×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

هل أصبحت كرة القدم ظاهرة عالمية

ابو فراج
بواسطة : ابو فراج

كرة القدم لم تعد مجرد لعبة تسلية أو لقضاء وقت الفراغ ، ولم تعد أيضا تمرينا جسديا خالصا ، فعلى المستوى الفردي أصبحت كرة القدم نشاطاً إنسانياً بارزاً ، له سحره الخاص ، حتى أن بوسع هذه اللعبة أن تغير من حال الذي يتعامل معها ، تحول الغرباء إلى أصحاب ، وتجعل الآلاف بل الملايين عائلة واحدة تشجع فريقا معينا ، ويتوحد شعورها نحوه في اللحظة نفسها ، عابراً الهويات السياسية الاخرى ، بل يمكنها أن تحول التعساء إلى سعداء والعكس ، والسبب الرئيسي في انتشار هذه الظاهرة هي وسائل الإعلام الحديثة مسموعة ومرئية وكافة وسائل التواصل الاجتماعي من انترنت وغيرها ، هذا بالضبط ما يفسر ظاهرة كرة القدم كما نراها اليوم ، اللعبة قديمة ومعروفة بأشكال مختلفة ، لدى كل الشعوب وفي كل العصور ، ولكنها لم تصبح لعبة مثيرة لهذه الدرجة إلا في عصر الجماهير الغفيرة ، لم تصبح أكثر إثارة لمجرد أن الاعبين اصبحوا أكثر مهارة ، و لكن لمجرد أنهم اصبحوا أكثر شهرة .. ليس بسبب ذكاء غير عادي أو درجة غير مألوفة في سرعة الحركة أو اليقظة . ولا لكونهم بارعين في مجال العلوم فأغلب محترفي هذه اللعبة وممارسيها الرسميين لايجيدون القراءة أو أصحاب تعليم دون المتوسط ، وظاهرة التألق الكروي والضعف التعليمي لاتقتصر على دول دون أخرى بل تمتد إلى الساحات العالمية ، التي شهدت صعود نجوم بل مولد أساطير في مجال كرة القدم وهم لم ينالوا قسط من التعليم وعلى رأسهم الأسطورة البرازيلي (بيليه) ومواطنه رونالدينو الذي فضل الكرة على التعليم ، وكرس حياته للساحرة المستديرة بعمر الـ8 سنوات والنجم الايغواري (ديدييه) والأسطورة البرتغالي كريستانو رونالدو الذي اعترف أنه تعرض للطرد من المدرسة صغيراً لإلقائه أحد المقاعد على معلمه ، الحادث الذي برره رونالدو بأن المعلم أهانه . وقس على ذلك كثيرا في ملاعبنا السعودية والعربية وهذه الظاهرة تحمل صبغة اجتماعية واقتصادية فكرة القدم تاريخيا هي لعبة (الفقراء) الذي يقاومون مظالم الدنيا بمواهبهم الكروية ، وكل نجوم الكرة الكبار جداً كانت طفولتهم قاسية تفيض بالحرمان والألم ، ومنحتهم الموهبة الكروية الثأر من كل ذلك دون الحاجة لأي أسلحة أخرى تساعدهم وتمدهم بالقوة ، ومع وصول نجوم الكرة لأحلامهم في عصرنا الحالي فهم لايحتاجون إلا للتعليم الأساسي للقدرة على القراءة ، والمتابعة البسيطة لأمور الحياة ، حيث بات ترتيب أمور الفعاليات واللعب من مهمة وكلاء اللاعبين ، فهم الذين يتابعون أو يتفاوضون ، ويبحثون ، ويخططون ... والمنتخب الوحيد الذي أبهر العالم بتأهله لنهائي بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 2016م هو الاستثناء الأكبر لظاهرة الخصومة بين الكرة والتعليم لأنه يضم في صفوفه (5) لاعبين أطباء بشريين ، بينما المدرب (هبيمير هالجريمسون) كان يعمل هو الآخر طبيب أسنان ، لذلك نجد أنه على المستوى الكلي صارت الكرة مع الأيام (ظاهرة اجتماعية متكاملة الأركان) تعبر في جانب منها على سيكولوجية شعب معين ، لتكشف لنا عما إذا كان متراخيا كسولا ، أو متفائلاً مثابراً ، لايسلم بالهزيمة ، ولا يعرف اليأس ، ولهذا يمكن أن ينظر إليها أو استعارتها حتى ولو كعنصر مساعد في تحليل الشخصية القومية ، لاسيما مع ندرة الدراسات العربية في هذا الخصوص .
وفي كرة القدم فقط يمكن لفريق محدود الامكانيات أن ينتصر على فريق يمتلك قدرات هائلة وشاهدنا ذلك في كثير من المنافسات التي تجري محليا وعالميا ، وفي كرة القدم متساوين في العدد ، وزمن نزالهما محدد لايتم تجاوزه إلا بمقدار ما يضيع من الوقت ، وبينهما حكم يتحرى العدل والإنصاف على قدر ما تسعفه قدراته البشرية ، وفوقهما لوائح انضباط ، وتقع المنافسة على الهواء أمام جمهور يتابعها مباشرة من المدرجات أو أمام الشاشات ، وهو أيضاً حكم عن اللعب .. كما أنها اصبحت ظاهرة عالمية فقد تشوبها كثير من الأشياء غير المحببة كالمراهنات وخلافها ، كما أن روادها في عصرنا الحالي من اللاعبين أساؤوا للشباب والناشئة بشكل عام في بروز تقليعات سخيفة لا تتفق والذوق العام وخاصة الشباب العربي والنشء الصغير الذي أصبح لا هم لديهم غير تقليد أصحاب هذه التقليعات المضحكة والتي لاتزيد اللاعب شهرة بل ازدراء وكذلك من يتبعها من الشباب وخاصة الأجيال الحالية .. رغم أن شباب الغرب أصبحوا يتخلون عنها وتمسك بها شبابنا وهي بادرة سيئة للغاية افرزتها لنا هذه المستديرة .. ولدي كلام كثير حول هذه الظاهرة ، آمل أن استطيع استكماله في مقالة أخرى وكل عام ومنتخبنا ينافس على كل البطولات بدون تقليعات تشوه اسمه وصورته لأنه يمثل بلد إسلامي عظيم يجب أن يكون شبابه قدوة لكل الأمم ....



عقيد (م )/ محمد بن فراج الشهري
alfrrajmf@hotmail.com
بواسطة : ابو فراج
 0  0  536