×

اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا.
×

الحنشل الجدد

الحنشل اجدد

الحنشل مجموعة من قطّاع الطرق المعروفين بسلوكهم العدواني المتجرد من الإيمان والطيبة ، يعيشون على النهب والغدر ولا يعرفون المبادئ أو التفاوض ؛ لأنهم أدمنوا وتشربوا مبدأ الحنشلة المنطلق من الجهل والتخلف . يعملون على التخفي ويتحينون فرص الغدر ، ويمارسون في أوقات الغفلة وحلكة الظلام موهبتهم المتمثلة في السرقة ولو كانت من أقرب الناس سائرين على مثل سابقيهم الصعاليك :
وأحياناً على بكر أخينا إذا ما لم نجد إلا أخانا
ومن المعروف عبر التاريخ أن بعض القبائل والمجتمعات بعد أن عانت من (الحنشل) أنشأت مجموعات للحماية وتأمين الطرق خاصة طرق القوافل التجارية ، ولكن مجموعات التأمين أصبحت تمارس الحنشلة بطرق مختلفة تحت غطاء وذريعة الحماية فأصبح (حاميها حراميها).
ومن البديهي في عصر المدنية بكل أشكالها وأساليبها ، أن الحنشل لن يبقون في المفازات ومفارق طرق القرى بل سيتطورون ويتغيرون ، فالواقع الحالي أن السارق لم يعُد فقط ذلك الشخص الذي يسرق مالاً أو حِرزاً من منزل أو متجر أو خلافه ، وإنما برز نوع جديد من الحنشل لهم أساليبهم وطرقهم الحديثة . وفي نفس الوقت ومع تطور الحياة ومؤثراتها المتباينة تبدلت أهداف الناس ومبادئهم وتعددت مبرراتهم ومنهم الحماة من (الحنشل الجُدد) فالحامي الجديد لم يعد ذلك الحامي الذي يتجاوز همه المصالح الشخصية إلى المصالح العامة والمحافظة على الأموال والممتلكات ، والكارثة الكبرى أنه لم يعد أحد يعرف أين الحامي من الحرامي .
لقد برزت صورة (الحنشل الجُدد) وبشكل واضح في سوق الأسهم ، وتبرز حالياً في ممارسات بيع الأراضي الوهمية وغلاء أسعار بعض السلع مثل: السيارات ومواد البناء والملابس وبعض السلع الاستهلاكية الأخرى التي يصل هامش الربحية في أغلبها إلى أكثر من 100% .
ووجَد (الحنشل الجُدد) سوقاً رائجاً لممارسة هوايتهم المطّورة في عمليات المناقصات والمنافسات في الأجهزة الحكومية ، والتي تتلاقف هذه المناقصات الكثير من الأيدي، حتى تصل إلى المؤسسة الأضعف والتي تنفذ المشروع بشكل بطيء ومليء بالعيوب ، فيتم بعد ذلك استنزاف المال العام في مناقصات وعمليات جديدة يشترك فيها (الحنشل الجدد) للصيانة والترميم ، كما يتم التحايل على نظام تأمين مشتريات الحكومة واحتكار عقود المؤسسات الخدمية . ومما يؤسف له أن هذه الممارسة أصبحت عادة وطبيعة لدى البعض تُساق لها الكثير من المبررات الوهمية والخاطئة مثل : العمولة ، والسمسرة ، أو أن الكل يأكل ، ناسين أو متناسين علام الغيوب ومحصي مثقال الذرة.
إننا نعيش تنمية كبيرة في كل مدينة من مدن بلادنا الحبيبة تحتاج إلى صونها ومنع التأثير السلبي على أداءها بكل الطرق والأساليب الصارمة ، وإخضاع المخالفين للمساءلة والعقاب ؛ حفظاً للمال العام ومنعاً من تفشي أو توريث (الحنشلة الجديدة).


بقلم الأستاذ. زهير عبد الله الشهري

هذا المقال منشور للكاتب في صحيفة الوئام الإلكترونية
 0  0  7608