كورونا.. دروسٌ وعبر
ـ كانت مدينة ووهان الصينية هي نقطة الانطلاقة الحقيقية لبدء انتشار فيروس كورونا، فوسائل الإعلام العربية والعالمية انبرت لنقل أخبار هذا المرض وبشكل يومي.
ـ بغض النظر عن أسباب ومسببات المرض، سواء كانت حرب بيولوجية كما يروج لها إن صحت التسمية، أو بسبب أكل ملوث في المدينة الصينية ابتداء كسبب آخر.
ـ نحتاج إلى وقفة تأمل لما نحن فيه الآن، وما كنا فيه سابقاً، نعم نحن مازلنا بفضل الله ورحمته في خير وأمن وأمانٍ وصحةٍ واطمئنان، لكننا فقدنا أو افتقدنا إلى أمورٍ ربما لم نعرف قيمتها ولم نحس بها إلا عندما عشنا مرارة فقدها هذه الأيام ألا وهي:
الذهاب للمساجد بعد كل نداء للصلاة.
أصوات المساجد تعج بالصلاة في المدن والأحياء والقرى.
سماع خطب الجمعة وما فيها من الآيات والعظات والتذكير والدعاء.
الخروج من المنزل لقضاء الحاجيات متى ما رغبت دون حدود أو قيود.
خلو المسجد الحرام بمكة المكرمة من المعتمرين والطائفين وكذلك مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في منظرٍ مؤلم لم نعهده إطلاقاً.
انقطاع الزيارات والتواصل بين الأهل والأقارب والأحبة والأصدقاء والجيران.
توقف التعليم بشكل كامل والجهات الحكومية والقطاع الخاص، إلا الجهات الخدميه المستثناه، وغيرها من الأمور.
ـ إذا نحن كنا في نعمٍ كثيرة لا تعد ولا تحصى، نحمدالله تعالى ونثنى عليه أولاً وآخراً ودائما وأبدا، ومازلنا ولله الحمد والفضل والمنة، حتى بعد كل هذا، ننعم بالكثير من النعم الجليلة والكبيرة التي هناك من حُرموا من أبسطها وأدناها.
ـ هذا الوباء أو هذه الجائحة كما صنفته منظمة الصحة العالمية قد يكون ابتلادء ودرس وامتحان لنا جميعاً من ربنا وخالقنا سبحانه وتعالى قال جل وعلا: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات .. الآية" (البقرة 155)، وقال سبحانه "إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً .. الآية" (الكهف 7)
وقال سبحانه "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن .. الآية" (الفجر 15)
رب ضارةٍ نافعة.. فهذا الوباء قد يكون بمثابة جرس إنذار لنا، لنعود لربنا ونتوب من ذنوبنا، ولعلها فرصة كبيرة وسانحة للدعاء والاستغفار والابتهال للمولى جلت قدرته أن يلطف بنا جميعاً وأن يقي بلادنا وبلاد المسلمين عامة شر الأمراض والأوبئة، والحمدلله على كل حال.
بصراحة
ـ انكشف زيف وكذب ما يسمى بالدول العظمى أو الدول التي ما فتئت تتبجح بحقوق الإنسان، فهاهم مسؤولي هذه الدول يتبرأون من مواطنيهم ويتركونهم عرضة لهذا الوباء ليفتك بهم، بل حتى من هم خارج دولهم ابلغوهم بأن عليهم أن يذهبوا للجمعيات الخيرية أو غيرها ليطلبوا المساعدة منهم، أما بلاد الحرمين الشريفين فقد وجه قائدها وملكها سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، بأن يتم علاج المواطنين والمقيمين وحتى مخالفي الإقامة مجاناً، أما منهم خاج الوطن فهيأت الفنادق الفخمة لاستضافتهم على نفقة الدولة في جميع دول العالم.. حفظ الله وطننا وقيادتنا وأدام علينا الأمن والاستقرار.
ـ الدولة، وفقها الله، تجتهد والجهات المسؤولة والصحية تحذر ووضعت القوانين وحددت الأوقات المسموح بها لمن أراد الخروج لأمر طارئ، ومع ذلك نرى نماذج أقل ما يقال عنها أنها غير مسؤولة وتستحق تطبيق أقصى العقوبات.
ـ المقاطع التي أظهرت أشخاص يقومون بتلويث النقود المعدنية أو العربات أو غيرها، إن كانوا من أبناء البلد فلا أقل من تطبيق عقوبة صارمة بحقهم ليكونوا عبرة لغيرهم، وإن كانوا من غير أبناء الوطن فلا أقل من ترحيلهم وإبعادهم عن البلد.
ـ تتحد المواقف والرؤيا في هذه الأزمة، سواء دوليا أو حتى محليا، فالجهات الداخلية تعمل من أجل التصدي والوقوف في وجه هذه الجائحة وتخفيف ضررها ما أمكن، إلا أن هناك بعض رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص كالبنوك والكهرباء وغيرها مازالت تقف موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنيها.
ـ نحن مقصرون في حق الله تعالى، ومن كرمه ورحمته علينا سبحانه أنه حتى مع ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، إلا أنه سبحانه "يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل" أو كما قال عليه الصلاة والسلام.. فلنحسن الظن بربنا وندعوه ونلجأ إليه، فالله خيرٌ حافظا وهو أرحم الراحمين.
خاتمة
اللهم اكشف عنا هذا الوباء، يا عالم كل خفية، يا صارف كل بليّة، ندعوك بما اشتدت به فاقتنا وضعُفت قوتنا، وقلت حيلتنا، اللهم ارحم ضعفنا وتداركنا بعفوك ومنك وكرمك، اللهم نتوسل إليك باسمك العظيم فرج عنا ما أمسينا فيه وما أصبحنا فيه.
اللهم إن كان هذا الوباء والبلاء بذنبٍ ارتكبناه أو أثمٍ اقترفناه أو وزرٍ جنيناه أو ظلمٍ ظلمناه أو فرضِ تركناه أو نفلٍ ضيعناه أو عصيانٍ فعلناه أو نهيٍ أتيناه أو بصرٍ أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يا رب ولا تطل علينا مداه.. آمين.
عامر الشهري
Am_alshry@hotmail.com