×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

ورشة عمل.. وتصريح مسؤول

ورشة عمل.. وتصريح مسؤول





بقلم /د. عوض بن خزيم بن سرور
يا ترى هل ستسهم ورشة العمل التي نظمتها شركة المياه الوطنية في الهجرة المعاكسة؟


نظراً للدور بالغ الأهمية الذي يلعبه الماء في ظاهرة الحياة ودوره في توزيع الكثافة السكانية على أرض الوطن،ولما لهذا التوزيع من آثار إيجابية وسلبية في أرض الواقع، إذ إن هناك قرى ومراكز هجرها أصحابها لقلة الماء وقلة مصادر الرزق، وكثرة العمالة السائبة التي جعلت الناس يرضون بالعيش في المدن، رغم وجود بعض المشكلات، على أن يعيشوا في قراهم التي أصبحت وطنا للغرباء.

لن أتكلم عن هذه المشكلة، ولكن ألزمت نفسي أن أفرد مقالاً خاصاً نبين فيه بعض الحقائق المتعلقة بصناعة المياه في المملكة والدور الذي تلعبه هذه الصناعة في توزيع الكثافة على أرض الوطن مصداقا لقوله تعالى ''وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ أفلا يؤمنون'' الأنبياء 30.

ضمن فعاليات المنتدى السعودي للمياه والطاقة نُظِمت ورشة عمل عن الاستثمارات للمياه والصرف الصحي. الهدف من هذه الورشة طرح ومناقشة مشاريع مستقبلية للاستثمار في مشاريع البنية التحتية من قبل الشركات المحلية والعالمية لتطوير قطاع المياه في المملكة.

مما لا شك فيه أن شركة المياه الوطنية نفذت عددا كبيرا من المشاريع الوطنية والاستراتيجية على مستوى الوطن. كذلك هناك مشاريع ـ حالية ـ تحت التنفيذ لا تقل أهمية عن تلك التي تم تنفيذها، ولكن عند قراءتي خبرا بعنوان ''المياه الوطنية: 145 مشروعا قائما بـ 18 مليارا.. وأخرى جديدة بأكثر من عشرة مليارات''، فرحت فرحا شديدا، ولكن عند تفصيل الخبر ذكرت الشركة أن المشاريع الحالية ـ تحت التنفيذ ـ توزع في مدينتي الرياض وجدة بتكلفة تصل إلى 18 مليار ريال ومشاريع مستقبلية يزمع تنفيذها في المدينتين خلال السنتين المقبلتين بتكلفة تقدر بنحو عشرة مليارات ريال.

معظم من يقرأ هذا الخبر يعتقد أن المشاريع المستقبلية في مجال صناعة المياه ستتركز في مدينتي الرياض وجدة، ولن يكون هناك نصيب لباقي مناطق المملكة، وهذا يجعل الأسر القاطنة في الأرياف وبعض من أنحاء المملكة التي لا توجد فيها مصادر مياه كافية، تفكر في الهجرة إلى المدن الكبيرة، خصوصا تلك المناطق التي لا توجد فيها مياه للشرب وتعتمد فقط على المياه المنقولة لها من مناطق بعيدة ولا توجد فيها شبكات مياه، وتعتمد ـ فقط - على صهاريج النقل لسد حاجتها من مياه الشرب.

الخبر جيد ومفرح ويعكس رؤية حكومة خادم الحرمين الشريفين في الاستثمار في مجال تصنيع المياه لتوفير الراحة والرفاهية للمواطن في أي مكان من أرض الوطن.

كثير من الناس يعتقد أنه لن يستفيد من هذه المشاريع الضخمة، خصوصا مع هذا الشح الكبير في مصادر المياه الطبيعية، وقلة الأمطار، وزيادة التصحر التي تعم أرض الوطن. قد يكون هذا التصريح عاملا من العوامل المشجعة على الهجرة من الأرياف والقرى والمدن الصغيرة إلى مدينتي الرياض وجدة، وهذا بدوره سيسهم في زيادة المشكلات التي تعانيها مدننا الكبيرة.

أعلم أن المدن المجاورة والمحافظات وبعض المراكز لمدينة جدة مثل: مكة، المدينة، الطائف، وغيرها من المدن ستستفيد من هذه المشاريع استفادة كاملة. كذلك بالنسبة لمدينة الرياض ستكون مركز توزيع لمدن ومحافظات المنطقة الوسطى، ولكن ماذا عن بعض المدن الأخرى في المملكة؟ التي أنشئت فيها مشاريع جبارة ومدن اقتصادية وصناعية كبيرة وجامعات تحوي جميع التخصصات وأفرع لجميع الوزارات ومؤسسات الدولة. تهدف هذه المشاريع إلى خدمة المواطن في تلك المدن والمساعدة على بقائه في مدينته، والتشجيع على الهجرة العكسية من مدينتي الرياض وجدة وغيرهما من المدن الكبيرة.

الماء أساس الحياة ، وهو سبب هجرات القبائل والشعوب في قديم الزمان وقد يكون سبب الهجرات والحروب في عالمنا الحديث.

آمل من شركة المياه الوطنية التي حققت كثيرا من النجاحات، رغم قصر عمرها، أن تبين للمواطن مشاريعها الاستراتيجية الأخرى، وهل سيستفيد منها الجميع؟ ما المشاريع المستقبلية التي تعدها الشركة للمناطق المملكة الأخرى مثل: منطقة تبوك، منطقة نجران، منطقة عسير، والمناطق الشمالية؟

 0  0  2834