×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

العاصوف


من خلال متابعة بعض حلقات هذا المسلسل الرمضاني والتي تضمنت بعض الجرأة في تقديم صور لمجتمع هو جزء من تاريخ الوطن الجميل تظهر فيه بعض السلوكيات التي تدخل في خانة المحرمات.
وفي كل مراحل التحول التاريخي من ميلاد المملكة العربية السعودية في عام 1319,كان المجتمع السعودي بريء من كل هذه التخرصات وهذه السلوكيات التي يرفضها الدين والعرف المجتمعي, إنه جلد للذات واتهام غير مبرر لا أجيال خلت بالسذاجة والجهلة , وإن كان مجتمع غير ملائكي , لكنه بالقطع لا يقر مثل هذه المظاهر والصور المشوهة.
الصياغة الدرامية لم تكن موفقه في إدارة الأحداث في تسلسل منطقي يمكن للمتابع أن يكون صورة واضحة عن مرحلة خلت بما تحمل من تناقضات وسلوكيات سلبية أو ايجابية وإنما أحداث تراكمية تضيع فيها المعرفة ويفقد المتابع النتائج والأهداف المستخلصة من هذه الحلقات الدرامية خلال شهر رمضان المبارك الماضي وكانت المعالجات الدرامية لأحداث هذه الرواية متواضعة , وفي اعتقادي أنه لم يكن شهر رمضان مناسب لأحداث هذه الرواية لما فيها من مناظر وصور تتعارض مع قدسية هذا الشهر المبارك.
شوه هذا المسلسل الدرامي العلاقة الأسرية في فترة خلت من تاريخنا من خلال بعض التجاوزات الأخلاقية في الأسرة والقبيلة عبر حلقاته الرمضانية وكأنه في مجتمع ساذج يتقبل كل الأفكار المضللة وأنه مجتمع منفتح بلا ضوابط أمنية وأخلاقية.
والمثير للجدل مالفائدة من اجترار أحداث جهيمان وزمرته السوداء وقد تجاوزها الزمن وتم الاقتصاص من أبطالها بما يستحقونه شرعا وقانونا وطويت صفحتها الى غير رجعة ؟!!
إنه ليس من الحكمة العودة الى أحداث طواها النسيان تثير نعرات قبلية وعصبية جاهلية وأفكار متطرفة لم تعد إلا في أذهان كاتبها ومنفذها وماهي إلا إثارة لفتنة تضر بالشباب وبالعلاقات الاجتماعية.
لم يقدم مسلسل العاصوف خلال حلقاته الرمضانية أي اضاءات في تلك المرحلة من التاريخ ولم يتحدث عن أولئك الذين حافظوا على تاريخهم وتراثهم و على القيم السامية و الأخلاق والفضيلة والانتماء والولاء لله ثم للقيادة الراشدة , وقدّمهم على أنهم جماعات ساذجة تنجرف مع الأفكار المتطرفة وهذا فيه ظلم وجور لجيل كامل .
ما كان جهيمان ومجموعته إلا زمرة خرجت عن الجادة وما هم إلا امتداد لأحداث معركة السبلة عام 1347 وقد طويت صفحتهم الى غير رجعة, وكانت هذه المعركة آخر معارك الملك عبد العزيز رحمه الله الفاصلة لتوحيد المملكة العربية السعودية, وقد قال الملك عبد العزيز رحمه الله قوله المشهور قبل بدء تلك المعركة يناجي ربه : اللهم إن كنت تعلم إنني على الحق و اعمل لحفظ الدين ونصرة الإسلام والمسلمين اللهم فإني أسألك النصر) وقد تحقق له النصر بإذن الله لأنه كان صادق مع الله في مناجاته.
كلما دار من أحداث في هذا المسلسل ما هو إلا نشر للغسيل وجلد للذات وقدح في أخلاق وقيم المجتمع , ولم يقدم للمشاهد مواقف تعبر عن أصالة ذلك المجتمع وتمسكه بثوابته الدينية والمجتمعية.
وفي الختام أتمنى أن تعرض كل نصوص المسلسلات الدرامية على لجنة تعنى بالجانب التاريخي والأمني ومدى ارتباطها بقيم وأخلاق وتراث المجتمع وتجنب السلبيات التي تحيي العنصرية وتثير الفتنة في المجتمع.

صالح حمدان
 0  0  600