة.
عرفته بكلماته الوعظية التي تنساب للقلوب إنسيابا.
عرفته خطيبا لجامع قريته ما يقارب (٣٠) عاما محتسبا لوجه الله.
عرفته مصلحا اجتماعيا، انهى كثيرا من المشاكل والخصومات دون ضجيج.
عرفته صاحب دعابة لطيفة وابتسامة جميلة.
عرفته عفيف اللسان عن الكلام في أعراص الناس.
عرفته ناظما للشعر - وإن كان مقلا- شعرا في معانية الحكمة والوعظ.
فرحمه الله رحمة المتقين الأبرار.


كتبه/أبو أنس عبدالله بن سالم
 0  0  470