اتفاق القاهرة جاء في الوقت الضائع
لقد تأخر كثيرا اتفاق القاهرة لحل الخلاف الليبي كما أنه كان خاليا من أي ردة فعل عملية للتصدي للتدخل التركي في الشأن الليبي حتى أصبح الوجود العسكري واقعا على الأرض الليبية وبدأ فعلا يرجح كفة قوات السراج وميليشياته وبالقطع الدول الكبرى تبارك وتدعم هذا التدخل الاستعماري التركي في الشأن العربي الليبي والسيطرة على مقدراته النفطية والاستثمارية وتوطين الميليشيات والأخوان في مفاصل ليبيا وتبقى ليبيا مكانا آمنا للإرهابيين ونقطة ارتكاز للانطلاق على دول شمال إفريقيا العربية لإسقاطها في وحل الاحتراب وتمزيق الصفوف ونشر العداء بين الدول الشقيقة.
ما يحدث في ليبيا تطبيقا عمليا لما حدث في سوريا ولكنه في ليبيا سوف يكون كارثيا على الشعب الليبي وعلى شمال إفريقيا كما قال أردوغان إن لتركيا إرث عثماني في دول شمال إفريقا قبل 800 سنة ولن يفرط فيه.
ليبيا لها حدود مع أربع دول عربية بالإضافة الى جمهورية النيجر وجمهورية تشاد وبالتالي فإن إطالة الاحتراب في ليبيا سوف يطول كل المدن الليبية ويقضي على البنية التحتية و تنتقل شرارتها الى الدول العربية المجاورة، وتبنى القواعد العسكرية التركية في المواقع الإستراتيجية الهامة على الأراضي الليبية و تتحكم في الاقتصاد الليبي وعائدات النفط تعود للخزينة التركية والدول الكبرى كما هو حال الخزينة القطرية الممول الرئيسي للقوات التركية والمليشيات والدواعش في ليبيا ويبقى الشعب الليبي يلوك الحصرم تحت رحمة ميليشيات الدواعش والإرهابيين هذا هو السيناريو للتدخل التركي في ليبيا , وبكل أسف لا نتدخل إلا في الوقت الضائع ثم ينتهي بنا المطاف الى مؤتمرات تندد وتستنكر وتطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإنهاء هذه الحرب بالطرق السلمية وأي سلم والحرب مستعرة على الأراضي الليبية وهذه المؤتمرات تطيل أمد الحرب وينتهي بها الأمر الى طريق مسدود ثم نتباكى على اللبن المسكوب كما يقال وتؤكل ليبيا كما أُكِل الثور الأبيض.
وبكل أسف أن مؤتمر القاهرة لن يغير في استراتيجية تركيا في ليبيا ولن يجد أذنا صاغية من السراج وميليشياته ولن تتوقف قطر عن تمويل الإنكشارية التركية والسراج وزمرته وبالتالي تستمر تركيا في قتل الشعب الليبي وقضم الأراضي الليبية بتمويل قطري , والتمدد على دول شمال إفريقيا.
كنت أتمنى أن المؤتمر انتهى بتوصيات قوية وأن مصر لن تقف متفرجة وأن قواتها سوف تتدخل فورا للتصدي للمستعمر التركي وحماية الأمن القومي المصري والعربي، وأن الأمة العربية سوف تكون الى جانب مصر بكل الحزم والقوة لدحر تركيا وميليشياتها ،وإنهاء مهمة المندوب الدولي غسان سلامه لأنه أحد أهم عوامل إذكاء الفتنة في ليبيا وإطالتها، وترك الشعب الليبي يعالج الموقف بالتوافق لحل خلافاته ولن يعدموا الحكمة ولن يعدموا الحل بعيدا عن الميليشيات والدواعش والإخوانجية وانكشارية أردوغان والعملاء الأجراء , والله المستعان .
صالح حمدان